توالي الإدانات ودعوات لملاحقة قضائية للجناة وعشرون وسيلة للتعذيب في أمريكا
هوية بريس – وكالات
الخميس 11 دجنبر 2014
تزايدت الدعوات أمس الأربعاء في الولايات المتحدة والعالم إلى رفع دعاوى قضائية بعد الكشف عن استخدام التعذيب من قبل وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي)، وإن كان من غير المرجح أن تسلك إدارة الرئيس أوباما هذا الطريق.
وفي الوقت الذي اطلع فيه الأميركيون على تقرير مجلس الشيوخ الأميركي عن استخدام التعذيب في استجواب العشرات من المعتقلين في سجون “سي آي أي” نبهت وزارة العدل مسبقا إلى أن هذا الملف قد أغلق.
وأوضح مسؤول في وزارة العدل لوكالة الصحافة الفرنسية -طلب عدم ذكر اسمه- أنه “لا توجد أي معلومات جديدة” في التقرير الذي نشر أول أمس الثلاثاء تختلف عن تلك الواردة في “التحقيق المعمق” الذي جرى عام 2009. وقال “إننا عند قرارنا الأول بعدم رفع دعاوى جنائية”.
وأوضح المسؤول الأميركي نفسه أنه بعد تحقيقين أجراهما المدعي الفدرالي جون دورهان عام 2009 تخلت وزارة العدل عن إقامة أي ملاحقة قضائية، لأن “الأدلة غير كافية للحصول على إدانة لا تشوبها شكوك منطقية”. وأضاف أن “تحقيقنا يقتصر على معرفة ما إذا كانت جرائم يمكن ملاحقتها قد ارتكبت”.
غير أن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد الحسين اعتبر أن “اتفاقية التعذيب شديدة الوضوح، ولا توجد أي ظروف استثنائية يمكن أن تبرر التعذيب”.
تنديد
وقد أثارت المعلومات التي تضمنها تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ردود فعل مستنكرة في العالم مع مطالبة واشنطن بالتحرك إزاء هذا الأمر، فقد نددت برلين بـ”انتهاك خطير للقيم الديمقراطية” كما أكد وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير في حديث ينشر اليوم الخميس.
واعتبر الاتحاد الأوروبي أن هذه المعلومات “تثير تساؤلات مهمة بشأن انتهاك حقوق الإنسان من قبل السلطات الأميركية والعاملين في وكالة الاستخبارات” كما علقت المتحدثة باسم الجهاز الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي كاترين راي.
من جانبه، قال مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بن إمرسون إن “المسؤولين عن هذه المؤامرة الإجرامية يجب أن يحالوا إلى القضاء”.
وأعرب الرئيس الأفغاني أشرف غني عن استنكاره، منددا بـ”أعمال غير إنسانية” لمسؤولي المخابرات الأميركية أثارت “دائرة مفرغة” من العنف في خضم هجمات 11 سبتمبر 2001.
وإيران التي تواجه بانتظام تنديدا في الأمم المتحدة لعدم احترامها حقوق الإنسان وصفت في تغريدة على تويتر الولايات المتحدة بأنها “رمز الطغيان على البشرية”.
من جهتها، طالبت كوريا الشمالية مجلس الأمن الدولي أول أمس الثلاثاء بإدانة الولايات المتحدة، واعتبرت أن ما كشفه التقرير يشكل اختبارا جديا لمصداقية المجلس.
وأعلنت الرئاسة الليتوانية أمس الأربعاء أن ليتوانيا على استعداد “لتحمل مسؤوليتها” إذا كانت بلادها استضافت مركزا للاستجواب تابعا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
واعتبر إدوارد سنودن -الذي كشف معلومات سرية عن حجم برنامج المراقبة الأميركي- أن أساليب التعذيب التي استخدمتها الاستخبارات الأميركية “جرائم لا تغتفر”، وذلك في مؤتمر صحفي بالفيديو في باريس.
وتتهم “سي آي أي” -التي تعترض على نتائج التقرير- أيضا بإخضاع 39 معتقلا لتقنيات استجواب شديدة القسوة بعضها لا تقره السلطة التنفيذية.
وتعليقا على ذلك قال الرئيس الأميركي باراك أوباما “لا توجد أمة مثالية”، مضيفا “لكن إحدى نقاط قوة أميركا تتمثل في رغبتنا في أن نواجه صراحة ماضينا وأن نواجه عيوبنا ونجري التغيير لتحسين أنفسنا”.
اتحاد الحريات الأميركية اعتبر أن “التراث الذي سيتركه أوباما في مجال حقوق الإنسان لأميركا والعالم يتوقف على الطريقة التي سيحقق بها العدالة للذين تعرضوا للتعذيب”.
وردا على ذلك قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست أمس الأربعاء “ليس رئيس الولايات المتحدة هو الذي يجب أن يجري تحقيقا جنائيا بشأن تصرفات شخص يعمل في سي آي أي، هذه مسؤولية المدعي الفدرالي”.
محاسبة
وحثت عدة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان ومحامون واشنطن على إجراء محاسبة على هذه الأعمال ومحاكمة مسؤولي “سي آي أي” المشاركين في هذا البرنامج.
وقال مدير “هيومن رايتس ووتش” كينيث روث “يجب عدم وضع تقرير مجلس الشيوخ على الرف أو في أسطوانة مدمجة، لكنه يجب أن يستخدم كأساس لتحقيق جنائي بشأن استخدام وسائل تعذيب من قبل مسؤولين أميركيين”.
كما دعت منظمة “كيدج” البريطانية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى ملاحقات قضائية، مؤكدة أنه “توجد في هذا التقرير أدلة دامغة تبرر رفع دعاوى قضائية”.
وأعرب ديفد نيفن -محامي خالد شيخ محمد الذي تعرض لأشد صنوف التعذيب حسب تقرير مجلس الشيوخ- في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية عن الأسف، لأن “لا أحد في الحكومة تحمل المسؤولية عن هذه الانتهاكات الواضحة للقانون الأميركي والدولي”.
واعتبر اتحاد الحريات الأميركية أنه باتخاذ بعض الإجراءات الفورية “يمكن لإدارة أوباما البدء في إصلاح التجاوزات التي ارتكبت باسمنا”، مطالبا بتعيين مدع عام خاص للموضوع.
عشرون وسيلة تعذيب استخدمتها المخابرات الأميركية
استعرض تقرير مجلس الشيوخ الأميركي أساليب التعذيب التي استخدمتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.أي) ضد سجناء اعتقلوا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 بشبهة “الإرهاب”. ويشمل ذلك مختلف صنوف الاعتداء الجسدي، وانتهاك الكرامة البشرية.
ومن أبرز أساليب التعذيب الواردة بالتقرير -الذي صدر أمس- الإيهام بالغرق، والضرب، والتهديد بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتهديدات بالاعتداءات الجنسية، والإذلال.
وفي ما يلي عرض لتلك الأساليب، وما سببته من أضرار بدنية للسجناء الذين كانوا معتقلين في سجون مختلفة -بعضها سري- داخل الولايات المتحدة وخارجها، ومن بينها سجن غوانتانامو في خليج كوبا.
الغرق والموت
استخدم محققو وكالة المخابرات الأميركية أسلوب الإيهام بالغرق ضد السجناء، وتسبب لهم ذلك في تشنجات وقيء. ومن بين السجناء الذين تعرضوا للإيهام بالغرق أبو زبيدة، وهو مواطن سعودي محتجز في معتقل غوانتانامو، ويعتقد أنه عضو في تنظيم القاعدة.
ولحقت أضرار بأبو زبيدة أثناء تعرضه للتعذيب بهذه الطريقة، كما أن الكويتي خالد شيخ محمد -الذي يعتقد أنه قيادي في القاعدة- “قارب الغرق” كما ورد في التقرير. وفي الإطار نفسه، تعرض معتقلون للتخويف بأنه سيتم قتلهم ودفنهم، حيث يأتيهم المحققون بتوابيت للتدليل على صحة التهديد.
خفض الحرارة
أشار التقرير إلى أسلوب خفض درجة الحرارة في إحدى زنازين سجن في “كوبالت”، ويرجح أنه ساهم في وفاة أحد المعتقلين. كما أن رئيس الاستجوابات وصف هذا السجن بأنه “حصن”، في حين ذكر مسؤول آخر كبير في وكالة المخابرات أن “كوبالت” في ذاته تقنية معززة للاستجواب. وكان يتم تعريض المعتقلين لحمامات مليئة بالماء المثلج.
النوم والعزل
أُجبر المعتقلون على البقاء مستيقظين لمُدد تصل إلى 180 ساعة. ويظلون خلال هذا الوقت واقفين، وأحيانا تكون أيديهم مقيدة فوق رؤوسهم. وبسبب هذه الممارسة، تعرض خمسة معتقلين لاضطرابات، ولم يمنع ذلك عملاء الاستخبارات الأميركية من الاستمرار في هذا النهج.
وزيادة على ذلك، كان يتم إبقاء معتقلين وسط ظلام تام في زنازين معزولة لفترات طويلة، حسب ما جاء في تقرير مجلس الشيوخ. وكانت الموسيقى والضجيج أيضا من وسائل التعذيب.
الاعتداءات الجنسية
وفقا للتقرير، وجه مسؤولون في وكالة المخابرات تهديدات لمعتقلين بإيذاء ذويهم، بما في ذلك تهديد أحد المعتقلين بالاعتداء جنسيا على والدته، وتهديد آخر بنحر والدته.
تعميق الإصابات
في مخالفة لالتزاماتها تجاه وزارة العدل، صدرت تعليمات من مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للمحققين بالمضي في الاستجواب العنيف لمعتقلين رغم أن أوضاعهم الصحية لا تسمح بذلك.
وعلى سبيل المثال صدرت توجيهات بأن استجواب أبو زبيدة مقدم على رعايته الصحية، وهو ما أدى إلى تدهور جرح ناتج عن رصاصة أصيب بها أثناء اعتقاله.
وتعرض معتقلان آخران على الأقل لمعاملة مماثلة رغم تحذيرات طبية بأن تلك الأساليب يمكن أن تسبب تفاقم الإصابات الجسدية للمعتقلين، وفقا للتقرير.
الإذلال
شمل ذلك إجبار سجناء على المشي عراة، كما كان يقع جرهم خارج زنازينهم. وكان يتم تمزيق ملابس المحتجز وجره ذهابا وإيابا عبر ممر بينما يتم ضربه. كما شمل صفعهم وركلهم.
ومن وسائل الإذلال الأخرى إجبار معتقلين على لبس “حفاظات” ومنعهم لفترات طويلة من الذهاب إلى دورات المياه، والقصد من ذلك إذلالهم.
الإجهاد
من أساليب التعذيب الأخرى التي استخدمها محققو وكالة المخابرات إجهاد السجناء بطرق مختلفة أثناء استجوابهم. ففي إحدى الحالات التي أشار إليها التقرير وضع أحد المحققين عصا مكنسة خلف ركبة سجين يدعى الزبير عندما كان الأخير جاثيا على ركبتيه.
التغذية القسرية
وتتلخص بوضع أنبوب داخل الشرج مرتبط بطعام مهروس وضخها إلى داخل جسم المعتقل، وهي طريقة طبية قديمة تستخدم كأسلوب للتعذيب. ويتم ضخ سوائل إلى جسم الضحية باستخدام نفس أسلوب التغذية عبر الشرج، بدلا من الفم.
وأشار تقرير مجلس الشيوخ إلى تعرض خمسة معتقلين على الأقل للتغذية الإجبارية بحقن دون ضرورة طبية موثقة.
الحشرات
ويتمثل هذا الأسلوب في وضع المعتقل داخل مكان مليء بالحشرات كالبعوض والديدان، وهو من أساليب التعذيب والإذلال التي تعرض لها مئات المعتقلين.