ما يعيشه العالم من فوضى أسبابه وعلاجه
أحمد التيجاني أحمد البدوي
هوية بريس – الجمعة 12 دجنبر 2014
ما أحوج البشرية اليوم إلى العدل والسلام والأمن بعد أن فقدت كل ذلك هذه الأيام التي ساد فيها الهرج والمرج وشاع الخوف والهلع، وإذا استعرضنا التاريخ وقرأنا أحداثه نجد أن الناس كانوا يتحاربون في كل عصر وفي كل مكان على الأرض، وأقواتها لم تنفد بعد ولم تغر مياهها، ولم ينته مخزونها من مواد خام؛
لكنها النزعة العدوانية القائمة على الأنانية وأن الإنسان كلما صعد في سلم الحضارة والتقدم ونمى اقتصاده وازدهر زاد في اختراع الأسلحة الفتاكة ووسائل الحرب وآلياتها، ولم يكن هناك أي هدف أو سبب قوي لنشوب الحروب إلا بسط الهيمنة والسلطان واستغلال الضعفاء، ولم نجد في التاريخ حرب نشبت لإحقاق حق أو بسط عدل أو درء ظلم.
فظل الحال كذلك منذ فجر التاريخ إلى اليوم، كلما انطفأت للحرب نار اشتعلت أخرى واستعان أهل هذا الزمان على تبرير الحروب بالتشويش الإعلامي الموجه لإخفاء الحقيقة وتخويف الناس من غول قادم أو إرهاب غاشم، فعلى البشرية والشعوب أن تتدارك أمرها وتعي دورها وتنتبه إلى ما يراد بها، ويكفي ما حدث في الفترات الفائتة من غش وتضليل.
عليها أن تفعل شيئا قبل أن يفوت التدارك، وترفض كل ما يأتي من هؤلاء المضللين، وتبدأ في مواجهة ذلك بالتبين والتبصر وقراءة الأحداث قراءة متأنية، عليها أن تفعل ذلك وتسرع في العلاج وقد فضح تقرير “السي آي ايه” المقدم للكونغرس حقيقة السياسة العالمية، وأن يعلم كل إنسان على هذه البسيطة أن الحياة لا تستقيم إلا بالعدل ولا تطيب إلا بالتعامل السليم الخالي من كل أنانية وغرض المبني على الأمانة وتبادل المنافع المعتمد على إنسانية الإنسان دون تمييز أو تفاضل تعامل يعرف الإنسان حقوقه كما يعرف واجباته تجاه أخيه الإنسان، ولتعلم الحكومات كذلك أن الحياة الطيبة الرغدة لا العنف يبقيها ولا القوة تحميها ولا الحروب تحفظها ولا الاستبداد يعمرها ولا الاستخبارات تثبتها ودوننا الفراعنة والقياصرة والأكاسرة، كيف كانت نهايتهم ومصيرهم؟
ومن المؤسف أن كل الذي يحدث بات ينسب إلى الإسلام والمسلمين زورا وبهتانا والكل يعلم أن أكثر المتشددين والحركات ما هم إلا عملاء مصنوعين ومدسوسين لترويج تلك الفكرة الإرهابية عن الإسلام، والكل يعرف ما هو الإسلام وما هي تعاليمه؟ والجميع كذلك يعلم أن ما حدث في العالم وما نشب من حروب أكثر من مرة لم يكن للإسلام فيه يد، فالعالم الغربي اجتمع أكثر من مرة بعضهم ضد بعض ليتحاربوا واجتمعوا مرات ليحاربوا غيرهم، فكانت الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية، والبوسنة والهرسك، وحرب العراق، وقبلها حرب الشرق الأوسط، وأفغانستان، والصومال، و”إسرائيل” منذ الاحتلال لم توقف القتل والتشريد والتدمير حتى هذه اللحظة، ولم تجد من يردها أو يردعها، وأخيرا الحروب التي لم يخوضوها مباشرة بل أوكلوا ذلك إلى عملاء ومرتزقة لينوبوا عنهم.
هذا يوضح لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد من هو المتسبب في كل ما يحدث في العالم من فوضى خلاقة وقد أسموها صراحة ودمار وتقتيل وتشريد وإزهاق للأرواح، وقولنا للمجتمع الدولي إن كانوا قد أجمعوا وأقسموا أكثر من مرة لخوض الحروب وإشعالها فليجمعوا مرة واحدة ليشيع السلام على المجتمع الدولي.
أن يحدث ما يحدث بعد أن بلغ الإنسان ما بلغ في الترقي والصعود فلنجتمع مرة واحدة لنسعد البشرية بعد أن أصبحت كل مطلوبات الحياة في متناول اليد ولا زالت الأرض تزخر بخيراتها، ولم تنفد بعد نقول ذلك لأن ما يحدث اليوم تسبب في تعطيل المصالح وتفشي اليأس والقنوط وفقدان الثقة في النخب السياسية والأمم المتحدة، وكأنهم قد أجمعوا على أن يهينوا إنسان هذا الزمان.
هذا الذي يحدث يستحق وقفة تأمل من المخلصين الحريصين على مصلحة البشرية؛ لا بد من إعادة ترتيب للعلاقات الدولية وإعادة النظر في المواثيق الدولية والإجماع على مواثيق دولية جديدة لأن المواثيق السارية كانت قد صدرت بعد الحرب العالمية الثانية، ولهذا لا بد من قوانين وعهود ومواثيق جديدة خالية من الفيتو حتى نتدارك ما يمكن تداركه وانتشال البشرية من هذا المستنقع الدموي الآسن، ولأن الأمم المتحدة كانت أداة لتحقيق أهداف الدول الكبرى بعد أن أبطل الفيتو مفعولها كما صرح بذلك بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة للجزيرة في برنامج بلا حدود.