النقد والمعارضة
د. محمد أبوعام*
هوية بريس – الإثنين 15 دجنبر 2014
كم من الأمور تبدوا وكأنها ليست في صالح الإنسان، ولكن تُظهر الأيام خلاف ذلك، لذا فإن اللبيب هو الذي يستثمر كل شيء ويستفيد من كل حدث أو موقف.
ولعل من الأمور التي يكرهها كثير من الناس ويعتقدون أن فيها إساءة ومن ورائها ضرر، هو النقد والمعارضة والمخالفة. إن هذا الاعتقاد خاطئ، بل فيه خطورة على صاحبه، ولو فكر هذا الإنسان مليا لتبين له خلاف ما اعتقده، ولربما تذكر المثل المشهور «رب ضارة نافعة» ولقد أجريت العديد من الدراسات والتجارب لدراسة أهمية المعارضة والنقد، فكانت النتائج تؤكد الأثر الايجابي للمعارضة.
كانت إحدى هذه التجارب في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جيء بمجموعتين ثم طلب من أحد الرجال أن يمارس دور المعارض والناقد، ثم ضم هذا الرجل إلى المجموعة الأولى، وبعد عدة شهور درست القرارات التي اتخذتها المجموعتان، فوجد أن قرارات المجموعة الأولى -والتي تضم الرجل المعارض- هي أفضل بكثير من القرارات التي اتخذتها المجموعة الثانية. كررت التجربة مرة أخرى ولكن بعد وضع العنصر المعارض في المجموعة الثانية، وبعد عدة شهور وجدوا أن القرارات التي اتخذتها المجموعة الثانية -والتي تضم الرجل المعارض- هي أفضل بكثير من القرارات التي اتخذتها المجموعة الأولى.
إن في المعارضة خير كثير، ففيها إثراء للنقاش، وتمحيص للأفكار، وتبيان لايجابيات وسلبيات كل رأي، كما أنها تساعد على عدم الانسياق العاطفي وراء رأي واحد.
إن بعض الناس لا تتسع صدورهم للمعارضين، بل يوضع الفرض المعارض أو الناقد في القائمة السوداء، لذا تكثر المشكلات بين الرؤساء والمرؤوسين، في حين أن المطلوب من الرئيس أن يستفيد من كل رأي مخالف ويوظفه لصالحه ولصالح قيمه ومبادئه وقراراته.
إن المعارضة لا تعني إساءة الأدب واستخدام المصطلحات والألفاظ النابية، فحسن الخلق مطلوب من المعارض، ولكن مع هذا فلا يجوز للفرد أن يلتفت إلى أسلوب الطرح والمعارضة ويهمل جوهرها بحجة أن الأسلوب لم يكن مناسبا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* خطيب مسجد الخير -المحمدية-.