أباطيل دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية
هوية بريس – مركز التأصيل
الأربعاء 24 دجنبر 2014
اهتم الغرب أيما اهتمام بدول المشرق سيما الدول الإسلامية، فقد مثل الإسلام لهم هاجسًا وكيانًا معاديًا، لهذا عملوا على دراسة الإسلام وما يتصل به من علوم، فكثرت دراساتهم ومؤلفاتهم بهذا الشأن، بل وجدنا مؤسسات بحثية ودولًا عظمي تدعم هذا الأمر، وللأسف الشديد جاءت غالب هذه الدراسات بعيدة كل البعد عن حقيقة الإسلام، فلقد حشاها المستشرقون بالأباطيل والأكاذيب، وما لا علاقة له بواقع الإسلام والمسلمين.
وبعد سنوات من الدراسة والبحث الدؤوب- لهدم الإسلام وأصوله- توَّج المستشرقون جهودهم بدائرة معارف إسلامية جمعوا فيها خلاصة ما كتبوه عن الإسلام والمسلمين، وقد جاءت هذه الدائرة مصبوغة بنفس صبغة التضليل والبعد عن المصداقية واجتناب الموضوعية في كثير من جوانبها، وهذا ما سنجليه في هذا التقرير.
وتعد “دائرة المعارف الإسلامية” أهم مؤلف استشراقي على الإطلاق، وهذا يرجع لأسباب متعددة منها: العدد الكبير من أساطين المستشرقين المساهمين فيها، وكبر حجمها، وتنوع المعارف فيها، واستمرارية إخراجها، وتعدد لغاتها حيث خرجت بالإنجليزية والفرنسية والألمانية، وترجمت إلى العربية والأردية والتركية وغير ذلك، وتعد بحق خلاصة الفكر الاستشراقي، لذا لا يستغني عنها أي باحث في علم الاستشراق”1.
التعريف بدائرة المعارف الإسلامية:
موسوعة أكاديمية تعنى بكل ما يتّصل بالحضارة الإسلامية، سواء من الناحية الدينية أو الثقافية أو العلمية أو الأدبية أو السياسية أو الجغرافية على امتداد العصور، بما في ذلك العصر السابق للإسلام.
وقد تم إصدارها على طبعتين، الأولى بين 1913 و1938م، والثانية ما بين 1954 و2005، ويتم إصدارها من قبل شركة بريل الهولندية.
وقد ظهرت هذه الموسوعة بأكثر من لغة، أما بالنسبة للعربية فقد تم تعريب بعض أجزائها وتنقيحها وصدرت في مصر في الستينات وأعيد طبعها بالشارقة عام 1998.
وانطلق مشروعان آخران لدائرة المعارف الإسلامية أحدهما بتركيا، ويسهر على إصدارها مركز وقف الديانة التركي، والثاني بإيران حيث تصدر تحت عنوان دائرة المعارف الإسلامية الكبرى2.
أشهر المشاركين في هذه الدائرة:
بلغ عدد كتاب دائرة المعارف الإسلامية في كلتا الطبعتين 486 كاتباً، حرروا 3930 مادة وقد جعلت كل مادة رمزاً مستقلاً نظراً لاختلاف المواد والكتاب في دائرة المعارف، ومن أشهر كتاب الدائرة:
– لويس ماسينيون (1883-1962م) أكبر مستشرقي فرنسا المتأخرين.
– جوزيف شخت (1902-1970م) مستشرق هولندي من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق.
– دافيد صموئيل مرجليوث (1858-1940م) من كبار المستشرقين، من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق.
– دانكن بلاك ماكدونلد (1943م-) مستشرق أميركي.
– إجناس كولد صيهر (1850-1921) مستشرق مجري موسوعي، عرف بعدائه للإسلام وبخطورة كتاباته عنه.
– كارل بروكلمان (1868-1956) مستشرق ألماني يعتبر أحد أبرز المستشرقين في العصر الحديث3.
تعريب دائرة المعارف:
جاء ذلك في ثلاث إصدارات:
– الأول: وقد بدأ إخراجها في سنة 1933م في خمسة عشر مجلداً، كل مجلد يقارب خمسمائة صفحة اشتملت على مواد من حرف الألف حتى أجزاء من حرف العين، وبالتحديد انتهت بمادة (عارفي باشا) وطبعتها دار الفكر بالقاهرة.
– الثاني: وقد بدأ إخراجها في سنة 1969م في ستة عشر مجلداً كل مجلد يقارب ستمائة صفحة، واشتملت من حرف الألف وحتى أجزاء من حرف الخاء، وانتهت بمادة (خـدا بخش) وهي مشتملة على ما وجـد في الدائـرة الأصل ورمزوا للمواد المضــافة في الطبعة الجـديدة بالرمز: (+).
– الثالث: أصدره مركز الشارقة للإبداع الفكري سنة 1418هـ 1998م، بالتعاون مع هيئة الكتاب المصرية وفي هذا الإصدار تم عمل الآتي:
أ- الاعتماد على الإصدارين الأولين المترجمين بما فيهما من تعليقات مع اختصار بعض المواد والمعلومات والتعليقات الأقل أهمية، أو لكونها غير لائقة للقرآن الكريم أو لشخص النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بقي ملاحظات كثيرة لم تحذف وقد أخذت 22 مجلد كل مجلد قرابة 330 صفحة.
ب- تمت ترجمة ما بقي من الدائرة من حرف العين إلى حرف الياء مع اختصار لكثير من المواد الأقل أهمية، مع إضافة بعض التعليقات الجديدة، وقد بلغت 10 مجلدات فأصبح المجموع 32 مجلد4.
أسباب خطورة دائرة المعارف الإسلامية الإستشراقية5:
1- عدم إشراف علماء المسلمين على كتابة موادها أو إشراكهم في هيئة تحريرها.
2- عدم اشتراك علماء مسلمين في كتابة موادها الأساسية، واشتراك نفر قليل منهم في كتابة مواد ثانوية.
3- إسناد كثير مما كتب فيها إلى المصادر الإسلامية مما قد يجعل القارئ يثق بما ورد فيها من معلومات.
4- انتشار ترجمتها العربية في كثير من المكتبات دون تنقيح أو تصحيح لجميع الأخطاء والشبهات التي وردت فيها.
5- حرص كثير من الأوساط العلمية على تزويد مكتباتها بهذه الدائرة مما قد يغزي الباحثين بالاعتماد على المواد المذكورة فيها.
6- انتشار هذه الدائرة في البلدان الغربية المختلفة بعدة لغات وطبعات مما جعلها مصدرا أساسا في التعرف على الإسلام وأهله.
7- كثيراً ما نجد عند حديثهم عن قضية إسلامية رجوعهم إلى المصادر غير المعتمدة عند علماء الإسلام، والاعتماد على مصادر الاستشراق وكتاباتهم.
8- التشكيك في كثير من المسلمات الإسلامية.
9- الادعاء بأن القرآن من حيث المصدر يرجع إلى أصول يهودية ونصرانية والادعاء بالأخذ عن غير المسلمين، ودعوى قيام كثير من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة والتابعين على أساس المحاكاة لسير القديسين السابقين.
10- الطعن في السنة، من حيث النسبة أو بدعوى الوضع أو بمحاولة الرد إلى أصول غير إسلامية.
11- محاولة تأصيل الخرافات على أنها من الإسلام.
قالوا عن دائرة المعارف الإسلامية:
تحدث عنها الأستاذ أنور الجندي، فقال: “عندما وصل الاستشراق إلى ذروة نفوذه وغاية تأثيره جمع كل شبهاته وتأثيراته وسمومه في موسوعة جامعة أُطْلِقَ عليها اسم (دائرة المعارف الإسلامية)، جمعت خلاصة فكر المستشرقين الكبار جميعاً، كلٌ في المجال الذي تخصص فيه، وقدمت هذه الموسوعة أساساً لتشكيك الباحثين في الغرب في حقائق الإسلام، وعظمة تاريخه، وسماحة أبطاله وأعلامه، ثم ترجمت إلى اللغة العربية؛ لتكون مرجعاً في الجامعات والمعاهد والمدارس، في مختلف أنحاء العالم الإسلامي”6.
ويؤكد خطورتها علي الشيخ عبد الحليم محمود؛ فيقول: “ولعل أخطر ما قام به المستشرقون حتى الآن هو إصدار (دائرة المعارف الإسلامية) بعدة لغات، وكذلك إصدار موجز لها بنفس اللغات الحية التي صدرت بها الدائرة، وقد بدأوا في الوقت الحاضر في إصدار طبعة جديدة تظهر في أجزاء، ومصدر الخطورة في هذا العمل هو أن المستشرقين عبأوا كل قواهم وأقلامهم لإصدار هذه الدائرة، وهي مرجع لكثير من المسلمين في دراستهم على ما فيها من خلط وتحريف وتعصب سافر ضد الإسلام والمسلمين”7.
ـــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دائرة المعارف الإسلامية -نقد وعرض الدكتور: خالد بن عبد الله القاسم- بحث بموقع الألوكة.
(2) دائرة المعارف الإسلامية -ويكيبيديا- الموسوعة الحرة.
(3) المرجع السابق.
(4) دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دائرة المعارف الإسلامية؛ نقد وعرض الدكتور: خالد بن عبد الله القاسم.
(5) الأخطاء العقدية في دائرة المعارف الإسلامية، دراسة تحليلية نقدية -رسالة الدكتوراه- حميد بن ناصر خالد الحميد، وانظر: دائرة المعارف الإسلامية، بحث تعريفي بالدائرة وبخطورتها؛ موقع ابن الإسلام.
(6) مسئولية الاستشراق وسموم دائرة المعارف الإسلامية، مجلة الأزهر، الجزء الثامن، السنة:60، شعبان 1408هـ ص1049.
(7) الغزو الفكري وأثره في المجتمع الإسلامي، دار المنار الحديثة مصر الطبعة الرابعة 1412هـ، ص:111.