من هي «شارلي إيبدو»؟ وهل تسببت «العنصرية» بالهجوم؟
هوية بريس – متابعة
الخميس 08 يناير 2015
أعاد الهجوم الذي تعرضت له صحيفة «شارلي إيبدو» في العاصمة الفرنسية باريس، الأربعاء، فتح باب التساؤلات حول أسباب تنامي الهجمات المسلحة في أوروبا، بعد تصاعد الحركات «المتطرفة» المعادية للإسلام، لا سيما أن الصحيفة التي تعرضت للهجوم اشتهرت بالاستهزاء بالأديان.
وقتل اليوم 12 شخصاً في هجوم مسلح نفذه شخصان على مقر الصحيفة في العاصمة الفرنسية باريس، ولا تزال الشرطة الفرنسية تبحث عن المهاجمين الذين لم تعرف دوافعهم بعد، حسب “الخليج أونلاين”.
من هي الصحيفة؟
تعد صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية من أكثر الصحف الفرنسية استهزاءً بالأديان، وخصوصاً الدين الإسلامي، فقد سبق أن نشرت الرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما نشرت في عيد الأضحى المنصرم، رسماً ساخراً تحت عنوان: «ماذا لو عاد محمد.. رجلاً ملثماً»، وهو الأمر الذي استفز مشاعر المسلمين في العالم، خصوصاً بفرنسا حيث يقدر عديدهم بأكثر من 5 ملايين.
وتأتي الحادثة في وقت يدور فيه جدل حاد في أوروبا حول «الوجود الإسلامي» في أوروبا بين من يعتبره خطراً يتهدد القارة العجوز، وبين من يعتبره يعطي إضافة ومكسباً للمجتمع الأوروبي، وقد كان نحو 40.000 شخص تظاهروا، الاثنين الماضي، في عدد من المدن الألمانية، تعبيراً عن رفضهم دعوات حركة «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب» المعروفة باسم «بيغيدا»، وذلك بالتزامن مع المظاهرات الأسبوعية لتلك الحركة اليمينية.
حرب أهلية
وفي أواخر العام الماضي، رصد مرصد «معاداة الإسلام»، التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، تنامي الخطاب التطرفي ضد الجالية المسلمة التي يزيد عددها على خمسة ملايين نسمة، في ظل سكوت السلطات الفرنسية على التيارات المتطرفة التي تغذي هذا الاتجاه.
ولعل تطاول الصحفي الفرنسي الذي ينحدر من يهود الجزائر إريك زمور، خير مثال، فقد دعا في لقاء على إحدى القنوات الفرنسية إلى ترحيل العرب والمسلمين إلى أوطانهم، والتخلص من مشاكلهم بصفة نهائية.
وقد اتهم المرصد الحكومة الفرنسية «بالوقوف وراء تمادي هذا الأخير في مهاجمة الجالية المسلمة في فرنسا»، مطالباً إياها «باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد إريك زمور، الذي يروّج لخطاب العنصرية ومعاداة الإسلام والمسلمين».
وكان عبد الله زكري، الذي يشغل منصب مستشار مسجد باريس، قال في لقاء متلفز: «إنه من الضروري لفرنسا أن تعمل على محاربة كل الخطابات التي ترسخ للعنصرية، وإن تنامي الحملات المنظمة التي تقودها بعض التيارات في فرنسا، وفي مقدمتها اليمين المتطرف، ضد المسلمين، سيؤدي لا محالة إلى حرب أهلية في فرنسا، خاصة أن عدد مسلمي فرنسا قد بلغ خمسة ملايين نسمة، ولن يصمتوا عن الانتهاكات التي تطالُ معتقداتهم».
العنصرية «فضيحة»
في المقابل، تظاهرت حركات مدنية أوروبية متعاطفة مع المسلمين ورافضة للسلوك العنصري تجاههم، حيث لاقت حركة «بيغيدا» المتطرفة التي تطالب بترحيل المسلمين والمهاجرين، استنكاراً حكومياً وشعبياً بارزاً، ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحركة «بالحاقدة والمسيئة لقيم ألمانيا الحرة»، معتبرة المهاجرين والمسلمين يشكلون «إضافة نوعية ومكسباً لألمانيا»، مطالبة في الوقت نفسه الألمان «بنبذ الحركة وعدم الانضمام إليها».
كما أطفأت كل من شركة فاغن للسيارات، والكباري، والأجزاء القديمة بالعاصمة الألمانية وكنائسها الأنوار، تعبيراً عن رفضهم عداء «بيغيدا» للإسلام والأجانب.
ووصفت إدارة الجالية الإسلامية في ألمانيا موقف الحكومة، بالحكيم والحر، مؤكدين أن حركة «بيغيدا» المتطرفة لا تعبر عن قيم الشعب الألماني المنفتح والحر.
ويرى مراقبون أن المظاهرات الألمانية المناهضة لـ«بيغيدا تؤكد أن الحركة المتطرفة لا تمثل أكثرية الألمان، والمظاهرات المعارضة لها هي المعبرة عن روح ألمانيا كبلد سيظل شديد الانفتاح، وأن ممارسات الحركة العنصرية ضد اللاجئين الذين فقدوا كل شيء ولجؤوا لألمانيا فضيحة كبيرة».
تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا استضافت قرابة 200.000 لاجئ، معظمهم من الشرق الأوسط، في العام الماضي فقط بفضل قوانين الهجرة المتحررة المعمول بها فيها.
وكشف استطلاع للرأي أجراه «معهد فورسا» أن 67 بالمئة من الألمان يعتبرون حديث «بيغيدا» عن أسلمة المجتمع الأوروبي مبالغاً فيه، مقابل 29 بالمئة يرون أن خطاب الحركة مبرر.
وأيد 10 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع أي حزب يتأسس في البلاد بهدف الحرب على الإسلام، وقال 13 بالمئة من الذين تم استطلاع آرائهم إنهم كانوا سيشاركون في مظاهرات «بيغيدا»، إن جرت بالقرب من محل سكنهم.