مسيرة اليوم هي النسخة الفرنسية.. للتفويض المصري لمحاربة «الإرهاب»
هوية بريس – طارق الحمودي
الأحد 11 يناير 2015
أكثر من خمسين رئيس حكومة عالمية يشاركون في المظاهرة الباريسية تنديدا بمقتل أعضاء تحرير صحيفة “شارلي إيبدو” المجرمة في حق نبينا بل وفي حق الأنبياء من أولي العزم خاصة… بل وفي حق الله تعالى جل في علاه، ومعهم آلاف من الفرنسيين، فيهم الملحد والصليبي والصهيوني والمغفل والمخطوف ذهنيا من نماذج الصناعة الإعلامية الفرنسية كلهم يستنكرون قتل من كان يجتهد في إمتاعهم مرارا بالسخرية من الخالق جل وعلا ومن أنبيائه ورسله، فاليوم لن يجدوا من يضحكهم ملء أفواههم استهزاء بخير البشر وأسيادهم.
كثير من المتعاطفين العرب ممن اعتبروا أنفسهم (شارلي إيبدو) لا يستحضرون أنهم بهذا يوجدون دعما معنويا لكل من يجد في نفسه حقدا على الأديان وعلى الإسلام خاصة، بل هم بذلك مشاركون للصحيفة في كل كلمة استعملت في السخرية من الأنبياء.
حينما طالعتني بعض القنوات على شاشة تلفازي بمشهد “مهيب” لـ”بعض” الفرنسيين ظننت أنني أتابع إعادة لما بث من مصر من نزول “بعض” المصريين لتفويض سيدهم لمحاربة الدعوة إلى الله تعالى باسم الشعب… إلا أنني رأيت شعورا صُفرا ولافتات بالفرنسية كتب على بعضها: “شارلي أكبر” ردا على ما تردد على ألسنة القاتلين من ترديد كلمة “الله أكبر”، فالدافع للخروج معروف.
سيقول بعض المتفلسفة عندنا أننا يجب أن نستنكر كل عنف ضد الصحافيين.. والجواب على هذا أننا ضد كل عنف على الإنسان بدون حق.. لكن نستنكر عنف من؟ أفلا بينوا لنا من كان الفاعل.. أم أنه قتل… ولم يستطيعوا تقديمه للمحكمة… أم أن المحاكم الغربية اليوم تصدر الأحكام بُعيد التهمة بسويعات.. وتنهي القضية بطلقات.. ثم تختم القنينة بسدادة من كذيبات؟!
بالمناسبة.. لست أنسى بعض المتثقفين عندنا.. فقد وجدتهم في مثل هذا تخونهم منهجيتهم العلمية الصارمة في ربط كل التصرفات والأقوال والأحداث بالمقاصد السياسية.. فلو عطس فقيه بقرب قصر ملك وشمته فارس صادف مروره أمامه عبر مزرعة فلاح لقالوا: هذه الحادثة سياسية بامتياز… اليوم سمعتهم وقرأت لهم يتحدثون عن خروج الشعب الفرنسي بدافع المواقف الإنسانية.. بل إن خروج القادة الأوربيين أيضا لا علاقة له بالسياسة ولا بألاعيبها.
قد قالها صحافي الجزيرة وهو يبكي: ستكون أيام المسلمين في فرنسا عصيبة..
هؤلاء القادة الذئاب يخططون لأمر مخيف في حق إخواننا في أوروبا رجالا ونساء.. فقد استشعروا شيئا ما يهدد حكمهم… وهويتهم.. فثارت القطة الأوربية تأكل صغارها… ولن تتردد في أكل صغار غيرها.
أستغرب من هذا التوقيت.. والتنسيق… ويوحيان إلي ببعض ملامح المؤامرة التي ستجد من يسخر منها .. لغرقه في بحر من الغفلة.. أو انشغاله بالذوبان والتفسخ في الأحماض الهوياتية الغربية.
لا كرامة لمن سبّ النبي صلى الله عليه وسلم.. صحيح أن قتل السابّ لا يكون إلا بأمر من أمير مسلم شرعي.. وبحكم القاضي بعد المحاكمة العادلة.. مراعاة للمصالح والمفاسد، ولكن الله له جنود هو يعلمها.. وقد ينصر دينه برجل كافر على كافر.
ليسكت بعض مثقفينا ممن يجدون في أنفسهم ميلا إلى الانتقام من خصومهم الفكريين في مثل هذه الأحداث متغافلين أو غافلين عن المحددات الصحيحة للقراءة العقلية للأحداث.. فيقرؤونها بعواطفهم وتكون أحكامهم انطباعية بعيدة عن الموضوعية.
لا نريد أصحاب مشروع الانهزام والذلة… فمثل هذه الأحداث لا تزيد أهل الإيمان إلا إيمانا.. فالله تعالى يقول: “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم“… ولن نتبع ملتهم إن شاء الله… والله أكبر والصغار على شارلي ومن يؤيدها.
إن كان عدونا يريد مدافعة فكرية فأهلا وسهلا… وأما غيرها.. فالله بالمرصاد… والذي يبدو لي أن الغرب الكافر اليوم يعي جيدا أنه ضعف عن ذلك… فحنّ إلى سلاح البارحة.. سلاح يكتب بالدم لا المداد.. ولن يقتل به إلا نفسه.
قتلانا في سوريا والعراق وبورما ومصر وغيرها بالآلاف… ولم يكلف رئيس غربي واحد أن يطل من شرفة قصره ليقف ثانية واحدة مستنكرا قتل كل هؤلاء المسلمين.. لو فعل.. لأسقط من شرفته… وكسرت رقبته… ما فعلوا إلا بعد أن قبض على صحفيي الجزيرة.. لأن فيهم أستراليا أزرق العينين.
لا يتسرعن أحدكم في أخذ موقف مما جرى.. فستظهر أشياء تعين على فهم ما حدث… وسيجتهد القلم العلماني في استثمار ما جرى إلى أقصى حد ممكن… تابعوهم.. وتابعونا…
والله المستعان.