تقرير أوروبي: إغلاق الأنفاق يهدد الأمن الغذائي لـ 1,15 مليون مواطن بغزة
هوية بريس – الأناضول
الخميس 05 شتنبر 2013م
حذرت منظمة أوروبية حقوقية من انهيار حادّ يتهدد مفاصل حياة سكان قطاع غزة، عقب إغلاق الأنفاق الممتدة على طول الحدود الفلسطينية المصرية.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في تقرير وصل “الأناضول” نسخةً منه اليوم الخميس وحمل عنوان ” الموت البطيء ” أن نحو 1,7 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة يموتون ببطء ويعانون من نقص حاد في كافة الإمدادات الغذائية.
وأشار التقرير المفصّل والذي شارك في إعداده كل من مركز العودة في لندن والمجلس الاستشاري للمؤسسات الماليزية “مابيم”، إلى أن 57% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي وفق أرقام الأمم المتحدة المعلنة قبل يوليو- تموز 2013، لكنّ الحملة المصرية الأشدّ التي انطلقت ضد الأنفاق أوائل يوليو الماضي، ستجعل النسبة مرشّحة لارتفاع مخيف يصل إلى 65% (تعادل نحو 1.15 مليون مواطن بغزة) إن استمرّت الإجراءات المصرية على ما هي عليه، وفق تأكيد المرصد.
وقال التقرير إن نسبة البطالة التي وصلت مع نهاية شهر أغسطس – آب إلى 35% ستحلّق إلى 43% مع نهاية العام مسجّلة رقماً قياسياً عالمياً في بقعة تفتقر للموارد الذاتية.
ولفت المرصد الحقوقي إلى أنّ قطاع البناء والانشاءات في غزة يواصل انهياره الحاد الذي بدأ منذ يوليو الماضي بسبب انعدام موادّ البناء التي توقف دخولها عبر الأنفاق، بينما تفرض عليها السلطات الإسرائيلية قيوداً تعجيزية عبر معبر كرم أبو سالم.
وتشير التقديرات إلى أن هذا القطاع يعمل في سبتمبر/ أيلول الجاري بأقل من 15% من طاقته التشغيلية، ما يعني أنّ 30 ألف فرصة عمل تمّ فقدانها خلال شهرين، بينما 12 ألف مواطن ما زالوا مشرّدين لعجزهم عن إعادة إعمار منازلهم التي دمّرتها الحربيْن الأخيرتيْن على غزة.
وتكبد الغزّيون، خسائر في جميع القطاعات الاقتصادية منذ الإجراءات المصرية الأخيرة على الحدود تقدّر بـ 460 مليون دولار، وفق تأكيد المرصد، والذي توقع أن يؤدي الإغلاق المستمر للأنفاق إلى تراجع حاد في معدل نمو الناتج المحلي للقطاع إلى ما دون 3% مع نهاية عام 2013، مقارنة مع 15% حتى يونيو/ حزيران الماضي.
وحيث أن 45% من عبء المواد الخام اللازمة لتشغيل الشركات في قطاع غزة يتم توريدها عبر الأنفاق، يوضح التقرير أن الإجراءات المصرية ستؤدي إلى تعطيل ما يقدّر بـ 60% من القدرة التشغيلية لهذه الشركات، ما يعني بدوره انكماش عدد موظفي القطاع الصناعي من 27 ألف موظف قبل يونيو 2013 إلى 7500 موظف فقط، إلى جانب ما سيخلقه الحال من ارتفاع حادّ على أسعار السلع في قطاع يعيش أكثر من 70% من سكانه تحت خط الفقر.
وأكد التقرير أن ” مشاهد الحياة اليومية اللصيقة بالمواطن الغزّي ليست بأفضل حالاً”، مشيرًا إلى أنّ العجز المتراكم في محطة توليد الكهرباء يقود إلى انقطاعات طويلة في الخدمة قد تصلّ إلى 12 ساعة يومياً.
ونوه إلى أن اعتماد ضخ المياه على الكهرباء يجعل من ربع منازل القطاع تتلقّى المياه لمدة أربع ساعات فقط في اليوم، في بيئة تعاني أصلاً من تلوث 90% من مياهها الجوفية، تضاف إليها بدائية مشاريع معالجة المياه العادمة التي يتمّ ضخ 90 مليون لتر منها يومياً قبالة الساحل.
وفي قطاع الوقود؛ تعمل محطة توليد الكهرباء الوحيدة بسعة 68% من قدرتها الإجمالية بفعل العجز في كمية الوقود اللازم للتشغيل، بينما يتلقّى القطاع عبر المعابر الإسرائيلية 58% فقط من احتياجه الطبيعي من غاز الطهي.
ويلفت التقرير الأوروبي النظر إلى أنه “منذ تدمير السلطات المصرية لخزانات الوقود المعدة للتوريد إلى غزة في رفح المصرية، طفت على السطح أزمة شديدة التعقيد قادت مع باكورة سبتمبر/ أيلول الجاري إلى توقف 137 محطة وقود عن تقديم خدماتها للمواطنين الذين باتوا يفتقرون بشدة إلى بنزين السيارات وغاز الطهي.
أما القطاع الصحي الذي يعاني المواطن من انتكاسته منذ 2007، يوضح التقرير أنه بدأ يسجل مؤشرات خطيرة بنفاذ مخزون 128 صنفاً دوائياً منذ يوليو/ تموز الماضي، ما يعني أن 27% من العلاجات الأساسية لدى المستودع المركزي للأدوية وصل حد الصفر، بينما انخفض مخزون 78 صنفاً دوائياً آخر بنسبة 16%، إلى جانب تكدس عشرات من المرضى أصحاب التحويلات الطارئة إلى الخارج بانتظار دورهم في الفتح الجزئيّ لمدة أربع ساعات فقط يومياً لمعبر رفح.
وأمام أرقام الوجع هذه، دعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الإسرائيلية إلى تفكيك فوري للحصار الخانق لحياة الفلسطينيين في غزة، مهيبًا في الوقت ذاته بالمجتمع الدولي الضغط على إسرائيل ودفعها إلي تحمّل مسؤولياتها القانونية تجاه القطاع انطلاقاً من كونها قوة احتلال، وذلك وفق ما تمليه عليها اتفاقية جنيف لعام 1949.
كما طالب المرصد الأورومتوسطي السلطات المصرية بفتح معبر رفح الحدودي أمام حركة طبيعية للأفراد والبضائع دون شروط، متوجهًا بالنداء إلى المجتمع الدولي، لا سيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، من أجل دعم إنشاء ممر مائي يخوّل القطاع بالاستفادة من حقه بمياهه الإقليمية وفق القانون الدولي، وبصورة تعالج حاجته المتعاظمة للاستيراد الحر للبضائع، والسفر الدولي للأفراد دون قيود.
ومنذ أكثر من شهرين والجيش المصري يزيد من تعزيزاته العسكرية على الحدود مع القطاع، ويكثف من حملات هدم الأنفاق.
وفي وقت سابق أكد رئيس بلدية رفح جنوب قطاع غزة “صبحي أبو رضوان”، في حديثٍ لـ”الأناضول” أن أكثر من 95% من الأنفاق توقفت بشكلٍ شبه كامل.