كلمات عابرات في نصرة خير البريات
د. رشيد نافع
هوية بريس – الثلاثاء 20 يناير 2015
إن قضية نصرة النبي صلى الله عليه وسلم من أهم الأوليات التي على الدول الإسلامية أن تعنى بها، لأنها ليست مشروعا شخصيا تجنى من ورائها مكاسب وأموال، وإنما هي قضية أمة وقضية عقيدة، فينبغي أن تتوحد الدول وجميع المؤسسات الإسلامية في العالم على نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والذبّ عن دينه وعرضه الشريف، وتعريف العالم بأن هذا الرسول هو رسول الإنسانية والمرحمة وهو رسول العدالة والصيانة والديانة.
لماذا نصرة بعضنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم خافتة أو باهتة؟؟؟
لقد غرتنا الدعاية الغربية فأشغلوا شعوبنا ببرشلونة وريال مدريد والمونديال والمونديالتو وعصبة الأبطال.. والكان والكاف…
ونساءنا بالموضة والماركات.. والأفلام المدبلجة والمهرجانات المتنوعة…
وشبابنا بالعلاقات الغرامية وسطار أكاديمي و…
وساستنا بأن صوروا الغرب قبلة وإماما وأستاذا..
ورفعت شعارات المدنية والتحضر والرقي والعدالة والمساواة والحقوق واحترام الديانات والشرائع السماوية..
فإذا ببعض وسائلهم الراكدة تنال من خير من طلعت عليه الشمس بل ومن إخوانه الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام تحت مسمى الحرية “المتلونة..”، وفي المقابل شعوبهم تقبل بشغف للتعرف على الإسلام فتنصفه أو تعتنقه وتدخله من أوسع أبوابه، إنه الإسلام الذي يسع الجميع بتشريعاته السامقة الخالدة..
والحمد لله أن أعداد المعتنقين لهذا الدين في ازدياد ومن طبقات متفاوتة من ساسة وفنانين ورياضيين وغيرهم ولنأخذ فرنسا نموذجا:
إسلام فرانك ريبيري “بلال”، وأنيلكا، والمفكر “روجيه جارودي”، ومغنية الراب الشهيرة “ديامز”، والمتطرف اليميني “ميكسانس بوتيه”، والذي سبب إسلامه صدمة عنيفة للمجتمع الفرنسي، وأخيرا المخرجة “إيزابيل ماتيك”..
بينما عينة من المسلمين خجلة متورطة في إسلامها تتنازل كل فينة عنه حتى أصبحت عارية منه.. بسبب حادثة “إرهابية” مرفوضة أو دعاية ماكرة زهدتنا في ديننا وصورته حملا ثقيلا.. بينما لم تقنع شعوب الغرب في الصد عن هذا الدين العظيم.
ومن ذاكرة الأيام خرج صحفي فرنسي يحذر فرنسا من الإسلام قبل سنوات قال: إن أخشى ما أخشاه أن أصبح ذات يوم وأجد فرنسا قد اتجهت كليا إلى مكة..
ومع الأسف مازالت بعض الجهات العنصرية غير المسؤولة تسعى لتشويه الإسلام ومقدسات المسلمين بكل الوسائل لتصرف الفرنسيين مثلا عنه.. كيف لا و39% من الفرنسيين يرون أن الإسلام دين منفتح ومتسامح مع الآخرين؟
ولنلق نظرة بعجالة على بعض الأرقام ففي أمريكا وحدها 20 ألف أمريكي يدخلون الإسلام سنويا بل وزارة الداخلية تقول 100 ألف يسلمون سنويا، واعترفت هولندا بإقبال مواطنيها على اقتناء المصاحف المترجمة، حتى صار في كل بيت مصحف إلكتروني، وفي انجلترا وألمانيا وغيرهما تفوق الإقبال على المساجد والمراكز الإسلامية المساجد على مرتادي الكنائس، واعترف بابا الفاتيكان في 2008م بأنه لأول مرة في التاريخ يتجاوز أعداد المسلمين عدد معتنقي الكاثولوكية.
الحمد لله نشاهد ونسمع ونجد انكبابا على الإسلام من كندا إلى أستراليا مرورا بأمريكا وأروبا وروسيا، في الشيشان اجتمع مليون في ساعات فقط للتنديد بالإساءات المتلاحقة، بينما معظم المسلمين لا يعرفون ذلك ولا يشعرون به.
وفي الختام أقول: إن من أوجب الواجبات التعريف بالإسلام والتعريف بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم؛ فالأمة مقصرة في هذا الجانب تقصيرا كبيرا، ولا تمتلك من الوسائل والأساليب المؤثرة ما تستطيع أن تصل به لكل أرجاء الأرض وأنحاء المعمورة، والإنسان عدو ما جهل.
وإن على المسلمين الذين يعيشون في ديار الغرب دورا عظيما ومهمة كبيرة في التعريف بالإسلام ونبي الإسلام والقيام بحق هذا الدين؛ فالمؤسسات الإسلامية في أوربا وأمريكا في الوقت الحاضر من الكثرة ما تستطيع أن تتبنى برامج مؤثرة وأعمالا هادفة بلغة القوم وطريقتهم، ما تستطيع أن توضح به الحقائق وتدفع الشبهات وتظهر به جمال الإسلام ومكانة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تدع الساحة لأصحاب النفوس المريضة والقلوب السقيمة الذين ينشرون الأراجيف ويروِّجون للأكاذيب.
وهذه دعوة لجمهور المسلمين الذي يعيش في العالم الغربي، عليكم بعد تبيان حقيقة الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم، وأيضا التعريف بالإسلام، وأنه لابد من الاتجاه إلى المسار القانوني أيضا، ورفع قضايا لدى المحاكم على المتطاولين المسيئين للإسلام ورموزه ومقدساته.
إن المحب الصادق الذي يريد أن ينصر حبيبه صلى الله عليه وسلم، يحرص أشدَّ الحرصِ على التأسي بأخلاقه صلى الله عليه وسلم الكريمة وخصاله الشريفة، ليعطي صورة مشرفة في بلاد الغرب لدينه ودعوته صلى الله عليه وسلم، وليَنعَمَ بالقرب منه صلى الله عليه وسلم، ويحظى بجواره يوم القيامة، تلك المنزلة العالية التي لا تُنال إلا بحسن الخلق، كما أخبر صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فقال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكمْ أَخْلَاقًا» (أخرجه الترمذي وصححه الألباني).
وينبغي أن يعلم أنه ليس من الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من نصرته إزهاق الأرواح، أو تخريب الممتلكات، أو ترويع الآمنين، أو الاعتداء على حقوق الغير.
والحمد لله رب العالمين.