النغم المطرب في حبِّ المغرب
هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
السبت 01 فبراير 2015
أتكلم اليوم بالوجد والوجد لا يشرح، وأنطلق من رياض الحب والحب لا يبرح، إذا ذكر المغرب ابتسم ثغر الصباح، وبشرت به نسمات الرياح، ما أجمله من بلد، حسنه يشفي من الكمد، رمى إلى غرض الفخر بالسهم المصيب، وأخذ من اقتسام الفضل بأوفى نصيب، قلاع سامية الجلال، متوجة بالهلال، جنات من أعناب ونخيل، وإشراق وظل ظليل، تتجول ما بين مدينة ومدينة، فترى ما يبهر العين جمالا، ويقيد الطرف يمينا وشمالا، تقترب من الجبال فتبرز إليك بروزا يخرج الحلى من الأحقاق، ويعقد أزرار الحلل على الأعناق، ويطلع أقمار الحسن على الآفاق.
أما الحضارة فتعبق طيبا، وتتأود دوحا رطيبا، هي دار ظرف ونساك، وخلوة اعتكاف وإمساك، أما قصباتها فسلوة الحزين، وفلك المتنزهين، ولأوديتها المزية على الأودية، منظر آسر وأنفاس ندية، قد أحيطت بالأعناب والزيتون، فصارت مأوى الناظر المفتون، نسمات تذهب الكسل، وعن برودة الماء فلا تسل، ماء معين، وسرور عين، وخرير على التفكر يعين، دوح متهدل، وطيب هواء غير متبدل، مناطق خصت بالزعفران، وامتازت به عن غيرها من الجيران، لها الفحص الذي يسافر فيه الطرف سعيا، ولا تعدم السائمة بدريا ولا رعيا، ومدينة رياحها عاصفة، وفيها مدافع كانت يوما قاصفة، ساكنتها تنظر إلى الأمواج، من أسوار وسياج، وشمس عند الغروب في بطن بحر تخالها تستقر، يكاد من جمال المنظر الدمع ينهمر. وغير بعيد عنها مدينة وأي مدينة، للخير خدينة، ما شئت من ماء نمير، ونخل شامخ كثير، ووجوه باسمة، وأسوار تحت الجبال نائمة، ماؤها سلسل، وهواءها ينفي الكسل، جبال نصبت للرياض المنصات، وقعد عندها سلطان الربيع لعرض القصات، وخطب بلبل الدوح فوجب الإنصات، أما سوس فمرأى بهيج، ومنظر يروق ويهيج، نهر سيال، وغصن مياد ميال، وجداول تنضح بها الجوانح، ومحاسن يشغل بها من وكره السايح، ما شئت من رحى تدور، وكرم يشفي الصدور، أما الشمال فجنات وحصون، وأشجار ذات غصون، وجناب خصيب وحمى مصون، أما الشرق فثنية الصباح الأجلى، ونسيم الأنس الأحلى، والوعد الصادق الموفى، أما الصحراء المغربية، فتحفة سنية، لطف خفي، وجناب حفي، ووعد وفي، رمال وجمال، وصبر واحتمال، وأراض شاسعة، ومناظر ماتعة، أما البيضاء فلحسنها اشتهار، ولأهلها تقدير وإكبار، شهامة جلية، وقلوب طيبة زكية، أما فاس فمدينة أصيلة، وحاضنة للمحاسن وفصيلة، حماها الله ورعاها، وأخرج منها ماءها ومرعاها.
بلادنا لله درها ما أبهاها من أقصى جنوبها إلى أعلاها، أكرم وأنعم بها، من شرقها إلى غربها، كل مدينة من مدنها، يقصر البيان عن بيان حسنها، والرجاء في ربنا أن يديم أمنها، ويديم عزها ونصرها، أدام الله عليها السعد المقيم، وجعلها بمنه على الصراط المستقيم، وأبقاها في صعود وارتفاع، وعزة ومنعة وامتناع، ما ذكرنا إلا لمحة من حسنها الأخاذ، ومكارم أهلها الأفذاذ، ومالم يذكر، ففضله بين لا ينكر، وحسنه منشور لا يحصر، فإن استقصاء خبايا الجمال، أمر صعب المنال، وما أجمل الطبيعة إذا انضاف إليها جمال الطباع، فتلكم ناصية الحسن وغاية الإمتاع.
محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.