أنا لست مع «أمريكا» ولا مع «داعش»
إبراهيم بَيدون
هوية بريس – الإثنين 23 فبراير 2015
بعض مستلبي الفكر وأصحاب الأقلام المرتزقة من بني جلدتنا؛ يقولون لك: إما أن تكون مع أمريكا في تحالفها أو أنت مع «داعش»، (اقرأ ردودهم على الدكتور الريسوني الذي أفتى بحرمة المشاركة مع التحالف الأمريكي)..
وهذا نتيجة الانخراط الكامل والتام دون قيود إلى المنظومة الدولية التي فرضتها علينا الدول الراعية لها وعلى رأسها أمريكا التي يسيرها حكماء بني صهيون.
حيث صار لزاما على كل دولة أن تنخرط ضمن نظامهم العالمي الجديد الذي يفرض على الأمة العربية والإسلامية القبول بزرع الكيان الصهيوني ووجوب التطبيع معه سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا، والانضمام إلى الحرب على «الإرهاب» الإسلامي..
وكل من أراد الاستقلالية أو تحقيق الانتماء الذاتي والحفاظ على الخصوصية من أجل النهوض الاقتصادي والعسكري ضمن مبادئه وبعيدا عن الهيمنة الغربية فإن قوى الشر هاته تجبره على الخضوع لها حتى لو اقتضى الأمر القيام بانقلابات أو جر البلاد إلى أتون حرب لا نهاية لها؛ واقرأ كتاب «ماذا يريد العم سام؟» للمفكر نعوم تشومسكي للتأكد من ذلك، وبالمناسبة فهذا المفكر الأمريكي يرجح فرضية أن «داعش» صنيعة استخباراتية لخدمة الأجندة الغرب-أمريكية في الشرق الأوسط.
وللمستلبين من بني جلدتي، و«إعلام المارينز» أقول:
أنا لست مع أمريكا التي تستضعف دول العالم، وتستغل ثرواتهم.. وتستعبد ساستهم وحكامهم..
أنا لست مع أمريكا التي دمرت دولة أفغانستان، وخرجت منها بعد أن تركت أهلها يأكل بعضهم بعضا..
أنا لست مع أمريكا التي أقامت المجازر في دول أمريكا اللاتينية.. وخربت الصومال والسودان ومنعتهما من أن يتقدما أو يجدا طريقا نحو التطوير والتحديث..
أنا لست مع أمريكا التي محت من خارطة دول الشرق الأوسط أقوى دولة تسمى العراق..
أنا لست مع أمريكا التي ترعى الكيان الصهيوني الذي يمثل أكبر نظام “إرهابي” في العالم، وتمده بالسلاح الذي يقتل به آلاف الغزيين، ويحاصر به سكان القطاع الذين يعانون من موت بطيء..
أنا لست مع أمريكا التي تستعمل في هيئة الأمم حق الفيتو لتمنع من إدانة شارون ونتنياهو وتسيبي ليفني، وفي المقابل تدين صدام وبن لادن والبشير ومرسي..
أنا لست مع أمريكا التي أبادت أمة بأكملها يوم أقامت دولتها على أرض كان يسكنها قوم يسمون الهنود الحمر..
أنا لست مع أمريكا التي تحارب كل من مس أمنها القومي ولو بخراب أمم، وتخترع أكذوبة أسلحة الدمار الشامل..
ولهم وللمتطرفين من بني جلدتي أقول:
وأنا لست مع «داعش» التي لا تمثلني ولا تمثل أي مسلم، والتي لم تجمع في صفوفها سوى السفاحين علما وقصدا أو المغرر بهم من ضعاف الفكر والعلم..
أنا لست مع «داعش» التي أفشلت الثورة السورية ضد النظام النصيري الطاغية، وقوّت بشار ليزيد من جرائمه في حق المدنيين والعزل..
أنا لست مع «داعش» التي أعلنت الخلافة لشخص مجهول عند الأمة، وليس فيها أي واحد من أهل العلم المعتبرين أو حتى المعروفين، بل المعروف أن عددا من قادتهم كانوا بالأمس قادة في حزب البعث اللاديني..
أنا لست مع داعش التي ركبت على ثورة العشائر السنية في العراق ثم انقلبت عليهم، فقتلتهم واعتدت على النصارى والإيزديين؛ ثم انسحبت وتركت قرى سنية منزوعة السلاح قرب جبل سنجار تعاني من جرائم الإيزديين..
أنا لست مع «داعش» التي وظفت لجر تركيا للدخول في التحالف الأمريكي، وانسحبت من «كوباني» بعدما تقوت فصائل معارضة لتركيا بالسلاح الغربي..
أنا لست مع «داعش» التي جعلت الذبح والحرق والقتل سمة دينهم؛ فشوهوا صورة الإسلام، وجعلوا مسمى الدولة الإسلامية مرتبطا بجرائمهم..
أنا لست مع «داعش»؛ الخوارج الذين ليس لهم حظ من النظر في الشريعة، وقراءتهم سطحية، ويتشبثون بغريب الأقوال التي تخدم توجههم المتطرف، حتى أنكرهم من كانوا بالأمس شيوخهم ومنظريهم، ورموهم بالتشدد والغلو..
وفي المقابل:
أقول لهم جميعا: أنا لست مع «أمريكا» ولا مع «داعش»، أنا مع الشعوب الإسلامية التواقة إلى عدل ورحمة الإسلام..
أنا مع الشعب السوري الذي يباد بالبراميل المتفجرة..
أنا مع الشعب الفلسطيني الذي هجر من أرضه ويقتل يوميا ما تبقى منه..
أنا مع الشعب العراقي الذي يذبح وتنتهك أعراض نسائه من طرف الهمجية الصفوية الرافضية..
أنا مع الشعب البورمي المسلم الذي يحرق في الأخاديد، ويسلخ لحم أطفاله..
أنا مع الشعب المسلم في إفريقيا الوسطى الذي يباد على أيدي (آنتي بلاكا) النصرانية المدعومة من طرف فرنسا للتنكيل بهم..
أنا مع الشعب اليمني السني الذي يقتل ويهجر من طرف مليشيات الحوثي المدعومة من إيران..
أنا مع الشعب الأحوازي العربي الذي ينكل به يوميا ويشنق أبناؤه في مشانق الخزي والعار الرافضي الإيراني..
أنا مع الشعب المصري الرافض للظلم والطغيان، الذي حرق وقتل آلاف من أبنائه في ميادين القاهرة وشوارع مدن مصر، ومن يهجر ويقتل في سيناء..
أنا مع الشعب الليبي الذي يقسم حسب أهواء الغرب الذي يدير المعركة..
أنا مع أمتي الإسلامية وكل أبنائها، أنا فرد منها؛ يحزنني ويؤلمني ويجرحني ويفتت كبدي ويجري الدمع في مقلتي أي ألم تحس به أو ظلم تتعرض له.. فكيف وقد نصبت في بلدان أمتي حبال المشانق، وشحذت سيوف الذبح، وقصفت بصواريخ الغدر، وبراميل الحقد المتفجرة.. وصارت موسومة بالإرهاب إذا رفعت بالإسلام وشريعته رأسا، ورفضت إسلام أمريكا وأروبا؟!!
أقولها وأكررها مرة أخرى: أنا لست مع «أمريكا» ولا مع «داعش»؛ أنا مع هؤلاء..