إلى من استكثر الاستقالة.. (أقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان..)
ذ. حماد القباج
هوية بريس – الأربعاء 11 شتنبر 2013م
لقد كاد إعراضي عن الجاهلين الذين لا يحسنون الكلام إلا بالسب واللعن؛ كاد أن يفوت علي قراءة نصيحة وجهها إلينا أخي الفاضل الأستاذ الدكتور محمد أبو الفتح وفقه الله وزكى علمه..
نصيحة تقطر أدبا واجتهادا في لزوم الإنصاف..
وكي يكتمل إنصافه ويرتفع غبشه؛ أوضح له الحقائق التالية:
1- الذي جر التطاول على الشيخ حفظه الله هو البيان الذي أصدرته الجمعية، وليست الاستقالة؛ بدليل أن صفحة (التقشاب السياسي) (من أكبر صفحات الفايس) نشرت البيان وتحته كاريكاتور سيء جداً ينال من الشيخ بما كلم فؤادي وأضر خاطري..
كما أن (هبة بريس) نشرت تغطية للبيان قبل أن أعلم به أنا!
مع التنبيه إلى أن من مقاصدنا في المكتب الإعلامي تقديم الصورة الصحيحة للشيخ التي تدل على تنزيهه عن تلك الفرى..
صورة شيخنا التي طبعها: الجمع بين العلم والعمل والمواقف الشرعية التي ترضي الله والصدق والتفاني في الدعوة ونصرة الحق وأهله..
ويعلم الله كم هدم البيان مما بناه المكتب الذي تشرف بتقديم تلك الصورة الرائعة لشيخنا للمواطنين المغاربة، ليعلموا أن علماءهم لا يسجنون علمهم في تحقيق علمي وشغف بالمخطوط وتوسع في علوم الآلات..
ولكنهم يضمون إلى ذلك الخير: التضحية والمواقف الشرعية والصدع بالحق والتأثر لحال الأمة والتفاعل مع قضاياها..
2- لا أدري لماذا لم تنتبه إلى ما صرحت به أنا مرارا من أن استقالتي هي من إدارة المكتب الإعلامي وليس من عموم العمل الدعوي في الجمعية، ووضحت في الاستقالة أنني مستعد لكل تعاون لا أرى فيه ما يخالف الشرع..
وقد اطلعت أنت على الاستقالة؛ ومع ذلك تتهمني بأنني تركت وتخليت عن شيخي!!
3- لا أشك في موقفكم السليم من المنكر الواقع في مصر، ولكن أجزم أنه موقف ضعيف لا يرتقي إلى ما يقتضيه الواجب الشرعي ولا يقارب.. بل إنني أشعر بالحرج والخوف من الله حين أرى البرودة والضعف الذي يعتري مواقف بعض طلبة العلم!
استحيي حين أرى الطالب يسود مقالة فيما يزعم أنه وفاء للشيخ ولم يكتب نصفها في التنديد بالظالمين وتوعية العامة بمنكرهم العظيم!
لم نر مقالة لما قتل مسلمون وهم ساجدون في الحرس الجمهوري!
ولا رأيناها لما قتلت نساء في رمسيس!
ولا في مجزرة رابعة ولا النهضة ولا..
فلما استقال القباج كتبنا مقالة لنلقنه درسا في الوفاء!!!
ثم قل لي: أين هي مواقف علماء المغرب؟؟؟؟؟
أين هي بياناتهم ومقالاتهم ومواقفهم وإنكارهم ووساطاتهم؟؟؟
هل تظن الذمة برئت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ألا ترى في هذا تقصيرا؟؟؟
ألا ترى فيه نوعا من الاستسلام والخذلان للمظلومين؟؟؟؟
أتريد أن نسلم بهذه العلمانية التي تفصل العلماء عن أحداث الأمة؟؟؟!
حاشاك..!
أما أنا فلا أعرف عالما تكلم سوى: الدكتور أحمد الريسوني والدكتور عادل رفوش..
ثم تستكثر قصيدة واستقالة وتعتبر هذا موقفا مبالغا فيه!!!
حبي لك ومعرفتي بفضلك؛ أوقعني في حيرة من هذا التقييم الظالم (وقد طفح الكيل بالظلم)
4- أخي الودود أعلم أن ما سفك من الدماء وما انتهك من الأعراض وما سلب من الحقوق؛ يقتضي من العلماء وطلبة العلم من المواقف والتصريحات ما هو أضعاف تلك القصيدة والاستقالة..
ولكنها منزلة لا يلقاها إلا الذين صبروا ولا يلقاها لا ذو حظ عظيم
لا يكفي هذا الكلام:
ألسنا متفقين على إنكار الانقلاب؟
ألسنا.. ألسنا.. ألسنا..؟؟؟!
الأمر ليس بهذه البرودة والأكاديمية والجدليات ..
إنه الدم.. إنه الحق المسلوب.. إنه الظلم المبين الذي يغضب له الجبار.. إنها الكرامة تداس.. إنه الإسلام يحارب..
أرأيت لو كان على مسلم 100 ألف زكاة؛ فأخرج منها: عشرة دراهم؛ أكانت تجزيه؟؟!
كلا ثم كلا؛ فاتقوا الله و”زنوا بالقسطاس المستقيم”، “أوفوا الكيل ولا تخسروا الميزان”..
“اعدلوا هو أقرب للتقوى”..
5- القصيدة فيها “تأليب العوام على الحكام”!!
ما هذا الكلام يا أخي؟! أنت تعلم أن سمعة خادم الحرمين عند عموم المسلمين لحقها الضرر العظيم بل عند جمهور العلماء الأحرار وغيرهم من النخب بسبب موقفه الذي فشا في الإعلام كله..
ثم تزعم أن القصيدة هي التي البت عليه العوام!!!!!
ما وزن القصيدة أمام سيل جارف من الانتقادات في الإعلام؟!! ما كان منها باعتدال وما تجاوز الاعتدال..
هل تتابع الإعلام؟!!!
لو أنصفت؛ لشهدت أن القصيدة تشير إلى نقد التكفير والتخوين والإسقاط.. وتصف خادم الحرمين بصفات محمودة، وتحصر النقد فيما أوجب الله، وهذا فيه تعليم للعامة..
ثم نظلم مرة أخرى ونلصق الذنب بعالم غضب لله وقال كلمة حق..
6- أخي الحبيب شيء من الإنصاف شيء من العدل والموضوعية في تقدير الأمور ووزنها.. ليس بيننا خلاف في أصل الموضوع ولكنه خلاف في تقدير الموقف الصحيح ووزنه بالقسطاس المستقيم..
واسمح لي أن أقسم لك بالله العظيم أن العلماء وطلبة العلم لم يوفوا المقام حقه..
ولم يؤدوا الواجب في نصرة المسلمين المظلومين..
ولو أنصفت نفسك لقارنت حجم المداد الذي أسلت في موضوع دفع التهمة عنك، وحجم الذي أسلت انتصارا لدماء الآلاف..!!!
وستقف على مدى تقصيرنا..
إن تهوين العظيم وتصغير الكبير.. نوع من الظلم ومخالف لشرع الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتفخ أوداجه ويتمعر وجهه ويتخذ المواقف القوية لما هو دون هذا المنكر العظيم والظلم الفظيع الذي فت في عضدي أنك تستكثر وتستعظم فيه قصيدة واستقالة!
حتى في أحلك الظروف؛ كان عليه السلام يذهب إلى المعذبين ويقول: موعدكم الجنة.. ويطلب من أبي بكر إنقاذهم..
ماذا قلنا للمعذبين؟؟؟
زماننا زمان التواصل والإنترنت..
هل أنشأنا صفحة أو موقعا لمواساة المعذبين؟
هل راسلنا بعضهم؟!
هل زرنا علماء السعودية لمطالبتهم بمطالبة خادم الحرمين بإيقاف الدماء؟!
وموقعه يمكنه من ذلك لا محالة..
هل كشفنا عنه شبهة علماء السوء (الإخوان إرهابيون وخوارج)؟
على الأقل: جهاد القلم والكلمة: المقالات.. التدوينات.. التغريدات.. المحاضرات.. الندوات.. نوعي العامة والمضللين بإعلام المسيح الدجال..
هناك وسائل مشروعة كثيرة متيسرة ..
لماذا تركناها وقصرنا في استعمالها؟!
ألا يعتبر هذا مخالفة لقوله عليه السلام: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه”؟!
وقوله: “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”.. قال: “تحجزه عن الظلم”..
ألا يمكن لو اجتمعت كلمة علمائنا واستعملوا وسائل إبلاغ الصوت المتاحة في هذا العصر؛ أن يطلبوا من خادم الحرمين أن ينصر السيسي بحجزه عن الظلم؟!
أنا لا أتحدث عن نصرة الشرعية وضمان حق الإسلاميين والإخوان خاصة -وإن كان لواجبا-؛ لكن على الأقل: حقن الدم الحرام وحفظ كرامة المسلم وحريته وصيانة عرضه من التهم التي تشرعن الفتك به: (الإرهاب، الخوارج ..)
لقد أذهلني تسجيل مرئي؛ يفضح مساعد وزير الداخلية وهو يقول للشرطة: اضربوا المحتجين مباشرة في القلب!!!!
طبعا بناء على أنهم إرهابيون خوارج..
رضينا من خادم الحرمين أن يكون بمثابة النجاشي: لا يظلم في سياسته أحد!
يا دكتور؛ علمك يدلك على أن إنكار التقصير في أمر عظيم؛ واجب، لا سيما إذا سعى البعض إلى تغطيته بتأصيلات جوفاء خوفا على دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها أو منصب أو.. أو..
7- أخي الحبيب أنصحك لوجه الله لا تكترث لسمعتك ولا لسمعتي ولا لسمعة الشيخ فإن الله المعز المذل الخافض الرافع لا يملك أحد أن يذل من أعزه الله ولا أن يعز من أذله الله ومن يهن الله فما له من مكرم..
قفوا موقفا شرعيا واجتهدوا في نصرة إخوانكم وارفعوا أصواتكم وقووا مواقفكم لرفع الظلم المبين..
ولو كانت نخب الأمة يتقدمهم العلماء؛ يتحركون ويوعون الناس ويأمرون بالمعروف ويكشفون الحقائق.. لحملوا الحكام على الحق دون فتنة ولا شر..
لا نريد فتنة ولا فوضى، وأيضاً لا نريد خنوعا وتقصيرا باسم المصلحة!
ننصح سرا حيث شرع ذلك، وننصح جهرا حيث تعين ذلك، وندعو ونبين ونضغط.. ونجتمع على هذا السلوك الشرعي..
وهو ما سنه لنا الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم..
وسامحني فإنني حريص عليك وأن تحلي علمك بالعدل والإنصاف.. ولولا منزلتك في قلبي لتعاملت مع كلامك بشكل آخر؛ فاعدل وانصف ولا تكن من الغافلين..