الملك سلمان وحادث «البروتوكول»
مسرور المراكشي
هوية بريس – الخميس 26 فبراير 2015
إن الله خلق الموت والحياة ليختبر بني آدم، وليتنافسوا في تقديم خير الأعمال وأحسنها، لقد توفى الملك عبد الله وجاء الملك سلمان، والأمر عادي فهذه سنة الخالق في خلقه “..كل من عليها فان..”، لكن الغريب هو الضجة التي أثيرت حول السلامة العقلية للعاهل السعودي الجديد، وذلك جاء مباشرة بعد حفل التنصيب أو “اكتمال انقلاب القصر”، كما كتب “ديفيد هرست” وهو صحفي يكتب بجريدة”لجارديان” البريطانية.
ومقاله هذا جاء بعد تعين شخصيات ممكن أن تخلق مشاكل للموالين لـ”الثورة المضادة”، ولزعيمها “السيسي”، والأمر يبدو طبيعيا فكل حاكم له الحرية في اختيار طاقمه، والمحاسبة تكون حسب الوفاء بوعوده، لكن الجهات المغرضة لم تمهله كثيرا لتعلن العداء لتوجهه، فهي تعمل بالمثل المغربي: “افطر بيه قبل ما يتغذى بيك”، ولقد ازداد عنف الهجوم بعد حادث “البروتوكول”، حيث تم التركيز على ضعف ذاكرة الملك، وكثرة نسيانه ليتوجوا الهجوم الإعلامي باتهامه بمرض “الزهايمر” أو الخرف المصاحب لشيخوخة، والحدث عادي لكن دلالاته خطيرة ولها ما بعدها.
لقد كان الملك سلمان برفقة رئيس أكبر دولة على هذه البسيطة، إنه الرئيس الأمريكي الديمقراطي “باراك أوباما”، وأثناء “بروتوكول” الاستقبال سمع أذان العصر فكان الملك السعودي الجديد بين خيارين، الأول هو الاستمرار في استقبال الضيف ومجاملته مع تجاهل نداء الصلاة، والثاني طبعا هو التوجه للمسجد لتأدية صلاة العصر، وخاصة أن هذه الأخيرة فيها وعيد شديد لمن أخرها عن وقتها، وقد اختار الثاني تاركا “أوباما” مع حرمه ليعود بعد الصلاة مباشرة لضيفه، الغريب في الأمر أن الرئيس الأمريكي تفهم الأمر بعد أن شرح له مرافقوه “الحدث”، لكن بعض الجهات العربية والأجنبية لم تستسغ ذلك وكالت للعاهل السعودي الاتهامات بنكهة “الشتائم”.
إن قطع الملك السعودي لمراسم “البروتوكول” من أجل الصلاة، قد يعتبره البعض حدثا “عاديا” وهذا من حقه، لكنني أعتبره شخصيا أمرا فاصلا وبداية انتفاضة “حضارية” لها ما بعدها، ونحن نتساءل عن نفس الحدث الذي وقع بإسبانيا، ولو بصيغة مغايرة نسبيا وذلك إبان انعقاد مؤتمر السلام بمدريد 1991 وكان بطله الإرهابي “إسحاق شامير” الملقب بالقنفذ، ولم يتهمه أحد آنذاك بالزهايمر أو الخرف ولا يحزنون، والحدث هو كالتالي: “..لقد كانت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر السلام بمدريد 1991 وكان اليوم يوم جمعة، فقام الإرهابي “شامير” بإلقاء خطبة عصماء وكأنه حاخام في كنيس يهودي، حيث دبج خطبته بمقاطع من “التوراة” تثبت أحقية “شعب الله المختار” بملكية أرض فلسطين التاريخية..”، ولقد استمع الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمار لخطبة “الحاخام” كاملة، كما استمعت بقية الوفود العربية المشكلة من الأردن وسوريا..، لخطبة الإرهابي التي تزامنت خطبته مع خطبة الجمعة وصلاتها فلم يلغوا خوفا من ضياع الأجر، وهكذا ضيعوا الجمعة ولم يتركوا البيع والشراء و”الضحك على الذقون”، لكن الصفعة أتتهم يوم السبت حيث كان من المتوقع أن يستمع “القنفذ شامير” لمعلقاتهم وخطبهم الفارغة، لقد دخلوا القاعة وكل شيء جاهز الإنارة والصوتيات والمترجمين، وأخذ القوم أماكنهم ولما تفقدوا “القنفذ” لم يجدوا في مقعده سوى العلم “الإسرائيلي”، وعند سؤالهم عن سبب غيابه كان الجواب بسيط “إنه يوم السب”، وهو مقدس عند اليهود حيث يحرم العمل فيه، فثار القوم وهاجوا وقالوا: “..استمعنا له بالأمس وكان اليوم يوم جمعة وهو كذلك مقدس عندنا..”، وعندما أرادوا أن يعلنوا انتهاء المؤتمر احتجاجا على انسحاب الوفد اليهودي، لم يلتفت أحد لتهديدهم وبقوا في مدريد إلى يوم الأحد، منتظرين “القنفذ” المنتظر ليصحح خطبهم، فهل بعد هذا الذل هناك ذل اكبر منه؟ وعودة إلى بعض الأبواق المأجورة نقول لهم: لماذا التهمتم الملك السعودي سلمان بـ”الزهايمر” والخرف لمجرد قطعه “بروتوكول” من أجل صلاة العصر؟ مع أنه عاد مباشرة لاستكمال مراسيم الزيارة بعد الصلاة، ولم يغب لمدة24 ساعة كاملة كما فعل الصهيوني “إسحاق شامير” ومع ذلك لم يتهمه أحد بالخرف ولا يحزنون، شيء من المنطق يا أصحاب التحليل الأكاديمي، فذاكرتنا ليست مثقوبة. وأختم ببعض الأسئلة دون انتظار الجواب، ماذا نقول عن رئيس أكبر دولة عربية تم تنصيبه من رئيسه الشرعي وحلف القسم، ثم عاد في الغد وحنث ثم انقلب عليه هل نسي القسم؟ هل هو مصاب بالخرف؟ ثم وعد الشعب بعدم رغبته في السلطة والحكم، لكنه خلف وعده وتشبث بالحكم رغم الدماء التي تسيل كل يوم، هل هو مصاب بـ”الزهايمر” السياسي؟ وماذا نسمي رئيسا جاء على ظهر دبابة وأحرق الناس هل هو أحمق مجنون؟ وهل لو كان العاهل السعودي يستقبل رئيس دولة فقيرة كـ”بنغلاديش” يمكن لهذه الزوبعة أن نثور؟ أليس هذا الهجوم على الملك هو بمثابة طلب واستجداء للعطف الأمريكي؟
خلاصة القول أن الملك سلمان حفظه الله أعطى إشارات واضحة على خير يته وأنه يريد الخير للأمة.
كما أن دولة قطر لم تعد لوحدها في مواجهة “الثورة” المضادة، وخاصة بعد الزيارة التي قام بها العاهل السعودي لهذه الدولة الصامدة، المهم أن حادث البروتوكول له ما بعده، أتمنى أن تعود هذه الدولة إلى فلسفة الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، وخاصة بعد تكالب المفسدين على هذه الأمة.
ابالمعطي أش ظهرليك في رجل مشى يصلي قالوا عليه احماق أو كيخرف؟ أولدي ره اللي اسمع الأذان أو ما مشى يصلي هو لحمق أو لمفضي بمرة!!!