العلمانيون وسؤال الإجهاض
د. رشيد الناصري
هوية بريس – الخميس 05 مارس 2015
إن من بين ما يستغرب له اليوم المتتبع البسيط للإعلام الوطني، خصوصا عند الحديث عن الإجهاض، إذ حسب ما أوردوا من تقارير يتراوح عدد حالات الإجهاض التي تقع في المغرب ما بين أربعمائة حالة، حسب منظمة الصحة العالمية، وما بين ست مائة وثمانمائة حسن تقارير غير رسمية.
وبعد تقديم الإحصاء توجه العلمانيون المغاربة مباشرة إلى تعداد الأسباب وحصرها في عدم تقنين الإجهاض لا إيقافه، وخلطوا في ذلك بين ما يصح وما لا يصح، فالإجهاض عندم يجب أن يقنن في الحالات التالية: في زنى المحارم، وفي الاغتصاب وفي حالة الإعاقة وفي حالة وجود حمل غير شرعي…
والمتأمل في هذه الدعوى، يصل إلى خلاصات أهمها:
– تغييب العلمانيين للسؤال الحقيقي: ما السبب المؤدي إلى حدوث الحمل الذي يستدعي الإجهاض؟
– ويغيب عنهم حق الحمل كيفما كان في الحياة التي يتبجحون بها.
– ويغيب عنهم حق الطفل في الحياة وعدم تحمله جريرة من زنيا.
– استغلال العلمانيين هذه الحالات وتضخيمهم لها من أجل تطبيع المغاربة مع الإجهاض وإشاعة الفاحشة في المجتمع.
ومن ثم، فالحل الحقيقي لهذه المعضلة – إن صدق القصد – يتمثل في تحكيم شرع الله تعالى بقطع أسباب الفاحشة المؤدية إلى الإجهاض وغيره، إذ قطع أصل الداء أولى وأجدى من معالجته بشكل جزئي، وقد حدد تعالى السبب والعلاج، قال تعالى: “ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا“، فمن سبل الزنا كثرة أبناء الزنا، مما يؤدي إلى الإجهاض الذي يشكل ضررا وخطرا على المرأة قبل الجنين.
كما أن تحريم الإسلام للزنا جاء ليصون هذه الفتاة خاصة والمرأة عامة من تعريضها لمثل هذا الحادث، فسد الذريعة التي توصل إلى هذه الكارثة.
كما تتجسد محاربة الإجهاض بفتح أبواب الزواج وتيسيره، لا محاربته باسم منع زواج القاصرات، قال تعالى: “وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم” (النور:32)، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” رواه الترمذي وغيره. وهذا من الفساد العريض الذي لا يعالج إلا بقطع أسبابه.
أما أن تعرض الأفلام الخليعة وتقصف الفضيلة بتهييج الغرائز وتدافع هذه الجمعيات عن الفساد باسم الحرية الجنسية أكثر من الدفاع عن حق الناس في التنفس والمأكل والمشرب، فهذا دليل على خلط العلمانيين بين الحق والباطل، وعن خلفيات يستغل فيها الإعلام المختطف من المغاربة لتنزيل ما لم يستطيعوا تنزيله انتخابا بتنزيله كرها وضغطا ودجلا.
فليتقوا الله في الأمة، وليعلموا -إن صدقوا- أن لا حل إلا في شرع الله، فالطهر والعفة وصنوهما الزواج هو الحل لكثرة الإجهاض. أما الإجهاض فهو نتيجة، فليعالجوا السبب الحقيقي لا مظاهره.