مناقشات علمية لعلماء «الفسح للشيعة»
رضوان السنوسي
هوية بريس – الجمعة 06 مارس 2015
مناقشة لغوية:
إن المتتبع لقواميس اللغة العربية في القديم منذ الخليل الفراهيدي (ت170هـ) إلى الزبيدي (ت1205هـ) لن يجد للفظ الحرية إلا مدلولا واحدا وهو: الشرف: فيقال حرية العرب (بالتشديد والتخفيف) أي أشرفهم كما أن لفظ الحر له معان لغوية كثيرة استدرك بعض اللغويين على بعض في تلك المعاني فالحر بمعنى البازي والصقر وابن الحية والعتيق من الخيل، و أخيرا الحر من الانسان أي في مقابل العبد الذي انعتق من ربقة الرق.
إن مفهوم الحرية الذي شاع اليوم وذاع وأعطي أكثر من حجم مدلوله إنما أخذ من نصوص قرآنية و حديثية دلت على ذلك المعنى لكن ماذا يقصد بالحرية في الحقل الاسلامي هل السماح «للخط الرسالي» بنشر عقيدته وفكره أم هو شيء آخر.
الحرية إذا أطلقت في الحقل الاسلامي فهي ظاهرة في الحرية السياسية والعقدية ومؤولة في غيرهما، فأما الحرية السياسية فهي نمط لاختيار الحاكم ويقصد بها الاختيار الشعبي للحاكم وأما الحرية العقدية فهي عدم إكراه غير المسلم على اعتناق الاسلام بالسيف والقوة.
أما المرتد فلا خلاف في وجوب قتله إذ أن الحديث واضح حيث قال رسول الله عليه السلام «من بدل دينه فاقتلوه»؛ «ومن» تفيد العموم والاستغراق كما هو عند جمهور اللغويين والأصوليين إلا أن بعضهم قيده بمن يشي بالمسلمين أو ينشر دينه ويهدد الأمن الروحي الداخلي للبلاد.
فالحرية التي يتشدق بها القوم مرفوضة وغير معتبرة إذ أن الشيعي مع هذا القانون أصبحت له مؤسسة بحثية ودار نشر فمن حقه أن يطبع كتبه وينشر عقيدته ويدعو لفكره وهذا منع منه من أفتى بقتل المرتد الذي ينشر دينه ويعمل على التشويش على عقيدة المسلمين فكيف يقتل المرتد ولا يمنع الشيعي مع أن العلة في هذا وذاك واحدة.
مناقشة فقهية
لقد أفتى المالكية وحذروا من الشيعة وتناقل عنهم ذلك بالتواتر ومنهم إمام المذهب مالك بن أنس وتلميذه أشهب وبعدهما القرطبي والقاضي عياض وغيرهم يقول الإمام أبو بكر بن العربي المالكي المعافري في كتابه العواصم من القواصم «ما رضيت النصارى واليهود في أصحاب موسى وعيسى ما رضيت الروافض في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين حكموا عليهم بأنهم قد اتفقوا على الكفر والباطل»، بل إن فقهاء المالكية أفتوا بوجوب الترضي على الصحابة على المنابر لم في ذلك من تثبيت حبهم في قلوب العوام وقطع الطريق أمام المشككين وخالفهم الشاطبي وذكر محنته في كتابه «الاعتصام» فهل العلماء حفظهم الله سمعوا عن تلك الفتوى وظروفها ومصالحها المستجلبة أم لم يسمعوا بذلك؟
مناقشة أصولية:
من المقرر أن سب الصحابة خط أحمر وفعل محرم وأن التشويش على العوام في عقيدتهم مرفوض والقاعدة الأصولية تقول: «ما يؤدي إلى الحرام حرام».
وسد الذرائع أصل من أصول المالكية أخذوا به وارتضوه في الفهم والاستنباط واعتبار المآل منهج لا يتخلف عن القول به إلا غير الموفق «كغير الموفق غفر الله له».
بل توسع المالكية في الأخذ باعتبار المآل وسد الذرائع حتى في المفاسد المظنونة والنادرة حتى قرروا أن « المظنة بمنزلة المئنة»، وظاهر للأعمى المفاسد الكثيرة للفسح للشيعة وهي مفاسد تهدد المقاصد الضرورية الخمسة أو معظمها:
الدين: حيث التهوين من الصحابة وقدرهم ورفع علي رضي الله عنه إلى مقام العصمة بل أحيانا إلى مقام الألوهية وتغيير عقيدة المسلمين خاصة منهم أصحاب الرسائل الجامعية في مقارنة الأديان الذين يحلمون بنشر رسائلهم فهذه فرصة فتحت لهم من طرف «الخط الرسالي» الممول لنشر رسائلهم وربما التنازل عن عقائدهم.
النفس والمال: حيث أن المخطط الشيعي سيعمل بكل جهوده ويفرغ كل قواه لتهديد الأمن الاجتماعي والسيادة الملكية وتعويضها بولاية الفقيه.
النسل: وذلك بنشر زواج المتعة الذي يعتبر شكلا من أشكال الزنى إلا أنه زنى مقنن ومصادق عليه ففي زمن استفحلت فيه العزوبة والعنوسة سيجد الشباب ضالتهم في هذا المذهب الضال.
لكل هذه المفاسد التي تعود على مقاصد الشارع بالنقض والتي ستقع لا محالة قطعا وجب سد الذريعة واحترام أصل إمام دار الهجرة رحمه الله.
إن تهديد الأمن الداخلي وسب الصحابة وتهوين محبتهم في قلوب العوام كلها محظورات شرعية وكل ما يسهم في تثبيت ذلك ونشره وشرعنته فهو محرم إذ القاعدة الأصولية تقول: «ما يؤدي إلى الحرام حرام»، وقال تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، والقاعدة الأصولية أن: «النهي المجرد عن القرينة يفيد التحريم»، فالفسح للخط الرسالي حرام في حرام.
مناقشة في فقه الواقع:
إن كره الصحابة عقيدة ثابتة قطعية عند الشيعة وتكفير النواصب أو العامة (أي أهل السنة) الذي لا يؤمن بولاية علي أمر مبثوث في كتبهم بل إن قتل السني جهاد يثاب عليه صاحبه ولنقرأ التاريخ الماضي ولنستشهد بالحاضر فهو أقرب إلينا من حبل الوريد فأحداث سوريا والعراق كشفت عن هذه الحقائق وهو ما دفع رائد التقارب السني-الشيعي العلامة الفقيه يوسف القرضاوي إلى نهج طريق غير الطريق خطه واتبعه سنون عددا فهل علماء المغرب لم يستيقظوا بعد؟
الحقيقة المؤسفة:
إن الفسح للشيعة هي فتوى سياسية خرجت من جلباب فقيه، نعم هكذا اجتمع بعض الفقهاء ليشرعنوا للمد الشيعي «والخط الرسالي» في البلد السني الذي كفر ملكه الراحل الحسن الثاني رحمه الله في يوم من الأيام «الخميني»، فليتهم أنصتوا للحسن الثاني وليتهم استجابوا للإمام مالك لكنهم -وللأسف- لم يفعلوا هذا ولا ذاك بل داسوا أصول مالك وفقه أشهب وأحرقوا المدونة خوفا أو طمعا، وتناسوا قوله تعالى: «الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحد إلا الله».
فاللهم إنا نبرأ إليك مما فعله السفهاء منا.