الشيخ القزابري يكتب: ورحل الدكتور عبد الهادي التازي
هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
الجمعة 03 أبريل 2015
لقد أتى الناعي بانهداد الطود المنيع، وزوال الجبل الرفيع، فالدمع واكف، والحزن عاكف، مصاب أطلق أسراب الدموع وفرقها، وأقلق أعشار القلوب وأحرقها، نعم أيها الأحباب، إنها فجيعة لا يداوي كلمها آس، ولا يسد ثلمها تناس، ولكن هو الدهر فلا تعجب من طوارقه، ولا تنكر هجوم بوائقه، عطاؤه في ضمان الارتجاع، وحباؤه في قران الانتزاع، فلا نكر إذا فجع بالذخائر، ولا غرو إذا استأثر بالأخاير، هو الدهر، وعلاجه الصبر،
لا تهنأ فيه المواهب، حتى تتخللها المصائب، ولا تصفو فيه المشارب، حتى تكدرها الشوائب، هو الدهر يفطم أمام تكامل الرضاع، ويفرق قبل الإمتاع، بحسن الاجتماع، هي الأقدار ترتجع العارية، وتتلقى بالمنية الأمنية، ولكن ما الحيلة وقد حل القضاء، وفرض لقدر الله العزاء، لا تسخط لقدر الله فهو عدل، ولا اعتراض على حكم الله وهو فصل، ولكنه الرضا والتسليم وذلك الفضل..
لقد رحل العالم العلم، الذي يحسب على عالم القمم.. الفقيه اللغوي المؤرخ السياسي المحنك، النزيه الوديع المتواضع، إنه شاهد على عصر، وعالم تبوأ الصدر، وإن قيمة كل أمة برجالاتها، واليوم نفقد رجلا كبيرا قدم الكثير لبلده وأمته، وتواليفه شاهدة، وأخلاقه سيدة، فإنا لله وإنا إليه راجعون..
لقد من الله علي بأن قابلت هذا الرجل، ورأيت منه حركة لا أنساها له أبدا، كنا في حفل إفطار في رمضان، في مكان مبارك، وكانت الموائد كثيرة، وإذ بي ألمح الدكتور التازي، وكنت قبلها أتوق للقائه، فقمت من مكاني، وتوجهت نحو مائدة الدكتور، فأردت أن أقبل رأسه، فلما رآني، أصر على القيام على كبر سنه، وضعف بدنه، وقال لا بد أن أقوم لأهل القرءان، ثم قال لي، إني أتابعك، ودعا لي بكل خير، فودعته وكلي إعجاب بهذه الأخلاق العوالي، والشيم الغوالي، وكذلك العلم يصنع بأهله..
فلا أجد ما أقول إلا ما أرشدنا الله إلى قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون..
رحم الله الدكتور الكريم عبد الهادي التازي، وألحقه بالصالحين، وجعله من أهل اليمين، وعوضنا خيرا، وحفظ بلادنا وملكنا، ووقانا شر المهالك، وسلك بنا أطهر المسالك، وأسأل الله أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، والرضا والإذعان..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، محبكم وحافظ عهدكم وودكم؛ عمر بن أحمد القزابري.