كشف الغمة، بمعرفة فضل هذه الأمة


الشيخ عمر القزابري
هوية بريس – الأربعاء 08 أبريل 2015
تصحيح الإنتساب يقتضي معرفة شرف المنتسب إليه، ومن ثم يأتي الاعتزاز، المفضي إلى جميل الإنجاز، أما أن يجهل المسلم شرف النسبة، فإن ذلك يؤدي إلى الانبهار بالأمم الأخرى، والانبهار سبب الإنصهار .لقد شرفنا الله أيها الأماجد بالانتساب إلى أعظم أمة، وهذه المكرمة مدعاة للفخر والشرف.. ولله در سيدنا القاضي عياض رحمه الله يوم يقول:
ومـمـا زادني شـرفـا وتـيـهـا***وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي***وأن صيـرت أحـمد لي نبيا
هل جلست يوما مع نفسك وفكرت في فضل الله عليك أن جعلك من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، دون أن تسعى أنت في ذلك.. إنه اصطفاء واجتباء، يجب أن يقابل بالحمد والانحناء، لله فاطر الأرض والسماء.. لقد شرف الله هذه الأمة بصور عديدة من صور التشريف والتكريم.. منها : أن الله سوى بينها وبين بعض الأنبياء في أوصاف
قال تعالى في حق الخليل عليه السلام: (ولقد اصطفيناه في الدنيا)، وقال لهذه الأمة: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا).
وقال كذلك في حقه عليه السلام (شاكرا لأنعمه اجتباه)، وقال لهذه الأمة: (هو اجتباكم)، وقال في حقه أيضا: (وهداه إلى صراط مستقيم)، وقال لهذه الأمة: (وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم).
وقال سبحانه في حق سيدنا موسى الكليم -عليه السلام-: (لا تخف إنك أنت الأعلى)، وقال في حق هذه الأمة (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون)، وأخبر عن موسى في قوله: (إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له)، وقال لهذه الأمة: (إن الله يغفر الذنوب جميعا)، وقال في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (ما كان على النبي من حرج)، وقال لأمته: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقال له صلى الله عليه وسلم: (ويتم نعمته عليك)، وقال لأمته: (وأتممت عليكم نعمتي)، وقال له صلى الله عليه وسلم: (وينصرك الله نصرا عزيزا)، وقال لأمته: (وكان حقا علينا نصر المومنين)، وقال له صلى الله عليه وسلم: (ولسوف يعطيك ربك فترضى)، وقال لأمته: (ليدخلنهم مدخلا يرضونه)، وقال له صلى الله عليه وسلم: (ألم نشرح لك صدرك)، وقال لأمته: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)، وقال له صلى الله عليه وسلم: (وإن لك لأجرا غير ممنون)، وقال لأمته: (فلهم أجر غير ممنون)، وقال له صلى الله عليه وسلم: (وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)، وقال لأمته: (لتكونوا شهداء على الناس).
أمة الإسلام: إن الله يحبكم ويريدكم له ويدعوكم إلى دار كرامته حيث السلم والسلام قال تعالى: (والله يدعوا إلى دار السلام)، فهل من مجيب لهذه الدعوة التي شرطها الإحسان، بمقتضى قول الداعي إلى هذه الدار، بعد آية الدعوة: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة، اولئك أصحاب الجنة، هم فيها خالدون)، أيها المسلم: أبشر ربك لا يريد أن يعذبك لا يريد أن يعنتك، لا يريد أن يحرجك، يريد منك شكرا صورته التقوى، وإيمانا تصديقه اليقين، قال تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم) أيها المسلم أبشر، ربك يغمرك برحمته، ويبشرك بجميل تحيته، يوم تقف بين يدي عظمته، (وكان بالمومنين رحيما، تحيتهم يوم يلقونه سلام، وأعد لهم أجرا كريما).
أيها المسلم أبشر.. ربك يزيح عنك المخاوف.. يقول لك لا تخف في حياتك، لا تخف ساعة احتضارك، لا تخف في قبرك، لا تخف يوم حشرك ونشرك.. فقط تزين بالأعمال الصالحة التي باعثها الإيمان، وتمتع بعدها بالرضى والرضوان (ومن يعمل من الصالحات وهو مومن فلا يخاف ظلما ولا هضما).
أيها المسلم أبشر، ربك يطمئنك ويبشرك أنك عند رحيلك عن هذه الدنيا ستزف في موكب ملائكي عظيم.. فريق يبشرك بالدرجات العليا، وفريق يطمئنك على ابناءك الذين تركتهم في دار الدنيا، فقط حقق الاستقامة (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة).
فأبشروا وافتخروا واعملوا.. ولا تروا أن أحدا أفضل منكم من الأمم الأخرى، فأنتم خير الأمم، ونبيكم سيد الأنبياء، وكتابكم أفضل الكتب.. ومعكم دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ترفرف فوق رؤوسكم وتكتنفكم.
عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب النفس قلت: يا رسول الله ادع الله لي، قال: “اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وما أسرت وما أعلنت..” فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الضحك، فقال: “أيسرك دعائي؟“، فقالت: ومالي لا يسرني دعاؤك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (والله إنها لدعوتي لأمتي في كل صلاة) أخرجه البزار وحسنه الألباني..
الله أكبر.. هل بعد هذا الفضل فضل، هل بعد هذا العز عز.. فما علينا إلا أن نعظم ربنا سبحانه وتعالى بطاعته، ونعظم نبينا صلى الله عليه وسلم باتباعه.. ونعمل على استرجاع هيبة الأمة، والتي لا سبيل اليها إلا من خلال الكتاب والسنة.. وإن قال الناس وقالوا..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.



