مسلمو الأندلس ورقة جديدة في صراع مدريد وكاتالونيا حول الانفصال
هوية بريس – متابعة
الخميس 09 أبريل 2015
وجد قرابة نصف مليون مسلم يقيمون في إقليم كاتالونيا (شمال شرقي إسبانيا) أنفسهم وسط جدل سياسي يبدو أنه سيكون محور نقاش واسع قبيل انتخابات محلية تنطلق في إسبانيا نهاية ماي القادم.
الجدل حول المسلمين المقيمين في إقليم كاتالونيا بدأ مؤخرًا؛ بسبب نشاط شخصيات سياسية كاتالونية تتهمها الحكومة المركزية الإسبانية في مدريد، بمحاولة توظيف المهاجرين في مشروع الانفصال.
تصريحات مسؤول رفيع في الحكومة الإسبانية ورد من نظيره في الحكومة المحلية في إقليم كاتالونيا، يوم الأربعاء، أظهر أن ورقة نحو نصف مليون مسلم كاتالوني باتت مساحة جديدة من الصراع بين مدريد وبرشلونة (عاصمة إقليم كتالونيا) حول مشروع انفصال الأخيرة.
على جانب الحكومة المركزية، قال وزير الداخلية “خورخي فرنانديز دياز” (بالحكومة الإسبانية الاتحادية): إن “مؤسسة الكاتالون الجدد، برئاسة انخيل كولوم، تضم بين أعضائها العديد من المتطرفين المسلمين”، في اشارة إلى اعتقال أشخاص، خلال الفترة الأخيرة، في صفوف الجالية المسلمة في إقليم كاتالونيا بتهمة الانتماء إلى تنظيم “داعش”.
“دياز” أضاف في لقاء مع إذاعة “راديو كاتالونيا” (حكومية): “في أعقاب محاولة الاستقلال (مسعى انفصال إقليم كاتالونيا عبر تنظيم استفتاء) أتذكر أنه تمت محاولة استقطاب العديد من هؤلاء الناس (يقصد المسلمين) إلى مؤسسة الكاتالون الجدد مع محاولة إغرائهم وتبشيرهم بحلم الاستقلال دون تدقيق في خلفياتهم وتوجهاتهم الدينية”.
الوزير في الحكومة الإسبانية يريد القول بطريقة ما “إن حكومة إقليم كاتالونيا تقدم تسهيلات للمسلمين رغم أن بينهم متشددين”.
ومؤسسة “الكاتالون الجدد” التي تحدث عنها الوزير هي مؤسسة قانونية تابعة لحزب التوافق الديمقراطي الكاتالوني (CDC) الذي ينادي بانفصال كاتالونيا، والذي يقود مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكاتلاني (OCD) حكومة الإقليم، ويتراس (OCD)، ارتورو ماس، رئيس الحكومة الكاتالونية والمعروف بأنه زعيم مشروع انفصال إقليم كاتالونيا عن إسبانيا.
وفي المقابل؛ عبر وزير الداخلية الجهوي الكاتالوني، “رامون إسبادالير”، (وزير في حكومة كاتالونيا المحلية التي تدير الإقليم) عن أسفه لتصريحات “دياز”، معتبرًا أنها “تربط الاستقلال بالإرهاب”.
وأضاف إسبادالير في حديث مع اذاعة “إر آ سي 1” (خاصة): “إذا ارتبط شخص ما (من المسلمين) مع هذه الحركات (الحركات الإرهابية)، فأنا أجهل ذلك”، مطالبًا بعدم الربط بين الحركة الاستقلالية (التي تدعوا للانفصال عن إسبانيا) والجهادية.
وفيما تقول حكومة كاتالونيا: إن مؤسسة “الكاتالون الجدد” المحلية هي مؤسسة لمساعدة المهاجرين كأي مؤسسة أخرى، تقول الحكومة الإسبانية المركزية: إنها مؤسسة لدعم المهاجرين واستغلالهم من أجل أن ينضموا لمشروع الانفصال فور حصولهم على الجنسية ويصبحون مواطنين.
ويقيم في إقليم كاتالونيا 448 ألف مسلم أغلبهم من الجالية المغاربية من أصل 1.6 مليون مسلم يعيشون في كامل إسبانيا.
وأظهرت نتائج استفتاء رمزي، أجري في نوفمبر الماضي، حول استقلال إقليم كتالونيا ذو الحكم الذاتي، أن 80% من المشاركين في الاستفتاء يؤيدون تحول إقليمهم إلى دولة مستقلة.
وتبع الاستفتاء الرمزي مطالبة رئيس إقليم كتالونيا أرتور ماس، بإجراء مفاوضات مع الحكومة الإسبانية من أجل تنظيم استفتاء رسمي بشان الاستقلال.
ويتمتع إقليم كتالونيا، الذي يبلغ عدد سكانه سبعة ملايين و500 ألف نسمة، بأوسع صلاحيات الحكم الذاتي بين أقاليم إسبانيا، ويأتي ترتيبه السابع من بين 17 إقليمًا تتمتع بحكم ذاتي في إسبانيا، وتبلغ مساحته 32.1 ألف كلم، ويضم 947 بلدية موزعة على أربع مقاطعات هي برشلونة وجرندة ولاردة وطرغونة.
الباحث في العلوم السياسية سعيد بن سلام يقول: إن “المؤسسة تقدم تسهيلات للمهاجرين المسلمين وتعدهم بأن حياتهم وحياة أبناءهم ستكون أفضل عند التمكن من استقلال الإقليم عن إسبانيا، وبالتالي حاولت هذه المؤسسة استقطاب أكبر عدد منهم”.
ويرى سلام لوكالة “الأناضول” أن المسلمين في كاتالونيا تقريبًا نصف مليون. وفي السنوات القادمة سيحصلون على الجنسية وهذا رقم مهم في دعم مشروع الانفصال. أصحاب مشروع الانفصال يفكرون بهذه الطريقة”.
واعتبر الباحث السياسي أن “ما تريده حكومة كاتالونيا المحلية هو أمر مفهوم وهو زيادة المطالبين بالانفصال.. ومفهوم لماذا ترفضه الحكومة المركزية وهو أنها لا تريد أن يزداد المطالبون بالانفصال”، مشيرًا إلى أن “نصف مليون مسلم وقعوا في هذا الجدل”.
ويخلص سلام إلى القول بأنه “بغض النظر عن الجدل السياسي ينظر المهاجر المقيم في إقليم كاتالونيا إلى أن الحكومة المحلية تمنحه رعاية أفضل من خلال مؤسسة قانونية تتبع لحزب قوي يشارك في الحكومة بقوة وبالتالي يجدون أنهم يستفيدون ويمنحون ولاءهم للحكومة التي تدعمهم، وبالتالي يصبحون بشكل ما داعمين أو متعاطفين مع الانفصال”.