هناك خلل

ذ. أحمد اللويزة

هوية بريس – الإثنين 20 أبريل 2015

ما أكثر خطب الجمعة فهي الشهر أربع أو خمس!!وما أكثر المواعظ في المساجد والجنائز والمناسبات وهي أكثر من تحصى!!ما أكثر الندوات والمؤتمرات واللقاءات والحوارات والمنتديات وهي أعمق وأدق مما سبق!!كل هذه تتداول موضع الدين والقيم والشرائع؛ تنصح وتعظ،  وتأصل وتقعد، وتحذر وتوصي، وتفصل وتشرح.

الوضع جد معقد، فهناك علماء ووعاظ ومشايخ، من غير حديث عن قلتهم وعدم قدرتهم على تغطية حاجيات الدعوة المتشعبة المشارب والمتعددة المطالب، رد الشبهات في العقيدة والعبادة والأخلاق، تفنيدادعاءات من مغرضين متخرصين، دحض افتراءات من حاقدين ماكرين متلبسين بالدين أو متمايزين، ناهيكم عن توجيه الناس وكشف التلبيس، وبيان الحق، وغير ذلك، مهمة صعبة بل مهمات كل واحدة تحتاج إلى كتيبة من العلماء.

لكن هناك ضباب كثيف يغطي الأفق، وغبار شديد يخفي الحقيقة، والذي أقصد أن هناك علامات استفهام كثيرة تحير الذهن وتشغل النفس وتؤرق الفؤاد، هل هناك خلل؟ أم أن الخرق متسع؟ أم ….ماذا؟.

من عمري القصير سنون مرت، ولا أرى الأمور تزداد إلا تعقيدا، والفساد والانحراف يتمدد طولا وعرضا، ويكثر كما وكيفا، ويتطور التخلف، وتتعمق التبعية ويتخذ الذل الونا، ونتجرع المرارات تلو المرارات، خصوصا وقد صار ما كان خفيا ظاهرا فتزداد الحسرة، ويشتد الألم بعد الاطلاع على واقع المسلمين الذي لا يسر صديقا ولا عدوا، انتشر الشرك وفي أقبح صوره، واستبيحت الأعراض ودنست بإرادة وبكل أريحية، وأكل الحرام بشراهة وتلذذ، وتلبس الناس بالحرام دون خجل ولا وجل ولا تردد ولا شعور بأدنى حرج، تركت الفرائض بدون تأنيب ضمير أو لوم نفس، انتشرت أفكار ومعتقدات وتصورات تنهد لها الجبال، ولاسيما من جيل سيحمل المشعل مستقبلا… والشباب الذي يروم الاستقامة تتنازعه توجهات وفرق وجماعات يتيه في أوديتها كل من لم يأخذ الله بيده إلى الحق؛ تناسل هذه التوجهات والمناهج جعلت الشباب حيران أي سبيل سيسلك، وأي طريق سيتبع والكل يدع الحق في دعواه؟!

فلم هذا الصورة القاتمة -التي لا شك تتسرب بين ثناياها خيوط من الضوء يبدو خافتا في المنظور البشري-، هل هذا فشل؟ أم خلل؟ هل هو منهجي أم مقصدي؟ هل هو غياب الصدق والمصداقية؟ أم هي نظرة سوداوية ليس إلا؟

فلا عيب أن يبحث الصادقون عن الخلل، وأن يفصحوا عنه بأدلته القاطعة، ويكشفوا العيب بكل صراحة، وينقوا طريق الإصلاح من الشوائب، ويصفوها من كدر الطفيليين والنفعيين ومن فسدت مقاصدهم، وإلا فإن الطريق طويل وشاق، إلا أن يقضي الله امرًا كان مقدورا، والأمر لله من قبل ومن بعد.