الدكتور رشيد نافع يكتب: من يوقف حصد الأرواح على الطرق؟؟
هوية بريس – د. رشيد نافع
الأربعاء 22 أبريل 2015
لا شك أن حوادث السير والطرق، ومضاعفاتها الخطيرة، تعم مناطق العالم بلا استثناء. بيد أنها تكثر نسبياً، في إفريقيا ودول الخليج فلا يكاد يمر يوم في بلداننا العربية (وبخاصة المغرب) دون سيل من الدماء من جرائها.
فكثرة الحوادث التي تقع مردها في الغالب للسائقين الذين ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
1- قسم يجيد السياقة ويعرف واجباتها وأنظمتها ويطبقها بقدر المستطاع، فهذا أهل لذلك.
2- وقسم لا يجيدها ولا يعرف واجباتها وأنظمتها، فهذا ليس بأهل لها، وفي ممارسة السياقة من هذا النوع تفريط وجنون.
3- وقسم يجيدها ويعرف واجباتها وأنظمتها ولكن يتساهل في تطبيقها، بل يتعدى فيها ولا يبالي بما وقع منه من مخالفات وحوادث، فهذا جان على نفسه وعلى غيره فيما خالف فيه.
خلاصة القول: من المؤسف أن لا يتناسب “رد الفعل” مع فداحة حوادث السير وسيل الدماء: “فهي لا تسبب سوى رد فعل إعلامي مؤقت كحادثة طنطان الأخيرة”. لكن ليبقي أثرها: حصاد الأرواح، وتدمير الأسر، وتخريب الطاقات البشرية، وإفراغ الصفوف المدرسية، وإحداث الإعاقات المستديمة.. إلخ”. لذا فينبغي ألا يكون حبل التوعية بهذه الحوادث قصيراً، بل يستديم تحسين فهمنا للمعاناة الجسدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية لها.
إنّ انعدام السلامة على طرق السير أصبح من العقبات الكبرى التي تقف في تحسين الصحة وتوفير التنمية ما يستلزم توجيه السياسات والبرامج الرامية إلى توقيف الوفيات التي تحدث -دونما داع- على طرق مغربنا الحبيب.
إذ لابد من خطة صارمة لفرض قوانين المرور على الجميع دون استثناء أو محاباة أو تهاون أو تهويل، حتى يصبح اتباعها سليقة ووازعا داخليا وإن غابت أعين الرقباء.
وينبغي اتخاذ تدابير مثل: انتهاج مبدأ التدرّج في الحصول على رخص القيادة، وتنفيذ تدابير محسّنة، مثل تخفيض حدود السرعة، وفرض عقوبات مُشددة على كل من يقود وهو متعاط لأي نوع من الخمور، أو المخدرات، أو التهور في السياقة، والعبث بأرواح وسلامة المواطنين وخصوصا أصحاب النقل العام، ووجوب ارتداء الخوذات الواقية الخاصة براكبي الدراجات النارية وحتى الهوائية مع دورات مكثفة لتحسين مستوى فهم السائقين العاملين في مختلف قطاعات النقل التعليمية المتعلقة بالسلامة على الطرق.
حثّ المدارس والجامعات على تعليم الشباب مبادئ السلامة، وإدخال مناهج مدرسية جديدة في هذا الخصوص. وتوفير الحملات والبرامج التدريبية وإعداد التقارير الإخبارية الإعلامية التوعوية بمدى فداحة تلك الحوادث، والتعاون بين الجميع -أفرادا ومؤسسات- لخفضها لأدنى حدود ممكنة.
وتوفير وسائل نقل عامة ميسرة وذات كفاءة (كالقطارات والباصات الكبيرة وسيارات الأجرة بين المدن الكبرى والأقاليم، وشبكة خطوط قطارات عبر الأنفاق، وغيرها)، يقلل من الاعتماد على وسائل النقل الخاصة مما يوفر سيولة في المرور، ويقلل من ازدحام الطرق وحوادثها.
حزام الأمان سبب في النجاة والاطمئنان:
كلنا موقنون أن السلامة والحفظ هي بيد الله عز وجل “فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين“، ولكن الشرع أمر بأخذ الأسباب والعمل على وفقها لا الاعتماد عليها، وقد ثبت بالتجربة القطعية أن حزام الأمان يخفف من فداحة المصيبة أثناء الحادث ويحمي السائق من هول الاصطدام.
ولا ننس أن هناك أحزمة معنوية أخرى تقي بإذن الله عز وجل أخطار كثيرة بشرط أن تطبق بصدق عقيدة وقوة يقين، مثل: دعاء الركوب، ودعاء السفر، وملازمة الأذكار أثناء قيادة السيارات.
الأنظمة المرورية ملزمة شرعاَ:
إن هذه الأنظمة وضعها الإمام لتنظيم سير الناس على هذه الطرق، وحفظ أرواحهم من الهلاك، وبناءاً على المصلحة العظيمة المترتبة عليها فإن إلزام ولي الأمر بها مشروع جرياً على قاعدة (تصرفات الإمام بالرعية منوطة بالمصلحة)، والمصلحة هنا معتبرة فهي لم تخالف نصاً من الكتاب أو السنة ومنفعتها لعموم الناس حقيقية لا وهمية، وهي إن لم تكن من الضروريات فلا تنزل أبداً عن رتبة الحاجيات.
وختاماً: أسأل الله عز وجل أن يقينا شر الحوادث والأضرار، وأن ينعم علينا بالأمن والإيمان، وأن يهدي ضالنا ويصلح شبابنا ويرحم موتانا. إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.