في أقوى رد من الأزهر.. الشافعي يحمِّل العلماء مسئولية السكوت عن الحق
هوية بريس – المفكرة
السبت 27 يوليوز 2013م
في أقوى رد فعل يصدر عن شخصية اعتبارية تمثل الأزهر وهو الدكتور حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر، والذي أعلن قبل قليل استقالته عن المجزرة البشعة التي أوقعتها قوات الجيش والشرطة المصرية بحق متظاهرين سلميين رافضين للانقلاب عند المنصة القريبة من قبر الرئيس المصري الراحل السادات، والتي أوقعت أكثر من 200 شهيد وأكثر من 4000 جريح إصابات كثير منهم خطيرة جدًّا.
جاء بيان الشيخ حسن الشافعي قويًّا وواضحًا في تحميل الانقلابيين في مصر مسئولية هذه المجزرة البشعة، وموجهًا في نفس الوقت نداءه لعلماء العالم الإسلامي ليقوموا بواجبهم في البيان والبلاغ، ومحملاً إياهم مسئولية كتمان الحق وهذا نص بيانه:
“بيان من فضيلة الدكتور حسن الشافعي بشأن مجزرة جامعة الأزهر:
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان إلى الناس كافة..
أتوجه الآن في هذا الصباح وقد بلغني مقتل أكثر من مائة شاب مصري ليسوا جميعًا من الإخوان المسلمين الذين استبيحت دماؤهم هذه الأيام وكأنهم ليسو من البشر، فليس كل من في رابعة العدوية من الإخوان المسلمين، ونحو 4000 مصاب ضربوا جميعًا عند المنصة قرب قبر الرئيس السادات وغير بعيد من مقر جامعة الأزهر الجديدة، بعد أن أطلقت عليهم قنابل الغاز المسيلة للدموع، وكان الرصاص في الرؤوس والصدور، ولم تنته هذه المجزرة بعد حتى الآن.
أتوجه كمصري إلى الشرفاء الأمناء من شعب مصر الذين لا يرتضون هذا الظلم الفادح الذي لم نشهد له مثيلاً حتى من المستعمرين، وقد سمعنا بالأمس أن الشرطة والجيش مسئولان عن سلامة المتظاهرين.
وأتوجه كعضو في هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف الذين أخذ الله عليهم العهد بالبيان وعدم الكتمان قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
أتوجه إلى كل علماء مصر وفي مقدمتهم فضيلة شيخ الجامع الأزهر الذي أعلن ما قرره المصطفى صلى الله عليه وسلم من قبل بأن دم المسلم أقدس عند الله من الكعبة، وأن انهيارها حجرًا حجرًا أقل من إراقة الدماء البريئة.
ماذا عساهم يفعلون؛ المتظاهرون العزل لو حوصروا من كل جانب بقوات الشرطة دون إطلاق الرصاص عليهم؟
وأتوجه إلى علماء العالم الإسلامي كله في السعودية والخليج والشام والعراق والباكستان والهند وفي ماليزيا وإندونيسيا وفي المغرب العربي وإفريقيا، أتوجه إليهم جميعًا في هذه اللحظة. يا عباد الله 4000 جريح و 100 قتيل في ساعة أو ساعتين في معركة ليست تدور مع الصهاينة الذين اغتصبوا الأرض المقدسة بل مع مصريين مسلمين عزل.
وأناشد الشرفاء في كل أنحاء العالم الذين لا ترتاح ضمائرهم الإنسانية إزاء هذه المجازر المتكررة عند الحرس الجمهوري، وعند منصة السادات، وحول مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
ماذا عسى أن يوصف به؟ متى يتوقف مسلسل القتل الجماعي الانتقامي بلا ضرورة؟ وماذا عسى أن يفعل هؤلاء الممسكون بالزناد يضربون به الرؤوس والقلوب كما قال ذلك كبير الأطباء في المستشفى الميداني؟ فلتضربوا الأقدام والأرجل إن كنا نشتهي سيل الدماء.
لم نشهد ذلك من قبل حتى في أشد عصور الديكتاتورية.. ولم يقتل عبد الناصر المتظاهرين ضده في عام 1967 وكان سقوط قتيل واحد أو اثنين في تاريخ مصر كفيل بسقوط الوزارة وتغير الحكام القساة.
بم نصف هؤلاء الذين يقتلون شعوبهم في العالم العربي ممن يوصفون بالتقوى وحفظ القرآن الكريم؟
اللهم إن هذا منكر لا يرضيك.. اللهم لا حول ولا قوة إلا بك.. يا رب أدرك عبادك الذين برؤوا من كل حول وصول، وكن لهم في هذا الليل البهيم فأنت وحدك ولي ذلك والقادر عليه.
يا عباد الله في كل مكان، أنكروا المنكر الغليظ الواضح المتبجح، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، هل نقبل أن نكون شياطين وخُرسًا؟
وأين الذين يتحركون لمقتل فرد واحد أو الإساءة إليه من منظمات حقوق الإنسان في العالم كله في الداخل والخارج؟ أليس هؤلاء بشرًا أريقت دماؤهم؟ أين الدكتور محمد البرادعي المشارك في الحكم؟ الذي قال عندما قتل رجل واحد في عهد الدكتور مرسي: إنه قد فقد شرعيته.
اللهم إني لا أملك في شيخوختي إلا الإنكار والبراءة. أبرأ إليك من فعل هؤلاء. وما التظاهر في الساحات بجريمة تستوجب كل هذا القتل بمشروعية التفويض المزعومة لاستباحة الدماء المعصومة، وكل عهد جائز بين المسلمين إلا عهدًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً.
ماذا تحويه خطة المستقبل نحو هذه الآلاف المعارضة للحكم القائم في مصر المتظاهرين في سلمية؟ وقد صار القتلى بالمئات والجرحى بالآلاف، إنهم بشر يا عباد الله، إنهم مصريون.
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا.. إنا عليك توكلنا وبك إليك توسلنا، فلا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.. صدق الله العظيم”.