دين الشيعة.. وأصوله الفلسفية
ذ. طارق الحمودي
هوية بريس – الإثنين 04 ماي 2015
كنت دائما أتساءل عن أصول دين الشيعة بطوائفهم، خاصة منهم الإمامية الرافضة، فبعد أن جرحوا نقلة الكتاب والسنة، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لم تبق ثقة بما يعتقد أنه قرآن وسنة، فكان لابد من مصدر آخر سواهما، يؤسس عليه مذهب سياسي شعوبي…!
فما عساه تكون أصوله؟
لقد توسع علماء أهل السنة وطلبتهم ودعاتهم في انتقاد المذهب الإمامي أصولا وفروعا، وتصدى لبيان تهافت عقائدهم والرد على شبههم كثير من المؤهلين اطلاعا وفهما، فكانت كتاباتهم قوية وكاشفة عن الزور والتدليس في ما يشيعه الرافضة، وبذلت في سبيل ذلك جهود كبيرة مشكورة…لكن!
في نظري… تؤول هذه العقائد والشرائع كما بدأت إلى أصول غير إسلامية، وقد تابعت بعض عقائدهم وشرائعهم وأخبارهم، وحاولت ان أتتبع نشأة الدين الشيعي وأصوله التاريخية والفكرية… وكان ما لاحظته كما لاحظه غيري من المتخصصين من بعض أساتذتنا أمرا غريبا ولافتا.
حينما يتحدث الباحثون عن الفلسفة (الإسلامية!) في المشرق، وطبيعتها وأصولها مرورا بفلسفة الكندي والفارابي، يركزون على المؤثرات الداخلية والخارجية فيها، ويخصون الفارابي الشيعي بالذكر لكونه أول من سيضع القالب الفلسفي لما سيكون الأساس الفكري لدين الشيعة… بأصوله وفروعه.
كان الفارابي أول من اقترح نظرية الفيض المستوحاة من الأفلوطينية اليونانية والأفلاك الصابئية، فقد كان الصابئة من باشر أولا ترجمة الفلسفة اليونانية مع توابل هرمسية غنوصية عرفانية، ثم تطور الأمر عند ابن سينا الذي جعل مشروعه كله غنوصيا باطنيا، وهيأ له البيئة المنطقية الفلسفية ليطبِّعه مع الفكر الإسلامي، وهو الذي نشأ في بيئة إسماعيلة باطنية، فاستمع إلى قراءات في نصوص رسائل إخوان الصفا، وخالط الأمراء الشيعة في بلاطاتهم، فكان ابن سينا -في تفاصيل ضرورية- أصلا لتيارين باطنيين… التصوف الإشراقي الفلسفي… والتشيع الإسماعيلي والرافضي.
وثمة معطيات موضوعية شبه أمارات لهذا، فابن سينا أصل في الدراسات الفلسفية الشيعية في الحوزات الرافضية في قم والنجف وغيرها، فقد شرحوا الشفا له، وعلقوا عليه، وأقاموا لمنطقياته وإلهياته دورات خاصة، وابن سينا أحد كبار رجالات الفكر الشيعي الإمامي المترجم لهم في كبريات كتب التراجم الشيعية كأعيان الشيعة لمحمد الأمين أو في مصنفات الشيعة للطهراني وغيرها، وبعض ما كان ينظر له يطابق بعض الأخبار المروية في كتبهم، كقوله بمدينة النفوس الكاملة في السماء واعتقاد الشيعة أن بيت المقدس (الفاضل) الذي بارك الله حوله في السماء!!
لن يكون ابن سينا آخر أقطاب الفكر الشيعي المتفلسفين.. فنصير الدين الطوسي وزير هولاكو الذي باشر وقام على حملة قتل المسلمين وسرقة كتب المكتبات البغدادية أحد المروجين للفكر السينوي، والمدافعين عنه كما ذكر ابن القيم في إغاثة اللهفان.
ومن ذلك أيضا أن الشرك وسؤال الأئمة في مراقدهم أصل من الأصول الكبرى للعقيدة الشيعية حتى إنهم رتبوا لزيارات المراقد وظائف وأدعية، وكان ابن سينا ينظر لهذا بأن النفوس الكاملة للكواكب هي المكلفة بتلقي الطلبات، فهي الواسطة بين نفوس ما تحت فلك القمر ونفوس الملكوت كما في رسالته في «حقيقة الزيارة وكيفية الدعاء».
على كل حال؛ كتبت هذا تلميحا وتلويحا وإلا فاليد على جملة أمور خطيرة لو تتبعها الباحث بتأمل وتدقيق لظهرت له منافذ لهدم هذه العقيدة الفاسدة المغلفة بغلاف إسلامي حتى تروج بين المسلمين. والذي أقترحه أن تكون المناقشات النقدية للفكر الشيعي -زيادة على البعد الظاهر- على مستوى العمق الفلسفي وعمار الحوزات الشيعية يعرفون هذا، يعرفون أن دينهم دين لقيط، ابن فلسفة غنوصية، ولو ضربت أصوله سهل أفوله.
والله تعالى أعلا وأعلم.