العري في الفن والإعلام.. أسلحة يراهن عليها لوبي الفساد
هوية بريس – ذ. نبيل غزال
الأحد 31 ماي 2015
لم يكن فيلم «الزين اللي فيك» لمخرجه نبيل عيوش أولى الأعمال التي أحدثت نقاشا حادا داخل المجتمع، والتي أساءت لدين وقيم وأخلاق المغاربة..
حيث أقدمت ليلى المراكشي على إخراج فيلم «ماروك»، واستهزأت من خلاله بشعيرة الصلاة، وأظهرت شابا يهوديا يوشح صدر فتاة مغربية متفرنجة، منسلخة من كل القيم والأخلاق، بنجمة الصهاينة السداسية قبل أن يزني بها.
وأعاد عزيز السالمي الكرَّة باستهداف شعيرة الحجاب، وإظهار الفتاة المحجبة على أنها تعاني من صراع نفسي حاد سببه تجاذبها بين الأعراف والتقاليد من جهة؛ والحداثة والتحرر من جهة أخرى.
ثم ظهرت الممثلة فاطيم عياشي عارية؛ في فيلم «موشومة» لمخرجه لحسن زينون، وصورت في وضعيات مخلة وهي تمارس الزنا عدة مرات كونها كانت تؤدي في الفيلم دور العاهرة..
وعمد نور الدين الخماري في فيلميه «كازانيكرا» و«زيرو» إلى تصوير مشاهد جنسية ساخنة والتطبيع مع الدعارة والرشوة والفساد والكلام الفاحش…
أما فيلم عيوش الصغير؛ مثار الجدل اليوم؛ فبالإضافة إلى إساءته الكبيرة لصورة المغرب ومسه بسمعة المرأة المغربية عامة دون تمييز؛ فقد تجاوز كل الحدود، وجاء على صورة الأفلام الإيروتيكية بإضافة توابل (تخصار الهضرة)، والتطبيع مع اللواط والشذوذ وهلم جرا، المهم جاء فيلمه خليطا من الوقاحة والصفاقة والنفايات العفنة؛ التي يسمونها بكل (تقزدير وتصنطيح) فنا وحرية وإبداعا، وهي لا تعدو أن تكون تحريضا صريحا على الفساد يعاقب عليه القانون، ويعاقب أيضا كل من يبرره أو يدافع عنه ويمكن له، لكن من سيحاكم عيوش الصغير و(باباه) شخصية نافذة و(عصاه غليظة).
فقبل أن يسلم عيوش الصغير فيلمه للمركز السينمائي المغربي من أجل المصادقة على عرضه؛ هرول إلى حضن من علمه السحر، وعرضه في أسبوع المخرجين بمهرجان «كان» السينمائي الدولي بفرنسا.
صحيح أنه تم تهميشه وأظهرت الصور أنه حينما صعد على البساط الأحمر في “كان” واتجه رفقة مستخدميه نحو الصحافة لم يلتفت إليه أحد، لكن رغم ذلك فبعض المنابر الفرنسية ثمنت عمله لأنه يخدم منظومتها، ويسهم في التضييق على أعداء سلطة الثقافة التي تدعمها فرنسا وتفرضها اليوم بالقوة الناعمة، بعد أن فرضتها بالأمس بالقوة المدمرة.
فمباشرة بعد اتخاذ القرار والإعلان عن منع عرض الفيلم في قاعات السينما؛ وبعد أن أوشكت حرب عيوش الصغير على الدين والقيم والأخلاق والمرأة المغربية تضع أوزارها؛ عادت الحرب لتشتعل من جديد بعد أن استقدم منظمو موازين في حفل افتتاح المهرجان في دورته 14 جينڤر لوبيز؛ مقدمة عروض الإثارة الجنسية.
أكيد أن اللجنة المكلفة بالتعاقد مع الفنانين في جمعية مغرب الثقافات تعلم جيدا من تكون جينڤر لوبيز؛ والعروض التي تقدمها، ونوعية اللباس الذي ترتديه؛ بل تنزعه؛ لتحيي لياليها الحمراء، والإثارة الكبيرة التي تعتمد عليها لإنجاح عروضها الجنسية.
وأكيد أيضا أن هاته اللجنة لا يهمها إطلاقا كل من ستسيء إليهم هذه العارضة الجنسية، لأنها عودتنا من قبل على استقدام أسماء من قبيل شاكيرا، وريحانا، وجيسي جي، ونانسي، وهيفاء، وإليسا، وملك اللواطيين “إلتون جون”؛ وفرقة “كوليغاس” الإسبانية التي عرى أحد أفرادها دبره للمشاهدين..
فجمعية مغرب الثقافات فوق الأحزاب، وفوق المجتمع المدني، وفوق إرادة الشعب، تفعل ما تشاء، وتستقبل من تشاء، وتذيع ما تشاء.. غير عابئة بشيء اسمه دين أو قيم أو أخلاق.. هذا حالها، وهكذا عودتنا.
والأمر نفسه بالنسبة لـ2M التي نقلت الليلة الإباحية مباشرة، وأكرهت المغاربة على متابعتها عنوة، فلا تعني مسؤوليها على الإطلاق المتابعة والمساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ولا الالتزام بدفاتر التحملات، فبالنسبة لسطايل كل الحكومات ترحل وهي لا تبرح كرسيها المريح، بل أكثر من ذلك فهي تترقى في السلم وتتقلد المزيد من المناصب، والأمر نفسه بالنسبة لسليم الشيخ الذي يوافقها في التوجه والعداء للحكومة الحالية.
فرغم أن الدولة تمتلك أكثر من 70% من شركة سورياد-2M إلا أن هناك أقلية مساهمة، وضمنها أجانب؛ يغتصبون سلطة الأجهزة التدبيرية للشركة؛ وعلى رأسها المجلس الإداري، ويغتصبون سلطة الجمعية العامة للمساهمين المشكلة أغلبيتها من طرف ممثلي الحكومة، ويغتصبون حق الشعب المغربي.. -وفق ما أعلنه الخبير الاقتصادي محمد رضى-.
فلا يمكن وصف هذا الوضع بغير الاستبداد والتحكم والفساد من لوبي ذي مرجعية تلغي المقدس وتعلي المدنس، ولا يعير اهتماما لشيء سوى المادة، وأن هذا اللوبي يعتبر هذه المهرجانات حربا على المحافظين، ومن الأمور المقدسة التي يستحيل المس بها، لذا فهو يحوطها بالعناية، ويصرف عليها ميزانيات ضخمة، ويبشر بها، ويدعو إليها عبر مختلف القنوات، ويحشد لتحقيق هذا الهدف شركات كبرى، ومنابر إعلامية، وإذاعات عامة وخاصة، ويَقْلب العاصمة الإدارية للمغرب -خلال تسعة أيام- رأسا على عقب.
إنه يدافع بشراسة عن عقيدته ومبادئه ومنظوره للكون والحياة والإنسان، هذا هو الوضع بكل اختصار، لكن على الطرف الآخر؛ والإيجابي في الأمر أن المعارضين لهذا النوع من المهرجانات والأعمال السينمائية الساقطة، لم يعودوا هم المنتمون إلى بعض الحركات الإسلامية؛ أو من يسمون بالمحافظين فحسب، لا أبدا.
فقد بات كثير من أفراد الشعب المغربي، وبكل ألوان الطيف المجتمعي، من داخل وخارج أرض الوطن، يعلنون أن هاته الأعمال الساقطة والمهرجانات الهابطة لا تعنيهم في شيء، وأكثر من ذلك فهم لا يقعون في منطق التحليلات العلمانية التي تركز فقط على بعض المفاسد الدنيوية وتلغي الحكم الشرعي والمرجعية الدينية من التحليل، فتجدهم يصرحون أن مثل أفلام عيوش وموازين وما تنشره 2M مخالفة صريحة وواضحة للدين، وفسق وفجور، وانحلال حذرنا الله تعالى منه، وعودة إلى الجاهلية… وقل ما شئت بعدها من العبارات.
إنه كلما ازداد منسوب حرب لوبي الفساد على الدين والقيم والأخلاق؛ كلما تسارعت وتيرة عودة المجتمع إلى أصوله، وتحركت الغيرة في قلوب أبنائه، وأبدوا مشاعرهم الصادقة والجياشة لنصرة دينهم، وهو ما يستوجب ممن قلدهم الله إبلاغ رسالته، والدفاع عن شريعته، ورفع الصوت بكلمته، أن يخرجوا عن صمتهم، ويقفوا بجانب أبنائهم ومحبيهم.