خرج «المخرج» عن إجماع الشعب
مسرور المراكشي
هوية بريس – الإثنين 01 يونيو 2015
عودة الجدال مرة أخرى حول الإنتاج السينمائي بالمغرب، وبالضبط حول فيلم “الزين اللي فيك”، للمخرج المثير للجدل نبيل عيوش.
ففي نظري المشكل لن يحل ما لم يراع المخرج ثقافة الشعب المستهدف بهذا الإنتاج السينمائي، فأدوات اشتغال المخرج وكذا تقنيات إنتاج الفيلم لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض، ومدارس السينما العالمية معروفة طبعا مع بعض الاختلافات الطفيفة بينها، لكن هوية الشعوب وثقافتها تختلف جذريا من شعب إلى شعب.
لقد كان قبل شهور نقاش كبير حول أفلام دولية جسدت الأنبياء بل حتى الذات الإلهية.. !!. لهذا يجب تذكير المخرج بأنه لا يشتغل في كوكب آخر غير الأرض، إذن هنا يثار السؤال الإشكالية هل نبدع بلا حدود أم هناك حدود للإبداع؟ وإذا كانت هناك حدود فماهية مساحة الإبداع المتبقية؟ و بالواضح ما هي المواضع التي يمكن الإبداع فيها دون قيود والأخرى التي يمكن التوقف عندها؟
قبل التطرق لهذه الإشكاليات يجب التنبيه إلى أمرين،
– الأول: هو الأفلام الدولية التي أنتجت من طرف مخرجين أجانب، هذه يجب مواجهتها دوليا من خلال سن قوانين وبتنسيق مع منظمات دولية من أجل احترام مقدسات الشعوب.
– ثانيا: الأفلام المنتجة محليا من طرف مخرجين مغاربة، هنا يجب تفعيل القانون وضبط كل مخالف له مهما بلغت قيمته الاعتبارية.
ففي نظري الإبداع وحرية التعبير شيء مقدس و ضروري للفنان، ويعد ذلك كالماء بالنسبة للسمكة حيث لا يتصور عيشها خارجه، كذلك الحرية للفنان لا يمكن تصور الإبداع دونها، والفيلم الأخير للمخرج المثير للجدل نبيل عيوش “الزين اللي فيك”، فلا نناقشه من خلال أفكاره بل حتى المضمون: “.. الصراع الطبقي. اضطهاد المرأة. رجعية تقدمية..”، كل هذه الأفكار هو حر في اعتناقها والتعبير عنها.
لكن المشكل هو في لقطات جنسية مجانية ربما أراد منها الترويج للفيلم بطريقة “ذكية”، وهو يعلم أن الشعب المغربي محافظ ويمكنه أن يتعرض لهجوم إعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي “facebook” أو عبر الصحافة المكتوبة بل حتى من طرف زملاء المهنة، وهكذا سيصبح شهيد “حرية” التعبير “مسيح” المخرجين، قائد الحداثيين و الحداثيات لتحطيم كل “الطابوهات” في بلد مسلم و”باز أسيدي باز الله يعطينا وجهك”، في الحقيقة تستحق الشكر بالفرنسية يبطل تحرير الشاشة الكبرى: “برافو” أيوش !!، لقد نجحت في خلق جدال حول هذا الفيلم التافه والضعيف فنيا.
لقد ذكر الله العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة في الحلال والحرام، وذلك دون إثارة مجانية تخاطب الغرائز، حيث جاءت في عدت مواضيع مختلفة من القرآن، وهذه بعض الأمثلة:
– “..أو لامستم النساء..” اللمس هنا كناية عن الجماع.
– “..أتأتون الذكران..” الإتيان هنا بمعنى الجماع.
وفي سورة يوسف: “..وقالت هيت لك..” وهي هنا بمعنى أقبل، وهي دعوة من امرأة العزيز لنبي الله يوسف سلام الله عليه لممارسة الزنا.
لقد ذكر القرآن الكريم ذلك في عدة مواضيع بطريقة فيها إعجاز راقي. ويمكن للمخرج نبيل عيوش النسج على منواله دون الخروج عن إجماع الشعب المغربي، حيث يمكن التعويض عن اللقطات الساخنة والمباشرة، بالإيحاء أو الرموز الدالة على فعل الجماع، وهناك عدة أفلام إيرانية فازت في مهرجانات دولية بجوائز هامة دون السقوط في لقطات حميمية فاضحة، وهل تعتقد أن المخرجين الإيرانيين لا يحسنون تصوير أفلام الإثارة الجنسية؟ إن تعريت الممثلات بشكل بهيمي القصد منه التغطية عن فشل الفيلم فنيا.
أقول للمخرج الخارج عن إجماع الشعب: “..ربما يا “نبيل” لقطات التعري والجنس المجاني يمكن أن تروق البعض وتروج للفيلم في الستينات أو السبعينات.. حتى أواسط التسعينات، لكن بعد الألفين أصبحت أفلام الإباحية “برنو” متاحة للجميع وبثمن بخس، مع ثورة وسائل الاتصال الرقمي في عصر المعلوميات”.
فأنت لم تأت بجديد، فكما قال الشاعر الكبير أحمد مطر: “..ماذا سأضيف للمراحيض إذا قلة لها: أنت كنيف؟!”، فتعرية الممثلات والتفوه بكلام ساقط لا تعني تعرية الواقع، وإصرارك على عرض فيلمك “الزين اللي فيك” بالفيديو عمل صبياني جاء في غير وقته..
وأذكرك بأن هناك “أفلاما إباحية تفوقك جرأة وجودة، معروضة تنتظر فقط مجرد “نقرة” ممن في قلبه مرض.. من الأفضل أن توجه إصرارك إلى مزيد من الإبداع الراقي والجاد، فعملك هذا لن يخدم السينما المغربية المنهكة، بل سيزيد من عزوف الجمهور عن قاعات العرض التي تعاني أصلا من غياب الجمهور..”.
لقد اختار عيوش عنوان فلمه من أغنية تمثل التراث الشعبي المغربي، وأعتقد أن فلمه الثاني سيكون أكثر جرأة من فيلم “الزين اللي فيك” سيكون عنوانه هذه المرة أغنية شعبية أخرى هي “أعطيني صاكي باغا انماكي” وسيكون من فئة ممنوع على أقل من 18 سنة، أو الحافظ الله التبوريضة تـ”العري”.
في الأخير ندعوا لهذا المخرج بالهداية والتوفيق لمعانقة هموم الشعب الحقيقية.
و”ابالمعطي أش ظهرليك فعيوش المخرج؟ الله يخرج العاقبة على خير أو للي اتلف يشد لرض!!”.