«تثبيت العلمنة باستقدام الأغمار.. سيّد القمني نموذجا»
إلياس الهاني
هوية بريس – الأحد 28 يونيو 2015
في الوقت الذي تعلو فيه النفوس، وتتقرب إلى الله بالعبادة والعمل الصالح، ويقوّم فيه السلوك، ويقبل فيه المغاربة على المساجد، ويحتفلون فيه بشهر رمضان، وتتعدد فيه المظاهر والعادات الاجتماعية لتعزيز التواصل وتعميق الروابط، ويسود فيه المحبة والتسامح، فتنتعش النفوس وتتجدد الحياة لتملاها بالخيرات والصالحات، نجد «جريدة الأحداث المغربية» و«حركة ضمير» يستضيفان المدعو سيد القمني المصري وذلك باشتراك مع «حزب الأصالة والمعاصرة»؛
في خطوة خطيرة لتثبيت عروش العلمانية والحداثة القائمة على نظريات فلسفية تهدف إلى إبعاد الدين على واقع حياة الناس، وإخضاعهم لمصالحهم الآنية، ونزوات نفوسهم، وتحكيم مخرجات العقول المستندة إلى فلاسفة الغرب، دون تمحيص ونقد وغربلة؛ إذ لما أحس هؤلاء العلمانيون بقوة حضور الدين في حياة المغاربة استقدموا هذا الدعي المعروف بالتناوش والتهارش والتلبيس والتدليس والسب العلني ليقدموا للمغاربة البديل عن هويتهم الدينية والحضارية والثقافية لينسلخوا من دين الإسلام وتعاليمه؛ فما إن تبدو لهم ملامح دين الإسلام بادية على المغاربة كما في هذا الشهر الفضيل، حتى يهبوا كالأفاعي لنشر السموم حوله وكأن حماة العلمانية في بلادنا اخذوا على عاتقهم القضاء على الإسلام والداعين إليه بكل ما أتيح لهم من وسائل في سبل هذه الغاية.
وحقيقة لم أجد في خطاب سيد القمني إلا اتهامات جوفاء، يرددها كالببغاء كما هي عادته؛ فالإسلام في شرعته صار عنوان على الجمود، ورفض الأخر، والتعصب، والتطرف، والأصولية، والانغلاق، بينما اتهام الإسلام والتهجم عليه، والتعالي على مبادئه، والتطاول على أحكامه، أمارة التنوير والتحرر والانفتاح إلى آخر الأصنام المصطنعة التي نصبوها لمعبودهم «الهوى».
وقد تركز كل حديثه عن نفي وجود أي نظام سياسي إسلامي، متهما كل من يؤمن ويدافع عن النظام السياسي الإسلامي بالخيانة للوطن! ليعرض بعدها إلى مقام النبي صلى الله عليه وسلم لينفي عنه بناء دولة ونظام حكم! وكذلك فعل مع الخلفاء الراشدين! مجيشا أساليب التهكم والاستهزاء وتفريخ الأحكام، بعيدا عن أدنى ما تقتضيه أصول البحث من قواعد، في ظاهرة تستحق الوقوف أمامها وبحثها بعناية، ورصد تبعاتها لكشف الأهداف القريبة والبعيدة لمثل هذه الدعاية التي تأتي مغلفة في قوالب بعيدة عن مراميها.
ولا شك أن ما طرحه سيد القمني من شبهات، استوجبت من شَهَرَ عن ساعد الجد للرد عليها، وكشف مغالطاتها، وتصحيح الصورة الحقيقية للقضايا المثارة في كتاباته، وخرجاته الإعلامية ومحاضراته منها:
– كتاب «العلمانيون ومركسة الإسلام الرد على سيد القمني» لمنصور أبو شافعي.
– كتاب «التنوير بالتزوير مساهمة في نقد علمية الخطاب العلمي الرد على سيد القمني وخليل عبد الكريم ورفعت السعيد» لمنصور أبو شافعي.
– «كشف حقيقة سيد القمني» لمحمد مصطفى.
– «الرد على فكر سيد القمني صاحب الدكتوراه المشتراة المزيفة المزعومة» ليوسف البدري.
ولم تعدم الأمة من قام برد شبه موضوع عرضه :«قراءة عقلانية لتراثنا الديني!» من اجل أن يبين للمغاربة جدل العلاقة الملتبسة بين التدين والسياسة على حد زعمه! وكشف مستنقعات الوقاحة التي يقف عليها، فنجد:
– «الحرية أو الطوفان» لحاكم المطيري.
– «الدلالة الفلسفية لمفهوم الدولة الإسلامية» لأبو يعرب المرزوقي.
– «الأدوار السياسية للعلماء محطات تاريخية في المشاركة والمعارضة واختيار الحاكم وإقالته» لمصطفى الحسناوي، وغيرها الكثير.
إن كل ذلك التحضير والتنظير الذي قام به «البام» و«الأحداث»، إنما كان سعيا منهم لإثبات أن دين الله الذي كان يسوس الناس من البدايات الأولى له في الأرض عبر الرسل والأنبياء لا حقيقة له، وان المسألة إنما كانت توافقا وعقدا جرى بين الناس، وليس لله في حياتهم نصيب، فيريدون إبعاد الإسلام بذلك عن حياتهم، ليقيموا على أساس ذلك التنظير ترسيخ مبدأ «فصل الدين عن الدولة!»، وبالتالي تثبيت مبدأ العلمانية في بلادنا؛ بإبعاد تعاليم الإسلام عن الناس، فضلوا وأضلوا وفسدوا وافسدوا: «أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين»، «وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون»، «وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لاي شعرون * وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء و لكن لا يعلمون»، «والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب * أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور».
أما نحن المغاربة المسلمون فنقول لهم: لن نبدل نور ربنا بظلماتكم، ولن تخرجونا من النور إلى الظلمات، واعلموا أن شعارنا في الحياة هو قول الله تعالى: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين»، وهو ما نتمسك به، ولن يثنينا عنه شيء، «فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين»، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.