الأنجم الزواهر في فضل العشر الأواخر
الشيخ عمر القزابري
هوية بريس – الأربعاء 08 يوليوز 2015
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين، أحبابي الكرام :
لا نزال بفضل الله نتفيأ ظلال رمضان، نرتبع ربيعه، ونرتشف رحيقه، ونقضي أيامه ولياليه في ما يروي الأوام، ويدني من الملك العلام، فلنزد من أعمال الخير، ولنخف نحوها خفوف الطير، قبل أن يقصر القلب عن ولوعه، ويستطير غراب البين بعد وقوعه، ولكن شهرنا أحبابي قد أومأ إلى الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، وبدت شمسه على أطراف النخيل ، وذلك يدعونا إلى زيادة الاجتهاد في الخيرات، فقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في العشريين الأوليين.
أحبابي: العشر الأواخر من رمضان أفضل من العشرين قبلها مجتمعة فضلا عن غيرها، وكل عمل صالح فهو في العشر أعظم، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بأعمال متميزة، من ذلكم شد مئزره، والمقصود به اعتزال النساء ولأنه كان يكون في الغالب معتكفا، والمعتكف ممنوع من قرب النساء، تفريغا للبال، وإقبالا على الكبير المتعال، كذلك كان يحيي الليل كله، عبادة وتبتلا وتضرعا وذكرا ودعاء وبكاء وغير ذلك من ألوان التبتل، كذلك كان يوقظ أهله، صغيرهم وكبيرهم، ذكرانهم وإناثهم، وكل من يطيق الصلاة يوقظهم وهو يتلو قول ربه، (وأمر أهلك بالصلواة واصطبر عليها).
كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل كل ليلة من ليالي العشر بين العشاءين، تطهرا وتزينا واستعدادا لمناجاة ربه منزل الكتاب عليه، وكذلك كان السلف رحمهم الله قال الإمام ابن جرير: (وكان السلف يستحبون الغسل كل ليلة، وكان الإمام النخعي يغتسل كل ليلة ويتطيب، كذلكم كان حميد الطويل وهو من رجال البخاري، يغتسل كل ليلة، وكان أيوب السختياني يغتسل في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر، وغيرهم كثير من أكابر السلف، وكانوا يقبلون على القرءان إقبالا عجيبا).
أحبابي: إنما الأعمال بالخواتيم، وإن المتسابق إنما يرفع من سرعته إذا اقترب من خط النهاية، ونحن في سباق لا ينتهي حتى نضع أرجلنا بفضل الله في جنة الله، وهذا ظننا بربنا على تفريطنا وتقصيرنا وعجزنا،
أسيادي :الله الله في هذه الأيام العشر، فإنها بحق أيام العمر، فمن اغتنمها فقد ربح وفاز، ومن ما فاتته فقد فاته خير لا عوض عنه، يقول صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر (من حرم خيرها فقد حرم).
والرجاء في مولانا كبير أن يعيننا ويوفقنا ويجبر كسرنا، ويستجيب دعاءنا في هذه الليالي الفاضلة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.