محاضرة د. عادل رفوش تحت عنوان: «التأصيل المفاهيمي لترشيد التدين»بمكناس
هوية بريس – متابعة
السبت 11 يوليوز 2015
تقرير علمي عن محاضرة الدكتور عادل رفوش التي ألقاها أمس بقصر المؤتمرات بمكناس تحت عنوان: [التأصيل المفاهيمي لترشيد التدين]، ضمن ندوة علمية بعنوان: “ترشيد التدين“، التي شارك في تأطيرها الدكتور رضوان بنشقرون والدكتور ميمون النكار.
[فطرية التدين]:
في مستهل محاضرته؛ أكد الدكتور أن التدين هو موضوع الكون؛ فما خلق الكون إلا له ولا يصلح إلا به، لا لمعنى يفيد الخالق ولكن لمنفعة المخلوق.
ولا يقدر مكلف أن يعيش إلا بدين؛ فهو حاجة ليست تاريخية أو اجتماعية أو سياسية أو عقلية فحسب؛ بل هي حاجة بيولوجية جينية؛ من تركها احتاج مع الترك للعلاج ومراجعة الأطباء للتداوي كما قال بعض فلاسفة الغرب..
قال المحاضر:
“وقد أكد كتاب ربنا فطرة التدين وأنه صبغة الله في خلقه ولن يغنيها إلا الالتزام بالدِّين القيم الحنيف…
ومن دعا لأي ضلالة فهو لا يدعو للادين؛ لأنه يستحيل حتى في الملحدين؛ ولكنهم يدعون إلى أديان أخرى ويعبدون أسماء سموها وقد سول لهم الشيطان ذلك لينحرفوا عن صراط الله المستقيم”.
[معنى التدين]:
ثم انتقل الدكتور إلى بيان معنى التدين؛ وأنه اتخاذ الدين منهجاً ونظاماً، وتكلف ذلك وتكراره كما ترشد إليه صيغة “تفعل” صرفيا..
فالدين هو المنهج الإلهي والتدين هو الممارسة..
قال:
“ومعناه لغة متعدد؛ وهو شرعا يتردد بين أربعة معانٍ:
– السلطان.
– نظام السلطان.
– طاعة ذلك السلطان في نظامه.
– الجزاء على الموافقة بالثواب أو المخالفة بالعقاب لذلك النظام”.
[الإسلام والرشد]:
ثم بين الشيخ رفوش أن الإسلام هو دين الله وهو دين الحق وهو المصطفى وهو المرتضى وهو الظاهر..
والرشد: هو العزيمة على تحقيق مراراته وإخلاصه لله وجعله لله كله على الحنيفية السمحة؛ كما ذكر الله تعالى في كتابه عنه بأنه الرشْد والرشَد والرشاد والمرشِد والأمر الرشيد…
وبتحقيق التدين به إسلاما وإيمانا وإحسانا؛ تكون معالم فهمه وتطبيقه كما في لفظ في حديث جِبْرِيل: “هذا جِبْرِيل أتاكم يعلمكم معالم دينكم”.
وتشهد له آية البقرة: {أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليومنوا بي لعلهم يرشدون}.
فهذا هو الرشد في العمل؛
والرشد في المجتمع فرداً وجماعة، حكاما ومحكومين، ديناً ودولة؛ هو التدين به على ثلاثة أنحاء:
– معرفة هاديةً.
– ووعياً هادفاً.
– ودفاعاً مستميتاً.
كما تشير إليه آيات الحجرات: {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون}.
وليس في خلاف الدين رشد ولا تنمية ولا إصلاح؛ كما قال تعالى: {وما أمر فرعون برشيد}.
[معالم التدين من خلال حجة الوداع]:
وبعد ذلك خلص المشرف العام إلى التنبيه على معالم لفهم التدين الصحيح من خلال البيان النبوي الأخير في خطبة حجة الوداع؛ ومن أهم المفاهيم: “كمال الدين وثباته وأن الشيطان والمناوئين يئسوا من تحريفه أو انهزامه، ولكنهم رضوا بالتحريش وبث الفرقة وتشتيت الصفوف بدعوى “الخلاف حول الدين” و”حماية منهج الدين”..
فكان من أعظم أسباب الفهم السيء للتدين المستقيم: “سوء تدبير الخلاف” حول بعض معاني الدين التي لا بد أن يقع فيها الخلاف…
[إشكالية الممارسة]:
“كما أن ممارسة الناس للدين جعلته أنماطاً وأشكالاً وولدت فيه إشكالات وعوائق وتردد فيه بعض الناس غلواًّ إفراطاً أو تفريطاً:
وكان من أهم أبواب ذلك؛ عدم التوقي من اللاءات الخمس:
1- لا قنوط من رحمة الله مهما تعثرت في تديّنك.
2- لا غرور ولا أمن مهما استقمت فيه.
3- لا إصرار على ما يخالفه فالبدار بالتوبة..
4- لا مجاهرة بما يخالفه؛ فإنه تعد على تدين الكون
5- لا مجاسرة وهي جرأة التطبيع مع المنكرات وتقنينها والدفاع عنها عياذاً بالله؛ فهو أكبر هادم عادم لحرمات الإسلام بين الأنام…
هذا الدين الذي حمى الله به “دنيا الناس” وحمى به “دماءهم وأموالهم وأعراضهم” و”مقدرات الأمم”، وثروات الشعوب”..
[الخاتمة]:
وختم الدكتور عادل رفوش مداخلته بقوله:
“وكما بدئ القرآن في فاتحته بالدِّين؛ {ملك يوم الدين}؛ فقد ختم بالدِّين حماية له من التجزئة وعدم الشمول عملا ودعوة: {لكم دينكم ولي دين}، وبالتبشير بظهوره: {يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان تواباً}.
والله تعالى أعلم”.