رسائل من أنين المساجد بعد رمضان
إبراهيم الصغير
هوية بريس – الثلاثاء 14 يوليوز 2015
مع حلول شهر رمضان المبارك من كل سنة تتزين المساجد وتأخذ زخرفها، باستقبال ضيوفها، الذين يعمرونها بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن.
ضيوف يحجون إليها من كل مكان وبأعداد هائلة، يملؤون جنباتها بل وحتى ساحاتها، فيكونون سببا في سعادتها وانتشائها، ويضفون عليها رونقا يزيد من تشريفها وتكريمها، مما يجعلها أساس الأجواء الإيمانية في شهر الصيام.
أجواء تنطلق بإقبال منقطع النظير، بين المتنافسين في الصلاة، والمتسابقين في ختم القرآن وكثرة الأذكار، وتتوسط بكسل وخمول، فيقل عدد المتنافسين، وتفتر همم المتسابقين، وتنتهي بابتعاد وانقطاع، تضمحل معه الأعداد وتموت فيه العزائم.
فأول الشهر ليس كوسطه وأوسطه ليس كآخره، وهذا التغير في مستوى الإقبال على الطاعة يتكرر كل سنة مما أضحى ظاهرة تسترعي الانتباه والتفكير.
ظاهرة بدأت تتضح معالمها ونحن في الأيام الأخيرة من رمضاننا هذا العام، فقد انحصرت أعداد المصلين، وقلت جموع الزائرين، وبرحت المصاحف مكانها، وعلت الغبرة محياها، وباتت المساجد خاوية على عروشها، مستوحشة من عمارها، تحن وتئن من هجرها، تستشكل وتتساءل…؟؟؟
ما الذي وقع؟
هل أسقطت صلاة الجماعة على القوم بعد رمضان؟
هل تغير شرع الله؟
هل رب شوال غير رب رمضان؟
و كلها تساؤلات حُق لمساجدنا أن تسألها؟ تلقفتها من حالها لأبثها بينكم -أيها المسلمون- رسائل مختصرة.
أردتها ذكرى وتذكيرا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فجاءت على النسق التالي:
• عبادة الله عز وجل لا تختص برمضان دون باقي شهور العمر، ولا تنتهي عنده، إذ المطلوب المداومة عليها حتى الموت، مصداقا لقوله تعالى{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر:99).
• صلاة الجماعة واجبة في رمضان وفي غيره.
• ربّ رمضان هو رب شوال وهو رب شهور السنة كلها.
• الذي فرض صيام رمضان هو من كتب الصلاة الجماعة طيلة الشهور.
• لا ينبغي الاغترار بما تحصل من الطاعات في رمضان، فسلفنا الصالح مع كثرة عملهم كانوا يخافون ألا يقبل منهم، ويستصغرون طاعاتهم أمام استعظام هفواتهم، وكانوا لقبول العمل أشد اهتماما من العمل في حد ذاته، ولا نعدل بهذا الفهم شيئا.
• أفضل الأعمال أدومها وإن قل.
• رمضان محطة شحن وتزود.
• الاستمرار على الطاعة علامة فوز وقبول.
• الانقطاع عن الطاعات علامة خسران وخذلان.
• الاقتصار على تلاوة القرآن في رمضان فقط من أعظم هجرانه.
إذا انتهى موسم رمضان، فمواسم الصيام لا تنتهي، وإذا انقضى وقت صلاة التراويح، فوقت قيام الليل لا ينقضي، وليس لختم القرآن وقت محدد، ولا للذكر زمن مقيد…
فالبدار البدار! والمداومة المداومة! أيها المسلمون لعلكم تفلحون.