وقفات مع نعمة الله الجزائري في أنواره (1)
إبراهيم الصغير
هوية بريس – الأربعاء 02 أكتوبر 2013م
الحمد لله القائل في كتابه العزيز: {أَومَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأنعام:122).
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه خيرة الورى ومنار الهدى ومصابيح الدجى.
وبعد.
قال المفسرون أومن كان ميتا بالجهل فأحييناه بالعلم، ولقد أحسن من قال:
وَفي الجَهلِ قَبلَ المَوتِ مَوتٌ لِأَهلِهِ *** وَأَجسادُهُم قَبلَ القُبورِ قُبــورُ
وَإِنَّ اِمرَءاً لَم يُحيِ بِالعِلمِ مَيّــــــِتٌ *** وَلَيسَ لَهُ حَتّى النَشورِ نُشورُ
والنور عبارة عن الهدى والإيمان، فالعلم نور يحيى به المرء، والجهل موت المرء قبل موته، والعلم سبيل الهداية وضده الجهل طريق الغواية.
قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (الزمر:9).
نعم رب لا يستوون، فالذين يعلمون يعبدون الله بما شرع على هدى منه سبحانه، ويتبعون النبي صلى الله عليه وسلم، والذين لا يعلمون يتبعون أهواءهم، قال سبحانه: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (القصص:50).
فهذه وقفات مع كتاب: “الأنوار النعمانية” لنعمة الله الجزائري، وما سودته فيه يداه من معتقدات دين الشيعة الإمامية الإثنا عشرية.
هذه الفرقة التي لم يعرف تاريخ المسلمين شرا منها، تشرك بالله، تطعن في النبي صلى الله عليه وسلم، وتتهم أزواجه من بعده، وتكفر الصحابة، وتعتقد حلّ دماء المسلمين، تغلو في علي رضي الله عنه والأئمة من بعده، وكلها معتقدات لا تتفق وشريعة الإسلام، بل لا وجود لها إلا في عقول من وضعها من علماء هذه الفرقة الصفوية الرافضية.
الذين يرجع إليهم إثم تأسيس هذا الدين سعيا منهم لمحاربة الإسلام وأهله، على أسس واهية، من خلال روايات ينسبونها لأئمة أهل البيت كذبا وزورا، سحروا بها عقول أتباعهم وأسروا بها قلوبهم، تداولوها جيلا بعد جيل، وسطروها في كتبهم، التي ظلت طي الكتمان زمنا طويلا، ليظهرها الله عز وجل لنا في هذا الزمن مع تطور وسائل الطباعة وانتشار الكتب، التي كانت سببا في افتضاح دين هؤلاء الأشرار، الذي هو أبعد ما يكون عن دين الإسلام الحنيف المحفوظ، وأقرب إلى دين الأحبار والرهبان المحرف، أو هو أكثر.
ومن تلكم الكتب التي تؤسس لدين الشيعة الإمامية كتاب “الأنوار النعمانية” لصاحبه نعمة الله الجزائري، والذي سنحاول من خلال هذه الوقفات سبر أغواره، لاستخراج ما يضحك به هذا المعمم على أتباعه مما يعتبره دينا يلقنه لهم، وبيان بطلانه وفساده، والله ولي التوفيق وهو يهدي السبيل.
التعريف بالمؤلِف[1]:
هو عند الشيعة العالم العامل، والكامل الباذل، صدر الحكماء ورئيس العلماء، السيد نعمة الله الحسيني الموسوي الجزائري. ولد سنة (1050هـ/1640م) بقرية الصباغية، وهي إحدى قرى قضاء الجزائر والذي يسمى حالياً بقضاء الجبايش في محافظة ذي قار قرب البصرة بالعراق، وتوفي سنة (1112هـ/1701م)، والجزائري نسبة إلى جزائر العراق التي ذكرناها لا إلى جزائر المغرب العربي.
قال فيه شيخه الحر العاملي: “فاضل، عالم، محقق، علامة، جليل القدر، مدرس من المعاصرين”.
وقال المولى الميرزا عبد الله الأفندي: “فقيه، محدث، أديب، متكلم، معاصر، ظريف، مدرس، والآن هو شيخ الإسلام من قبل السلطان بتستر”.
وقال عنه يوسف البحراني: “كان هذا السيد فاضلا، محدثا، مدققا، واسع الدائرة في الاطلاع على أخبار الإمامية، وتتبع الآثار المعصومية…”.
فنعمة الله الجزائري هو من هو عند الشيعة، عالم علامة، محقق مدقق، جليل القدر، كثير التصانيف، واسع الأخبار، ولا أدل على ذلك من هذا الكتاب الذي بين أيدينا، والذي من خلاله سنظهر جوانب من زيف هذه الألقاب العلمية، إذ المؤلِّف لا يعدو كونه مجنونا يهرف بما لا يعرف، ويهذي بما لا يدري، مأسور الفؤاد إلى ما تلقاه عن معمميه، لا يقدم رجلا ولا يؤخر أخرى إلا على خطاهم، فلا دين له إلا ما أشرب قلبه من هواهم، كما سيتضح إن شاء الله من خلال استخراج فقرات والرد عليها بمنهج أهل العدل والإنصاف، والله أسأل أن يوفقني في بيان الحق والدعوة إليه، وتجلية الباطل والصد عنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
التعريف بالمؤلَف:
اسم الكتاب “الأنوار النعمانية في بيان معرفة النشأة الإنسانية” ويقع في أربعة مجلدات، تتكون من 1566 صفحة، طبعة دار القارئ ودار الكوفة، الطبعة الأولى (1429هـ/2008م).
والكتاب عبارة عن ثلاثة أبواب، كل باب يشتمل على أنوار، كل نور منها يوضح فكرة من معتقدات الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، وما يقوم عليه دينها من خرافات، وهو عند الشيعة من المراجع الكبرى التي يعتمدون عليها في تلقي دينهم.
صُدر الكتاب بالتعريف بالمؤلِف وسرد ترجمة له، تضم اسمه ونسبه، وآراء العلماء فيه، ومشايخه ومن روى عنهم، وتلامذته ومن روى عنه، ثم عرج بعد ذلك على التعريف بكتابه هذا الذي لم ولن يَكْتُبَ مثله أحد من الأولين والآخرين على حد زعمه، ويشتمل على تفصيل أحوال الإنسان قبل خلقه وبعد موته، إلى أن يستقر في الجنة أو النار.
موضحا المنهج المتبع في تأليفه، والذي لا يلتزم فيه إلا ما أخذه عن أرباب العصمة الطاهرين، أوما صح عنده في كتب الناقلين، مقسما ذلك إلى ثلاثة أبواب رئيسة.
-الباب الأول-
يحتوي هذا الباب على أزيد من ثلاثين نورا منها:
نور إمامي:
مزايا تربة الحسين وقبته:
يقول نعمة الله الجزائري[2] في معرض حديثه عن الحسن والحسين -رضي الله عنهما-: “…مع ما خص به الحسين عليه السلام عوض الشهادة بأن جعل الشفاء في تربته، والدعاء مستجاب تحت قبته، والأئمة من ذريته، ولا تعد أيام زائره جائيا وراجعا من عمره” انتهى.
فالشيعة يعتقدون الشفاء في تربة الحسين، والإجابة تحت قبته، والأئمة من ذريته أو عِترته، فتجدهم يتبركون بأكل هذه التربة، ويستشفون بها، ويسجدون عليها، ويمرغون وجوههم فيها تقربا وذلة.
وأكل الطين فيه ضرر ومهلكة للجسم، والقاعدة الشرعية تقول: لا ضرر ولا ضرار، وقد أفتى العلماء بعدم جواز أكل ما يضر بالجسم، والحمد لله على نعمة العقل، التي تنقص السيد نعمة الله الجزائري وأتباعه من الشيعة الإثنا عشرية.
نور علوي:
القول بتفضيل علي -رضي الله عنه- والأئمة على الأنبياء والرسل:
قال[3]: “…وإنما الخلاف بينهم في أفضلية أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين عليهم السلام على الأنبياء مما عدا جدهم صلى الله عليه وسلم، فذهب جماعة إلى أنهم أفضل باقي الأنبياء ما خلا أولي العزم، فإنهم أفضل من الأئمة عليهم السلام، وبعضهم إلى المساواة وأكثر المتأخرين إلى أفضلية الأئمة عليهم السلام على أولي العزم وهو الصواب”.
وقد بنى نعمة الله الجزائري هذا التفضيل على إظهار مناقب مصطنعة لعلي -رضي الله- عنه، على حساب مثالب هؤلاء الأنبياء على حد زعمه.
فالقوم يعتقدون بأفضلية علي والائمة على جميع الأنبياء ما عدا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا غلو فاضح وجهل سافر.
لا يخفى على أحد مكانة الأنبياء والرسل في ديننا، فلا يتم إيمان المرء إلا بالإيمان بالرسل، وهم أشرف الخلق على الإطلاق، والرسل أفضل من الأنبياء، ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضلهم وأشرفهم فهو النبي والرسول، وأفضل الناس بعد نبينا عليه الصلاة والسلام من الرجال: أبوبكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذي النورين، ثم علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم جميعاً.
فالقول بتفضيل أحد من البشر على الأنبياء قول المجانين ولا مجال له في دين العقلاء.
غلو في الأئمة:
قال[4]: “…قال أبو عبد الله عليه السلام، إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها، أرواح محمد، وعلي، والحسن، والحسين، والأئمة صلوات الله عليهم، فعرضها على السموات والجبال فغشيها نورهم، فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال هؤلاء أحبائي، وأوليائي، وحججي على خلقي، وأئمةُ بَريَّتِي، ما خلقتُ خلقا هو أحب إليَّ منهم، ولِمَن تولاهم خلقتُ جنتي، ولِمَن خالفهم وعاداهم خلقتُ ناري، إلى أن قال فلما أسكن آدم وحوى الجنة نظرا إلى منزلة النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة، فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقال لهما سبحانه لولاهما لما خلقتكما…”.
روايات لا خطام لها ولا أزمة، يروجون الباطل لسخافة عقولهم، وسذاجة متبعيهم، فلولا الأئمة ما خلق الله آدم وحواء، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم وإفك مبين، فهم العلة الغائية التي من أجلهم ولهم خلق الكون، فلولاهم ما خلق الله شيئا.
فهذا فتح شيطاني، لا يُرزقه إلا من كان من الشيعة، قال تعالى:{إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة:169).
علي قسيم الجنة والنار:
يقول السيد نعمة الله الجزائري: “…ما رُوي مستفيضا من قوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة أقام الله عز وجل جبرائيل ومحمد صلى الله عليه وسلم على الصراط لا يجوز أحد إلا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب عليه السلام، وإلا هلك وأنزله الله الدرك الأسفل”.
· انتبهوا: لا يدخل الجنة أحد إلا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقال أيضا[5]: “…إن الله يبعث رضوانا بمفاتيح الجنة، ومالكا بمفاتيح النار فيدفعهما إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، ويأتي شفير جهنم فيقف والملائكة تسوق الناس إلى الصراط، وهو واقف عنده فيقول يا نار هذا لي وهذا لك، وهذا معنى كونه قسيم الجنة والنار”.
ومعنى هذا الكلام أن عليا -رضي الله عنه وأرضاه- قسيم الجنة والنار يدخل شيعته وأتباعه الجنة وغيرهم النار، فيقول للنار هذا لي وهذا لك، فالجنة لن يدخلها إلا من كان من شيعته، سبحان الله، فإبليس الذي لبَّس على اليهود والنصارى هو الذي أوحى إلى الشيعة هذا الفهم؟
قال تعالى: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَو نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة:111).
والجنة لله يدخلها من يشاء من عباده، والنار خلقها الله يقذف فيها من يريد، وفي ذلك رفع لمكانة علي إلى درجة أعلى من مكانته رضي الله عنه غلوا من هؤلاء الجهال.
وقال في الصفحة (23): “…كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم تبسم في وجهه وقال: مرحبا بمن خلقه الله قبل أبيه آدم عليه السلام بأربعين ألف عام، فقلت يا رسول الله أكان الإبن قبل الأب؟ فقال: نعم إن الله خلقني وخلق عليا قبل أن يخلق آدم عليه السلام بهذه المدة”.
أي سحر هذا الذي طمس عقول الشيعة، حتى صاروا يهذون بمثل هذا الكلام، ولكنه الهوى والشيطان {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (القصص:50).
الله عز وجل خلق النبي صلى الله عليه وسلم، وعليا -رضي الله عنه- قبل خلق آدم بأربعين ألف عام، سبحان الله.
الذي يعتقده العقلاء، وجاءت الشرائع السماوية مصرحة به أن آدم عليه السلام أبو البشر ولم يخلق بشر قبله، والجان قبله طبعا،{وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ} (الحجر:27).
أما دعوى خلق النبي صلى الله عليه وسلم، وعلي -رضي الله عنه- قبل آدم فبطلانها مما لا يماري فيه المجانين فضلا عن العقلاء، وهذا من فلسفة الكلام التي لا يجيدها إلا الروافض الكرام.
الأئمة أعلم من الأنبياء:
قال السيد نعمة الله الجزائري[6]: “الخامس… ما استفاظ[7] في الأخبار من أن علم الأئمة عليهم السلام أكمل من علوم كل الأنبياء”.
وذلك من جملة علم الله الأعظم، الذي هو ثلاثة وسبعون حرفا، استأثر الله بحرف واحد منها، وعلم الباقي لرسوله وأمره أن يعلمه أهل بيته، بينما أُعطي عيسى عليه السلام حرفان، وموسى أربعة أحرف، وإبراهيم ثمانية، ونوح خمسة عشر حرفا، وآدم خمسة وعشرين حرفا، وقد جُمع ذلك لمحمد وآله سوى الحرف الذي استأثر الله به.
إذن فعلم الأئمة من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يضم اثنان وسبعين حرفا، وبذلك يكون علم الأئمة أكثر من علم الأنبياء، فهم أعلم منهم.
وهذا أيضا مما لا يرضاه العقلاء فضلا عن أصحاب الديانات، إذ أن الله لا يختار لرسالاته إلا أعلم الناس.
خرافة:
يقول المخرفالسيد نعمة الله الجزائري: “…إن موسى عليه السلام والخضر تجادلا عند جانب البحر، فجاءهم طائر ثم بدأ هذا الطائر ينثر الماء بمنقاره شرقا وغربا، وسماء وأرضا، وللبحر أيضا، فحارا في أمره ليأتي صياد فيخبرهم بشأنه: “واسمه مسلم، …فإشارته برمي الماء يقول يأتي في آخر الزمان نبي يكون أعلم أهل السموات والأرض، والمشرق والمغرب، عنده علم مثل هذه القطرة الملقاة في البحر، ويرث علمه ابن عمه ووصيه علي بن أبي طالب…”.
ذِكْرُهذا الطائر لم يرد في سورة الكهف التي وردت فيها قصة موسى عليه السلام والخضر بشكل مفصل، بينما وردت في كتب هؤلاء القوم، الذين يعتمدون في دينهم على الخرافات والأقاويل مصدرا لتأويلاتهم الباطلة {مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الأعراف:186).
فعلم علي -رضي الله عنه- دل عليه الطائر مسلم موسى عليه السلام والخضر، وبين لهما ذلك بمنقاره، كما في تفسير الصياد.
وبعدها قصة يونس بن متى:
عرفتم لماذا ألقي يونس بن متى في بطن الحوت؟ لأنه توقف في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عندما عرضت عليه، وسرد المؤلِف قصة عجيبة غريبة، كَلَّم فيها زين العابدين عليه السلام البحر فخرج الحوت الذي التقم يونس وسأله فأخبره الحوت بسبب التقامه ليونس، وذلك أنه عليه السلام عرضت عليه ولاية علي -رضي الله عنه- فتوقف فيها، فكان جزاؤه الإلقاء في بطن الحوت، وهذا يعلمه معممو الشيعة الإمامية لأتباعهم.
غلو[8]:
ذكر السيد نعمة الله الجزائري مناظرة وهمية بين حرة بنت حليمة السعدية والحجاج بن يوسف الثقفي يثنيها فيها عن القول بتفضيل علي على أبي بكر وعمر، لتفاجئه باعتقادها بأفضليته على الأنبياء والمرسلين، صانعة لعلي-رضي الله عنه- منقبة أمام زلة كل نبي ورسول، ليخلص في الختام إلى عيسى عليه السلام قال: “…إن أخص أوصاف عيسى عليه السلام ومعجزاته إحياء الموتى وهنا قد أحيا الله الأموات لرسول علي بن أبي طالب عليه السلام فأين هذا من ذاك”.
إذا كانت المعجزات التي أجراها الله على يد عيسى بن مريم عليه السلام، وقعت لرسول علي بن أبي طالب فقط، فما بالك بعلي؟
وقال قبلها بألوهية علي -رضي الله عنه- عياذا بالله، كما في النور القادم.
نور علوي[9]:
فقد أفاد السيد نعمة الله بسؤال الحجاج لحرة بما تفضل عليا على عيسى بن مريم؟ قالت: بأن الله فضله عليه بقوله: {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} (المائدة:116). وعلي بن أبي طالب عليه السلام لما ادعوا النصيرية فيه ما ادعوا لم يعاتبه الله سبحانه، فقال: أحسنت يا حرة.
سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
الله عز وجل يعاتب عيسى عليه السلام، ولا يعاتب عليا، والسبب واحد، هو ادعاء أقوامهم فيهم الألوهية، فلماذا يعاتب الله عز وجل عيسى عليه السلام ولا يعاتب عليا رضي الله عنه على حد قول هولاء الجهال؟ لأن الألوهية في عيسى ادعاء وهي في علي حقيقة، والله المستعان. قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} (النساء:116).
ولئن سألت المشركين من خلق السماوات والأرض ليقولن الله، ولئن سألت الشيعة ليقولن علي، نعوذ بالله من الجهل الذي يعمي الأبصار ويغشيها عن الحق.
حتى أن الشيعة لم يدَعُوا صفة للحق سبحانه إلا ألبسوها لعلي -رضي الله عنه- ظلما وزورا وهو منهم بريء عليه السلام.
{وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُو إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} (النحل:51).
غلو وشرك:
هل يعلم المسلمون من نجى إبراهيم عليه السلام، من النار وجعلها عليه بردا وسلاما، ومن نجى نوحا من الغرق، ومن علَّم موسى التوراة، ومن أنطق عيسى في المهد؟ أغلب المسلمين يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى هو من فعل هذه الأشياء.
قال تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (الأنبياء:69).
وقال سبحانه: {وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} (الأنبياء:76).
وقال عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} (يونس:103).
ولكن في دين الشيعة علي هو من نجى إبراهيم عليه السلام وجعل النار عليه بردا وسلاما، وعلي من علَّم موسى التوراة، وعلي من أنطق عيسى في المهد، وعلي من نجى نوحا من الغرق، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فما لهؤلاء القوم لا يرجون لله وقارا.
ويوضح قائلا: “فقال عليه السلام، جوابا عمن سأله السؤال الذي طرحناه آنفا، والله قد كنت مع إبراهيم في النار، وأنا الذي جعلتها بردا وسلاما، وكنت مع نوح في السفينة فأنجيته من الغرق، وكنت مع موسى فعلمته التوراة، وأنطقت عيسى في المهد وعلمته الإنجيل، وكنت مع يوسف في الجب فأنجيته من كيد إخوته، وكنت مع سليمان على البساط وسخرت له الرياح”.
فماذا بقي لله عز وجل في دين هؤلاء الأنجاس بعدما قام علي بكل هذه المسائل؟
سبحان الله، أتساءل كيف يقبل الشيعة مثل هذا الكلام ويروجونه؟
إنهم أصحاب العمائم الذين يسحرون الجهال، فيأسرون قلوبهم وعقولهم، حتى يطبع الله عليها فتصبح كالكوز مجخيا لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا إلا ما أشرب من هواها، قال الله سبحانه: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (الجاثية:23).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*- هناك بعض الأخطاء اللغوية في متن الكتاب، نقلتها كما هي حتى لا أتهم بالتحريف، الذي هومن دين هؤلاء القوم.