هل يحتاج الإسلام إلى عاصية سافرة كاشفة شعرها مثل احسان الفقيه لتدافع عنه؟
احسان الفقيه
هوية بريس – الأربعاء 05 غشت 2015
أعيد نشر هذا من أجل أولئك الذين لا زالوا يظلمون ويُشكّكون ويبخسون جهد الناسويُقللون من شأنهم باسم او بمُبرّر أنهم يقدمون النصيحة من أجل حرمات الله، ولو كانت تلك النصيحة (فظّة)، وبالعلن بل وبين خصومٍ هم ذات خصومهم، ممن لا يملكون الرجولة لمواجهتهم كما واجهتهم أنا طيلة سنوات..
* لا أملك إلا أن أقول:
الله بيني وبين كل من نصحني بكتابة إدراج على صفحته أو تعليق على صفحة سواه فشاركه (أكل لحمي) سخفاء القوم وسفهاء المرحلة من المنافقين والمتلوّنين، بل وممن يرتكبون الكبائر لا المعاصي فقط..
أسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم وهو الأعلم بي مني ومنكم، أن ينتقم من كل من فعل ذلك علانية وتمادى بالتبرير لنفسه أن ذلك من حقه.
أسألكم بالله جميعا أن تقولوا آمين..
الله ينتقم من كل من ذكرني على صفحته همزا ولمزا وظلما وتبخيسا دون أن أظلمه يوما أو أؤذيه..
وأكرر سؤال أكثركم :
هل يحتاج الإسلام إلى عاصية مثل احسان الفقيه.. لتدافع عنه؟
* حسنا..
ليس من الحكمة أن أظلّ -في ظروف كهذه- أدافع عن نفسي في كلّ مرة لأوقف الذين تغيب أخلاق الإسلام الصافية عن كلماتهم ونصحهم وتقديرهم للمواقف -عند حدّهم-.
لكن تفيض العين حين امتلائها وحين تفيض يصبح الحديث ضرورة.. ولو لمرة على الأقل..
لتلقين الذين يحبون أن يسمعوا الدرس مرتين.. ولعلهم يتذكرون..
* وأكرر سؤال بعضكم:
هل يحتاج الإسلام إلى عاصية مثل احسان لتدافع عنه؟
– هذا السؤال الفاسد في أصله مبنيّ على فرضية أن سائله نقي من الذنوب وهو يحوي في داخله ذنبا كبيرا.. ألا وهو (تجاهُل الإنسان لستر الله عليه)، وعلمه بما يخفيه في قلبه من إعجاب أو احتقار لعاصٍ وهي من ذنوب القلوب الخطيرة..
* لماذا لا تُقلب بصرك في سيرة ابن مسعود ثم تسمعه وهو يُحدث أصحابه مؤنبا نفسه:
“لو أن للذنوب رائحة ما جالسني منكم أحد..”!!
* أبو العتاهية يقول:
أحسن الله بنا.. أن الخطايا لا تفوح.. فإذا المستور منها.. بين ثوبيه فضوح.. نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح.. لتموتن ولو عمّرت ما عمّر نوح..
* نعود لسؤالنا.. هل يحتاج الإسلام إلى عاصٍ ليدافع عنه؟
* كم هو مسكين من يعتقد أو يظنّ أن الإسلام بحاجة إلى عابد أو عالم ليدافع عنه فضلا عن عاص..
* الإسلام لا يحتاج لا لي ولا لك ولا لأي من الكائنات على هذا الكوكب لأنه مُنتصر بنا أو بغيرنا.. (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)، والغلبة له ولمن جعله منهاج حياة يسير عليه..
* الحقيقة تقول:
نحن -بحاجة للإسلام لا العكس- وبقاؤنا كأشخاص مرهون بالتشبث به والدفاع عن بيضته.. ونحن نستمدّ منه القوة ببقائنا قريبا منه بالدفاع عنه بكلّ ما أوتينا من قوة سواء بالكلمة أو ببذل المُهج.. وليس لنا فضل فيما نفعل.. ولابد أن يكون هذا يقين في القلب.. أن كل ما نقدمه للإسلام.. لا يُقارن أو يتساوى بنعمة أن هدانا الله إليه.. فغيرنا من أمم الدنيا.. لم يُنعم الله عليهم هذا الطريق ولم يهتدوا إليه.
* دعونا الآن نتحدث بأمثلة واضحة..
* لماذا لم تقل زوجة سعد بن أبي وقاص في معركة القادسية للصحابي الجليل أبي محجن الثقفي وهو في أغلاله محبوس لشربه للخمر؛ لماذا لم تقل له: الإسلام لا يحتاجك وأنت عاصٍ تشرب الخمر؟
وقد كان يسألها ويتوسّل إليها:
كفى حزنا أن تدخل الخيل بالقنى***وأُترك مشدودا علي وثاقيا
إذا قمت عناني الحديد وغلقت***مصاريع دوني تصم المناديا
يُقَطِّع قلبي حسرةً أن أرى الوغى***ولا سامعٌ صوتي ولا من يَرَانيا
وأن أشهدَ الإسلام يدعو مُغَوِّثاً***فلا أُنجدَ الإسلام حينَ دعانيا
سُلَيْمى دعيني أروِ سيفي من العدا***فسيفي أضحى ويحه اليوم صادياً
دعيني أَجُلْ في ساحةِ الحربِ جَوْلَةً***تفرج من همي وتشفي فؤاديا!
* لقد كان أبو مجحن يتلوى ألما وهو يرى الرقاب تتطاير ومعسكر الإسلام أمام معسكر الكفر وجها لوجه، وفي نفس الوقت هو محبوس لا يستطيع أن يُقدم للإسلام شيئا وهو مذنب..!!
لماذا لم يحبسه ذنبه ويبقى صامتا محمي الجناب؟!
لماذا يخاطر بحياته وهو مذنب؟!
حين يصبح الإسلام في خطر يجب ألا تُكبّل أقدامنا الذنوب.. وهكذا فعل أبو المحجن.. أعطى زوجة سعد بن أبي وقاص وعدا ليعودن إلى القيد بعد المعركة ليستوفي عقابه.. ففكت قيده وأعطته البلقاء فرس زوجها سعد.. وقد كان خال رسول الله عليه الصلاة والسلام مقروح في فخذيه، فلم ينزل ساحة القتال..
وحين أطلع أبو محجن في المعركة يجزّ رأس هذا ويضرب عنق آخر.. كان سعد يراقب المشهد عن بعد ويقول:
الضرب ضرب أبي محجن والكر كرّ البلقاء!
وحين انتصر المسلمون في المعركة.. أوفى أبو محجن بوعده.. وعلم سعد بالقصة فعفى عنه إثر الخدمة الجليلة التي قدمها والله لا جلدتك في الخمر أبدا، فقال أبو محجن: وأنا والله لا شربت الخمر أبدا..
* فيا لعظمة من عفا لتقدير ويا لرفعة من تاب لتقدير مثله..
* أنا لم أشرب خمرا طيلة حياتي وهو فضل من ربي ويعلمه سبحانه عني..
ولستُ أبو محجن ولا معي البلقاء ولستَ أنت بأحرص على الإسلام من سعد بن أبي وقّاص ومن كانوا في مجلسه..
ويا ليتني كنتُ على زمان أولئك العظماء لأنصفوني وتعاملوا معي كما أستحقّ..
وما أريد قوله هو:
الإسلام وبيضته في خطر وجميعكم يعلم ذلك وأكثركم قرأ ما أكتب عن تصريحات الغرب وعمالة الشرق وبيع القريب وحسرة من لا يملكون من أمرهم إلا انتقاد أمثالي، بعد الخضوع الدائم والتسليم المستمرّ لثلّة من شرذمة يحكمون بلادي.
* ونعم الإسلام ليس بحاجة لي أو لك كما أسلفنا، ولكن أوليس من الحكمة أن نحرص على كلّ جندي يقفُ في خندق المُناصرين للإسلام وأهله؟
أوليس من الحكمة أن نحرص على أن لا نخسر جُنديا مخلصا شرسا بالتقريع والتبخيس والتشكيك والظلم؟
وأن ندعو له بالهداية ولستُم أعلم به من ربّه الذي كتب له أن يصبر على أذاكم وهو يحترق من أجل الغافلين منكم؟
* هل سمعتم عن ذاك السارق الذي ثبّت الإمام أحمد بن حنبل في سجنه في فتنة خلق القرآن -بعد تثبيت الله وفضله- نعم.. كان سارقاً.. والسرقة ذنب كبير لا معصية عادية..
فحين دخل أحمد بن حنبل السجن كان رجلا نحيلا.. ضعيف البنية، وكان يقول يحدث نفسه والسجناء:
أنا لا أخاف فتنة السجن.. ولا أخاف فتنة القتل فإنما هي الشهادة.. إنما أخاف فتنة السوط..!
وحين حان جلد الإمام.. نظر إليه لص شهير يقال له أبو هيثم الطيار فقال: يا إمام لقد ضُربتُ أنا 18000 سوط وأنا على الباطل فثبتُّ، وأنت على الحق يا إمام فاثبُت لأنك إن عشت عشت حميداو إن متّ متّ شهيدا..!
فما نسيها له الإمام أحمد أبدَ الدهر.. وظلّ يدعو للطيار كل ليلة بعد ذلك اللهم أغفر له.. فلما سأله ابنه يا أبتي إنه سارق قال: و لكنه ثبتني..!
فما حاجة هذا السارق المذنب.. أن يثبت الإمام وأن يقول له ما يكون فيه خير له وللأمة؟
هل حجبه ذنبه عن قول الحق ؟
وهل أوقفه أحد ليقول له يا سارق عليك أولا أن تتخلص من ذنبك قبل أن تنصح إماما عالما بحجم الإمام أحمد بن حنبل..!!
* لماذا لم يقف أحد لسيد قطب ويقول له:
عليك أن تطلق لحيتك قبل أن تسل سيف كلماتك مدافعا عن دين الله..
وكيف تكتب لنا في ظلال القرآن وأنت ضال!
وتخطّ لنا معالم الطريق وأنت تائه الطريق!
وتكتب لنا عن فتية آمنوا بربهم.. وأنت لست منهم..!
ألم يكن أسهل عليه.. وقد رُمي عن قوسٍ واحدة.. واتُّهم في دينه وعقله.. وعقيدته.. والسجاّن يأتيه قبل الصعود إلى المشنقة.. إعتذر عما تدعوا إليه.. ليتم العفو عنك وهو يقول بعزة وكرامة:
«لن أعتذر عن العمل مع الله”!
لو عاش في زمننا سيد.. لبقي السُذّج يسألونه: لماذا أنت حليق؟
* هل لازلتم تحبون الرافعي ودفاعه عن الهجمة الشرسة على اللغة العربية والقرآن والدين..وهو لايألوا جهدا في الدفاع عنه، هل تحبون ”من وحي القلم”..؟
وهل تأبطتم يوما كتابه ”على السفود”؟!
وسهرتم ذات ليلة مع ” إعجاز القرآن والبلاغة النبوية”؟؟!
ربما إذا ذكر اسمه قال بعضكم فضيلة الشيخ وهو يستحقها..
أو الإمام المُفكر مصطفى صادق الرافعي.. وهو بحق مفكر ويستحق كل صفة نبيلة..
كثيرون كانوا يعتقدون ذلك..
وحين خرجت صورته في ”الرسالة” لابسا طربوشا حليق اللحية، مُسبل الثياب.. صُدم به بعض الذين يُقدّسون المظاهر.. فأرسل له أحدهم رسالة من حلب قال فيها:
“لماذا يا سيدي أُبدَلتَ ثياباً بثياب، وهجرت العمامة والجبة، والقفطان، إلى الحلة والطربوش؟
ألك رأي في مدنية أوربة وفي المظاهر الأوربية غير الرأي الذي نقرؤه لك..؟”.
إن هذا الطيب الذي كتب الرسالة يريد الذين يدافعون عن الإسلام بهيئة واحدة.. ونمط واحد.. تعنيهم مظاهر الدُعاة والمصلحين والمدافعين أكثر من أي شيء آخر..
* خذ بعلمي فإن قصّرت في عملي ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري
وهو ردّ الامام سفيان بن عيينة حين رآه أحدهم في السوق فعاب عليه أن يرى عالما مثله في الأسواق..!!
فيا لظلمكم وأنتم أنفسكم تظلمون قبل ذلك..
* أنا لستُ أخطر من إبليس على الأمّة وأنت لستَ تخشى على دين الله من النبي صلى الله عليه وسلم حيث أقرّ ما قاله إبليس حين قال حقّا..
راجعوا صحيح البخاري.. وفي ذلك قصّة طويلة وشرح يطول..
* لقد تعبت من الأمثلة.. وتعبت من الشرح.. ولن أتوقّف عما بدأت به حتى يقضي ربي أمرا كان مفعولا..
وأنت؟؟
ألا تتعب من البحث عن عيوبي وتجاهل كلّ خير كتبتْ؟؟
* دعك من ذنوبي الظاهرة.. وخذ ما صحّ من قولي، وادعُ لي بالهداية والخلاص من الذنب..
وابقَ دائما وأبدا قريبا من قلبك ومن الذنوب الخفية التي تمزق شعثه، كالعجب والكبر واحتقار المذنبين..
* قيل لأحمد بن حنبل:
كم بيننا وبين عرش الرحمن؟
قال: دعوة صادقة من قلب أخ صادق..
ادعُ الله لي فقد أنجو أنا بدعوة صادقة منك.. وقد ينجُ جيلٌ من الغافلين بما أكتب.. فلا تشوّش عليّ.. فلستُ أنا العدوّ ولن أكون..
* أختم حديثي بقول أنس رضي الله عنه: والله ما فرح الصحابة بحديث مثل فرحهم بحديث: “يُحشر المرء مع من أحب”.. نحن أحببنا الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم.. وسنسأله بحبنا له (أن نُحشر مع من نحب في جنات النعيم)
وأن يتجاوز عنا -سبحانه- ذنوبنا وتقصيرنا..
وأستغفر الله العظيم الحليم الكريم وأتوب إليه..