محمد سعيد رسلان من نشر العلم النفيس إلى الترويج لقناة السويس
هوية بريس – عبد الله المصمودي
الخميس 06 غشت 2015
في الوقت الذي اجتمعت فيه كلمة المصريين بعد ثورة 25 يناير 2011 على إصلاح ما كان معطوبا زمن المخلوع حسني مبارك، مع اختلاف التوجهات من منطلقات دينية وفكرية، بين الإسلاميين والصوفية والعلمانيين والنصارى؛ اختار البعض النأي عن الدخول في كل الحراك، ووصفه بالفتنة والانحراف.
الوصف بالفتنة والانحراف لم يكن ضدا على كل الحراك بل بالضبط، ضد الإسلاميين الذين واجهوا كل الأطياف الأخرى، وأما حقيقة هؤلاء البعض فهم على قناعة راسخة بضلال ما وقع وبأن ثورة 25 يناير ما هي إلا خروج على إمام شرعي تجب له الطاعة وهو حسني مبارك..
لكن قدر الله ووقعت الفتنة/الحراك واختار أغلب المجتمع المصري الرئيس المخطوف محمد مرسي، وخلال فترته وكل ما عرفته من إيجابيات وسلبيات، تخلى هؤلاء البعض على القيام بواجب الدعوة لطاعة ولي الأمر مثل الحال مع المخلوع حسني، ثم ما إن وقعت جريمة الانقلاب العسكري وبعدها كارثة فض الاعتصامات التي كانت مذبحة بشعة في حق الآلاف من الأبرياء، حتى بارك هؤلاء البعض المجرم/المتغلب.. وصار الوازع المحرك هو العودة للدندنة على وجوب طاعة ولي الأمر ولو كان ظالما.. والحقيقة أن موقف هؤلاء البعض من جماعة “الإخوان المسلمون” هي من أعمتهم، وجعلتهم يتناقضون في مواقفهم.
لكن الكارثة هي أن ينساقوا وراء الطاغية الخائن المتصهين ويباركوا أعماله الإجرامية، وتحميل كل ما يقع للإخوان المسلمين الذين يرفضون التخلي عن احتجاجاتهم وتظاهراتهم..
أحد أولئك البعض وهو الشيخ محمد سعيد رسلان، كان من أبرز ما يؤيد مواقفه على أصله هو دعوته اجتنا السياسة/الديمقراطية التي جرت على المسلمين الويلات بالإطلاق.. فلذلك كان بعيدا كل البعد عن هذا الأمر.. لكن فاجأنا الرجل هذه الأيام مع تدشين انطلاق قناة السويس الجديدة بخطبة جمعية تحت عنوان:
– [قَنَاةُ السُّوَيْسِ الجَدِيدَةُ، والتَّوَكُّلُ على اللهِ]..
ما جعل الكثير يستغربون، ويتساءلون: أليس الرجل كان من أبغض الناس لشؤون السياسة المعاصرة، فما دخله في قناة السويس الجديدة؟!
جاء في نُبْذة عن الإصدار بعدما تحول إلى شريط مروج له بحملة دعائية من طرف أتباعه:
“لَيْسَ سِحْرًا! وَلَيْسَ شَعْوَذَةً! وَلَيْسَ اسْتِعَانَةً بِالْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ! وَإِنَّمَا هُوَ عَمَلٌ بَشَرِيٌّ يُؤَسَّسُ عَلَى تَوَكُّلٍ عَلَى اللهِ، وَأَخْذٍ بِالْأَسْبَابِ.
بِحَوْلِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَقُوَّتِهِ، وَمَنِّهِ وَعَطَائِهِ وَرَحْمَتِهِ، يُنْجَزُ مَشْرُوعُ قَنَاةِ السُّوَيْسِ الثَّانِيَةِ فِي مِيعَادِهِ، بِعُقُولٍ مِصْرِيَّةٍ خَالِصَةٍ، وَبِسَوَاعِدَ مِصْرِيَّةٍ خَالِصَةٍ، وَبِأَمْوَالٍ مِصْرِيَّةٍ خَالِصَةٍ، شَتَّانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ!
لِأَنَّ الِاحْتِفَالَ بِالْأَوَّلِ أَدَّى إِلَى احْتِلَالِ مِصْرَ بَعْدَ حِينٍ، وَوَقَعَتْ أُمُورٌ، وَكَانَتْ مِصْرُ فِي مَوْقِعٍ اقْتِصَادِيٍّ مُمْتَازٍ، كَانَ الْجُنَيْهُ الْمِصْرِيُّ أَكْبَرَ قِيمَةً مِنَ الْجُنَيْهِ الْإِسْتِرْلِينِيِّ، يَزِيدُ عَلَيْهِ بِبِضْعَةِ قُرُوشٍ..
ثُمَّ كَانَ مَا كَانَ، فَتَقَهْقَرَ هَذَا الْوَطَنُ إِلَى مَقَامٍ لَا يُنَاسِبُهُ، وَمَوْضِعٍ لَا يَلِيقُ بِهِ، وَلَا يُلَائِمُهُ، وَمَنَّ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِأَنْ يُنْفَضَ عَنْهُ ثَرَى الْعَثْرَةِ، وَأَنْ يُزَالَ عَنْهُ غُبَارُ الْكَبْوَةِ، وَأَنْ يَقُومَ عَلَى قَدَمَيْهِ.
لِمَاذَا يُعَطِّلُهُ -أَوْ يُرِيدُ تَعْطِيلَهُ- عَنِ الْوُصُولِ إِلَى مُرَادِهِ:
الْبُومُ وَالْغِرْبَانُ مِنَ الْقُطْبِيِّينَ وَالْإِخْوَانِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّكْفِيرِيِّين!
يُرِيدُ الْإِخْوَانُ الْمُفْلِسُونَ الْمُجْرِمُونَ أَنْ يُسْقِطُوا مِصْرَ.
لِكَيْ يَعُودُوا إِلَى الْحُكْمِ! هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ! هَؤُلَاءِ قَوْمٌ بِلَا عُقُولٍ!“.
وها أنتم ترون وتقرأون أن عقدة الإخوان عند أولئك البعض وعلى رأسهم رسلان وأتباعه، هي ما يدفعهم للمنافحة والدفاع عن الطاغية المجرم عبد الفتاح السيسي ومشاريعه التي تخدم العسكر لا شعب مصر، والعسكر في خدمة الكيان الصهيوني، لا في خدمة مشاريع الأمة الإسلامية، ففي نبذة مختصرة لم يفوت الأمر على القدح والتضليل والتسفيه للإخوان..
وعن هذا الإصدار كتب الشيخ حماد القباج في صفحته على “الفيسبوك”: “محمد سعيد رسلان والسياسة..
فجأة يتحول الشيخ رسلان إلى خبير في السياسة والاقتصاد ومنظر شرعي لمشاريع سياسية واقتصادية ضخمة..
وينقض ما قرره لسنين من أن الاشتغال بهذه المواضيع ملهاة عن طلب العلم واتباع السنة، وأن الإخوان فتنوا طلبة العلم بالاشتغال بهذه المواضيع..
لما شرع الرئيس مرسي في إقامة مشروع قناة السويس؛ كان الكلام في الموضوع لوثة إخوانية..
لكن لما شرع في ذلك الظالم السفاح السيسي؛ صار المشروع جديرا بالاهتمام إلى درجة التأليف..
لا أتعجب من ركون شيوخ السوء إلى الذين ظلموا وتملقهم لهم..
لكن العجب من هؤلاء الشباب المحسوبين على طلبة العلم كيف يعتبرون رسلان مرجعا موثوقا ويعظمونه؟!!
سبحان الله..“.