تأهب عسكري بالمغرب ضد خطر غامض
هوية بريس – الجزيرة
الخميس 21 غشت 2014
تعيش المملكة المغربية حالة تأهب عسكري لفتت أنظار المراقبين على مدى الأسبوع الماضي وصار مادة دسمة للتقارير الإعلامية الوطنية والدولية القائمة في أغلبها على تحليلات المتابعين للشؤون الأمنية وقضايا ما يسمى “الإرهاب”، في ظل غياب توضيحات رسمية تشفي غليل المهتمين وتضع الرأي العام أمام الصورة الواقعية لما يجري دون تهويل أو مبالغة.
ولم تقتصر تحركات الجيش المغربي على الحدود الشرقية مع الجزائر أو الحدود الجنوبية مع موريتانيا، بل شملت منشآت حيوية على سواحل المملكة وفي وسطها، تحسبا لأي خطر إرهابي قد يخرق سماء المملكة.
ويبدو أن نشر المدفعيات المتطورة وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات في محيط بعض المنشآت الحساسة كالسدود والموانئ والمطارات، ولّد لدى فئات عريضة تساؤلات عن حجم الخطر الإرهابي المحتمل، في وقت اعتبره البعض تعميقا لحالة الشعور بالأمن.
صمت وقلق
وانتقد مدير صحيفة “أخبار اليوم” المغربية توفيق بوعشرين عدم شرح مؤسسة الجيش دواعي الإجراءات العسكرية الاستثنائية، وعدم تنبيه الرأي العام إلى الأخطار المحدقة بالأمن القومي.
وقال في تصريح للجزيرة نت إن التعامل الرسمي جعل الرأي العام في “حيص بيص”، فالمغاربة لا يعرفون ما إذا كانت بلادهم في حالة حرب أم على وشك الدخول فيها.
وأضاف “هذه ليست سياسة والصمت ليس حلا. الناس يتابعون ما يجري وقلوبهم على وطنهم وأمنهم ومستقبل أبنائهم”.
في المقابل، يرى رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات عبد الرحيم منار السليمي أن الرأي العام المغربي مُهيأ لوجود خطر محتمل، فانتشار الجيش جاء بعد أيام قليلة من إعلان وزير الداخلية أمام البرلمان عن وجود خطر يهدد البلاد.
ويعتبر منار السليمي أن الصمت الرسمي مؤقت. وقال للجزيرة نت “يبدو أن السلطات تنتظر اللحظة المناسبة لشرح أسباب انتشار الجيش في محيط المنشآت الحيوية”.
واعتبر أن حضور المغرب في منطقة الساحل والصحراء ومراقبته المحيط المغاربي وجنوب المتوسط جعله يؤسس لسياسة أمنية وعسكرية استباقية تشخّص المخاطر عن بعد وتجمع بين العمل الأمني الاحترازي والاستنفار العسكري عند الضرورة.
الخطر الليبي
وأضاف أن تحريك الجيش في المغرب قرار سيادي لا يكون إلا في حالة وجود درجة مرتفعة من المخاطر. وقال إن التفسيرات التي ربطت بين الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها المغرب وحادث اختفاء 11 طائرة مدنية من مطار طرابلس بليبيا تجد مشروعيتها في ظل “غياب الدولة والسلطة في ليبيا”.
وأوضح أن “هذا الوضع يُنتج حالات من المخاطر تجمع بين وضع أفغانستان والعراق وسوريا”. وأورد معطيات أخرى تفسّر هذه الإجراءات منها وجود مقاتلين من الدول المغاربية في ليبيا قدموا إليها من سوريا عبر تركيا ولم يعودوا إلى بلدانهم.
ويضيف أن من سماها الجماعات الإرهابية في ليبيا احتضنت هؤلاء المقاتلين مما يعني أن ليبيا باتت مصدر خطر على المغرب لأن جاليته فيها تناهز ثمانين ألفا ولا توجد معلومات أمنية كافية عنها.
ويشير إلى أن العديد من أفراد الجالية المغربية لا يتوفرون على أوراق هوية، ومنهم من عاد من سوريا ويريد الدخول إلى المغرب.
ويوضح أن هذا الوضع يبرر رفع درجة التأهب خوفا من تمكن مغاربة تنظيم الدولة الإسلامية من الدخول إلى البلاد.
من جانبه، أيّد رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني بالبرلمان المغربي محمد المهدي بن سعيد الإجراءات التي قام بها الجيش.
وقال في تصريح للجزيرة نت “كان من الطبيعي أن يتخذ المغرب هذه الترتيبات بالنظر إلى المحيط الجيو استراتيجي الذي يعيش فيه، والمخاطر التي يشكلها الإرهاب على دول شمال أفريقيا”.
وقال إن البرلمان يراقب التطورات وسيتخذ المبادرات اللازمة في الوقت المناسب، وإن النواب يفضلون عدم الانخراط في الصخب الإعلامي حول الموضوع مراعاة لمصالح البلاد، مضيفا “عندما يتعلق الأمر بالاستقرار وأمن البلاد فإننا نتوحد خلف الملك”.