إضاءاتٌ منهجيةٌ في قضايا مُلِحَّةٍ.. أيها الشباب؛ اتقوا الله في العلماء!!

01 يناير 2018 16:04
كارثة في نظام حساب معدل السادس أساسي!!

هوية بريس – نور الدين درواش

لقد تعبد الله الأمة بالأخذ عن العلماء والصدور عن رأيهم فقال تبارك وتعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل:43].
وأكد على ذلك سبحانه وتعالى في وقت الفتن والنوازل والمدلهمات؛ فقال: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء:83].
ولا يخفى على أحد مساعي أعداء الإسلام في الشرق وفي الغرب لإسقاط مرجعية أهل العلم في العالم الإسلامي، وزعزعة ثقة الأمة بهم وتسويد صورتهم والإساءة لسمعتهم لدى الأمة عامة ولدى شبابها على وجه الخصوص، فأهل الفن يجعلون العلماء مادة دَسِمة للاستهزاء والتحقير والإزراء والتنكيت، وكثير من أهل الإعلام يسلطون الأضواء على العلماء لإظهارهم في صورة المتخلف أو الرجعي، أو المتناقض أو العميل، وأهل البدع من الشيعة والخوارج والعقلانيين لا يدخرون أي جهد في سبيل هذا الهدف الدنيء، وكثير من شباب الدعوة الغافل عَمَّا يُحاك له؛ يتلقف الشبهة والإشاعة والكذب والافتراء من المُرجفين عبر وسائل الإعلام والتواصل فيُسهم من حيث لا يشعر في هذا المخطط الإجرامي في حق الأمة ورموزها.
فهل تقبلون يا معاشر الشباب أن تكونوا عونا لأعداء الأمة على حرب الإسلام من خلال إسقاط نخبه العلمية الشرعية ومراجعه؟؟

فكيف تستسيغ أيها الشاب الطيب أن تجلس خلف شاشة حاسوبك، أو تفتح برنامجا للتواصل على جوالك لتبرز عنتريتك؛ متهما للعلماء بالجبن والخيانة والخوف، والعمالة والتناقض والخديعة والتأكل بالدين والركون للظالمين..
إننا لا ندعي للعلماء العصمة، فهم بشر يعتريهم الخطأ والزلل والنقص، لكن يكفي أن خطأهم يضل مغمورا في بحار حسنتاهم.
فهل يسوغ لنا عقلا وشرعا أن ننسف العالم ونسقطه ونهدم كل جهوده لمجرد أنه لم يَرُق لنا موقفه، أو لم تَرْقَ أفهامنا لاستيعاب توصيف واقع كالواقع السوري أو المصري أو ما سمي بالربيع العربي أو الحكم على ذلك إما كليا أو جزئيا.
ألا نتهم فهمنا وعلمنا؛ ونحن الصغار المبتدؤون الذين لم نتربع في حلق العلم ولم ندرس أبجديات كل علم فضلا عن التأهل لمناطحة الجبال.
إنها والله لجناية كبرى في حق هذه الأمة، فمن لها وقد سَفَّهتم أحلام الكُمَّل من رجالها والأخيار من عقلائها.
إن إطلالة سريعة على (عطائك!!!) و(إنجازاتك!!!) و(مواقفك!!!) أيها الشاب وما حققته من (القيمة المضافة!!!) في محيطك ومجتمعك، ومقارنته بعطاء هؤلاء الجبال الذين منهم من له ستون سنة يعلم الأمة كتاب ربها وسنة نبيها ويدلها على خالقها… يجعلك والله تستحي من أن تتلفظ بكل ما قد يُفْهَم منه الإساءة لعالم من العلماء… فضلا عن الطعن الصريح أو التنقص المُزْرِي القبيح.
هل فكرت أخي الشاب أن تُحَمِّل نفسك عناء السفر للعالم أو الاتصال به أو توكيل من يسأله لك لتسمع له وتصغي لوجهة نظره ودوافع كلامه إن تكلم ودواعي سكوته إن سكت، أو ملابسات فتواه التي استنكرتها واستهجنتها فحكمت بـ(الإعدام العلمي) على صاحبها.
إن علماء الأمة الراسخين الذين شابت لحاهم وانحنت ظهورهم في العلم والسنة ينبغي أن تُحفظ مكانتهم وتقدم أقوالهم على غيرهم، فقد أثبت التاريخ أن العلماء هم صمام الأمان لهذه الأمة فإنما تحفظ بعد الله بهم.
فالعالم الراسخ صخرة تتحطم فوقها كل بدعة مضلة، وتتلاشى أمامها كل شبهة يحسبها الجاهل دليلا، قال الإمام ابن القيم: “الراسخ فِي الْعلم لَو وَردت عَلَيْهِ من الشّبَه بِعَدَد امواج الْبَحْر مَا ازالت يقينه وَلَا قدحت فِيهِ شكا لانه قد رسخ فِي الْعلم فَلَا تستفزه الشُّبُهَات بل إِذا وَردت عَلَيْهِ ردهَا حرس الْعلم وجيشه مغلولة مغلوبة” [مفتاح دار السعادة1/443].

ولهذا تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم ممن جهل لأهل العلم حقهم وقدرهم فقال: “ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا ويرحم صغيرنا! ويعرف لعالمنا حقه” [صحيح الجامع:5443]
فهل يعقل أيها الشباب أن أن نسقط الجم الغفير من العلماء الراسخين المتحملين لهذا العلم كابرا عن كابر ونسلم ديننا ل”هباء من الناس، يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء” [صحيح الجامع:2047].
بين فَينة وأخرى يَبرز فينا داعية من الدعاة يعجبنا كلامه وطريقته ونَفَسُه و(تغريداته) ولاسيما في الأسلوب الثوري والتثويري، يصارع هنا وهناك، ويسفه ويخون ويوجه (العلماء) من برج عاجي عالٍ وينتقدهم ويتكلم بكلام لو أسقطناه على أهل العلم لرُمُوا ولجُرِحُوا جميعا ولما سَلِم لنا منهم أحد…

ثم تتساءل عن عمره فإذا هو في ريعان الشباب، ثم تسأل عمن شهد له بالعلم فلا تكاد تجد أحدا(!!!)…
إن الشباب لم يكن يوما ما منقصة ولا مانعا من البُروز، ولا حائلا دون النقد العلمي الرزين المتزن، ولا الرسوخ الشرعي ولا من بلوغ مرتبة الاجتهاد حتى، فقد كان ابن عباس على صغر سنه لا يفارق مجلس عمر رضي الله عنهم.
ثم إن العالم لا يُحكم له بالعلم إلا إذا شهد له العلماء قال الإمام الشاطبي رحمه الله:
“وَالْعَالِمُ إِذَا لَمْ يَشْهَدْ لَهُ الْعُلَمَاءُ فَهُوَ فِي الْحُكْمِ بَاقٍ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى يَشْهَدَ فِيهِ غَيْرُهُ، وَيَعْلَمَ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ أَوْ عَلَى شَكٍّ، فَاخْتِيَارُ الْإِقْدَامِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْإِحْجَامِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى. إِذْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ فِي نَفْسِهِ غَيْرَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يُقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يُقَدِّمَهُ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا” [الاعتصام:2/738].
إن الارتباط بأئمة أهل السنة والالتفاف حولهم في كل زمان لمن أعظم العواصم من الزيغ والهلاك فالصحابة كانوا ملتفين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعون التفوا حول فقهاء الصحابة، وهكذا كل جيل يلتف حول فقهاء الأجيال التي سبقته، دون تعصب ولا تحزب ولا عقد ولاء وبراء على هؤلاء الأشخاص لأن الجامع لهم هو منهج أهل السنة.
قال الإمام الآجري: “عَلَامَةُ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا: سُلُوكُ هَذَا الطَّرِيقِ، كِتَابُ اللَّهِ، وَسُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُنَنُ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ بَلَدٍ إِلَى آخِرِ مَا كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ الْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ، وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ طَرِيقَتِهِمْ، وَمُجَانَبَةُ كُلِّ مَذْهَبٍ يَذُمُّهُ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ” [الشريعة:1/300].

إن إحسان الظن بالعلماء والدعاة السالكين على درب الهداية والسائرين على منهج أهل السنة قاعدة ينطلق منها البحث ومنارة يُسترشد على ضوئها في أحلك الظروف وأعظم الفتن فإنَّ ظَفَرَ الشيطان من الشاب المبتدئ بإساءة الظن بأهل العلم باب من الشر خطير، وعواقبه وخيمة على صاحبه في سلوكه وتدينه، واستقامته، فإذا أساء الإنسان الظن بالرموز انعدمت عنده القدوة وفسد في عينه المَثَل والأُسوة وحينها لا تسل عنه في أي واد من الباطل هلك.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M