المُبَرْمَجون العرب
الحبيب عكي
هوية بريس – الخميس 28 غشت 2014
كان الله في عون المُبرْمَجين في الشر، ويظهر اليوم أن البرمجة في الشر هي الرائجة، ليس في أفلام الخيال العلمي الهتشكوكي والهوليودي وحدها ولكن في الأفلام اليهودية والصهيونية أيضا، وما تتقيأه كل حين على المشاهد الدولي المسكين من متاهات العبث، وفظاعة الجنون، وقتامة لوحات الحصار والإعصار، وسوداوية جولات الانفجار والدمار؟؟
وبدون حقن مخدرة ولا عقاقير مهلوسة وبها تحول الصهاينة إلى آلات حربية طوفانية بشعة تنشر الرعب والإبادة في كل مناحي الحياة العالمية الجميلة ومعانيها الأصيلة؟؟
ويقال إن أخطر سلاح للبرمجة هو الأفكار المنحرفة والمبادئ المتسخة والعادات والمعتقدات الراكدة والتنشئة الاجتماعية المتخلفة، ويضاف إلى ذلك كله جو الاضطهاد القسري والتسلط الكسري المفعومين بالوهم والهيام والانخراط الأعمى في حمل قضية خاطئة أو الطمع في ثروة أو سلطة يراها صاحبها المُبَرْمَج محررة له من أوضاعه المتردية وربما مغيرة حتى لأوضاع أهله المزرية من بعده، لذا لا يتردد في أن يكون مرتزقا شرسا في أي جيش من المُبَرْمَجين الأشرار؟؟
البرمجة عبودية تلغي الفكر والتفكير والعقل والتعقل، بل وحتى الضمير والعاطفة وكل الملامح الإنسانية النبيلة، تمسخ الإنسان وتبعده عن كل منطق أو حتى مجر الاقتراب من دائرة الحرية والمسؤولية أو أي باب من أبوابها المُشْرَعة؟؟ بل بالعكس يزداد المُبَرْمَج بالشر شرا وعنفا وسخطا كلما ازداد المُبَرْمِج له حقنا وعقارا أو توتر مناخ وكهربة محيط أو ازداد عليه قسوة وضغطا وتهديدا أو فقط توهم المُبَرْمَج ذلك ولو كان المُبَرْمِج له بعيدا عنه أو مجرد اسم “موسادي” أو “مافيوزي” له من تاريخ الفظاعة وتراكماتها ما له؟؟ ومن هنا نجد العديد من الصور الفظيعة للمُبَرْمَجين خاصة أولئك الوحوش ذوي الوجهين والأفاعي ذات السبعة أرواح، نساء تزداد خضوعا وتلبية شذوذ زوج سادي أو خليل مُغتصِب يمارس عليها السادية بكل فظاعة؟؟
مُبَرْمِجون استطاعوا خلق سوق مزدهرة من مجرد اقتصاد الوهم واستغلال الحاجيات النفسية والمادية للمُبَرْمَجين الضحايا الذين أوقعوهم في كوارث الهجرة السرية المجهضة وعمل ترويج المخدرات التي وقعوا في حبائل إدمانها، وعبيد يقدسون مصالح السادة ومن أجلهم ينخرطون بكل فعالية وحماسة في كل ما يحقق لهم تلك المصالح ويحفظها لهم وإن كانت عصابات المخدرات والدعارة الدولية وشبكات التطرف والإرهاب العابرة للقارات، مما يحير الأطباء والنفسانيين، ويسائل المربون والسياسيون؟؟
غير أن الذي يهمنا في هذه المقالة اليوم هي بعض الصور الفظيعة لأخطر برمجة عرفها ويعرفها التاريخ البشري ألا وهي مُبَرْمَجات الحرب العدوانية الشرسة والدائمة على غزة الشهيدة المجيدة، لا لشيء إلا أن قالت: “الله… غزة… عزة وبس” فالإسرائيليون الصهاينة الذين يشنون حروبا عدوانية على غزة وفلسطين، ولا يخرجون من حرب إلا ليدخلوا في حرب أخرى أعنف وأشرس، كأنه لا شيء في إسرائيل غير الحرب والحرب المدمرة والدائمة والشاملة، أليسوا مُبَرْمَجين؟؟
والداعمون لهذه المجازر الوحشية الهمجية من المنتظم الدولي وبمختلف أشكال الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي والإعلامي، فرجة وصمت وفيتو ودعاية…، منتظرين أن تسقط غزة فإذا هم يتساقطون وتبقى عزة وفلسطين وتتطور المقاومة والجهاد، تساقط “بكين” و”شمعون” و”شارون” و”أولمرت” و”باراك”، و”كولدا مائير” و”ليفني” و”راشيل” من الصهاينة، و”السادات” و”مبارك” و”القذافي” و”زينهم” و”غيرهم” من المطبعين معهم، أليسوا مجانين مُبَرْمَجين على الوهم؟؟
والمحميات العربية التي تدعم هذا الكيان اللقيط وتطبع مع صهيونيته المدمرة، وفي كل غارة وحين والكارثة أهول من الأهوال، تستلزم الحركة والأفعال بدل الكلمة والأقوال، ولكننا نكتفي نحن فقط بتنظيم المسيرات و رفع الشعارات وإرسال المساعدات وبعض الدعوات، المؤونة والدواء واللباس و الأفرشة ورفع الخيام في العراء و الأعلام في البيداء، ملحمة بزنطية عبثية سيزيفية نعيد فيها بناء ما تهدم من الديار، وزرع ما حرقه الإعصار، مبلغنا أن ندفن الشهداء من الموتى وننظف المدمر من الأحياء ونسعف المحطم من الأهالي و الأبناء، لمن؟؟، لهجوم جديد من الأعداء، أصفار أصفار… حصار حصار…،وقد صدق فينا قول القائلة: “ها غزة…ها العرب…ها علاش قدرهم الله”، مُبَرْمَجون ورب العزة؟؟
نفس العدوان والمظالم في محور الشر، ونفس المهانة والاستكانة في محور الخير، فلا الشر ينتهي أو حتى يضعف ولا الخير ينتفض أو حتى يقاوم، عقود وعقود ونحن لا نعد غير مزيد من التمزق والتشرذم والانشطار وكل ديمقراطيتنا جر أذيال الخيبة والقهر والفساد والاستبداد؟؟
أليست هذه أقصى درجات البرمجة؟؟ برمجة مجهولة اللغة والمبرمج ومفقودة الشفرة والرابط، ولكنها متعددة الحواسب والاستعمالات، لوحات وهواتف وشاشات، ولا “antivirus” يحمي منها ولا حتى الدخول إلى “Bios” ولا “Ram” ولا “Rom” قلب الحواسيب وأمعاؤها؟؟
نحن لسنا أنبياء حتى نشق بالمناشير وتسال منا الدماء وتمزق الأشلاء فنصبر ونهادن، نحن كالجميع مجرد بشر وبشر ضعيف نريد حقنا وحظنا من الحياة الحرة، لنا كرامة ستراق منا دونها الدماء وتمزق الأشلاء، فلا تبرمجوا الحياة ضدكم وضدنا، وإذا لم يكن من البرمجة بد فلتكن في الخير للجميع وبالجميع؛ وليعلم الجميع أن المقاومة هي من تسلح نفسها… من تحرر أرضها… من تبني وطنها وتربي شعبها… من تدافع عن غزة وغيرها، غزة وحدها الحية وغيرها من المحميات العربية الميتة، غزة وحدها الحرة وغيرها ممن فقد حريته وقراره المُسْتَعْمَر، بل ربما خارجية للنظام الدولي الجائر وجناح عسكري في جيش الصهاينة مرتزق، مُبَرْمَج لا يتحرك ولا يستكين إلا بقرار مبرمجيه ممن يملكون الشفرة (Code) والمفتاح (Key) والكراك (Crack) و” Bios” و”Dos” و”Astuce“، وليعلم الجميع أن غزة وحدها على طريق البرمجة الإيجابية، وإن كنتم على طريقهم فما أسرع اللحاق بهم، ولا برمجة إلا من برمج نفسه، ولا شر إلا من أغواه شيطانه ولا خير إلا من يوق شحه وفكر خارج المربع وعمل خارج الدائرة، فقط كما يقول الغزاويون الحكماء الأبطال: “راقبوا خواطركم فستصبح أفكاركم، وراقبوا أفكاركم فستصبح أفعالكم، وراقبوا أفعالكم فستصبح عاداتكم، وراقبوا عاداتكم فستصبح عباداتكم، وراقبوا عباداتكم فستصبح عقائدكم، ومن العقائد ما أنجى وما أهلك، ومن العقائد ما حرر وألزم وما قيد وبرمج، والله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع”، والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني”.