«داعش» تثير شهية التنويريين
هوية بريس – متابعة
الخميس 04 شتنبر 2014
بعد تعثر الربيع العربي، خفت صوت التنويريين الذين لطالما رفعوا أصواتهم بالمناداة بالديمقراطية ورفعها في وجه المناداة بتطبيق الشريعة، فلما جاءت الشعوب بأغلبيتها تريد التيار الإسلامي إذا بهم ينقلبون عليه من جديد على الرغم من أنه يمثل غالبية الشعوب وصارت المناداة بالديمقراطية أشبه بمزحة أو سخرية.
أصيب التنويريون بإحباط شديد بعد تحول الثورة السورية الى المناداة بتطبيق الإسلام.
وعندما ظهرت بوادر الغلو والتطرف لدى التيار الجهادي وخاصة لدى تنظيم الدولة الاسلامية، ترك التنويريون محور دعوتهم حول الديمقراطية (والذي كانوا يعتبرون كل حوار أو مناقشة في غيره يعد ضعفا في الوعي وإهدارا للوقت واستجابة لمخططات المستبدين، ومحور دعوتهم وإصلاحهم هو الحرية والديمقراطية) تركوا هذا المحور ليصفوا حسابات فكرية مع الدعوة السلفية التي يطلقون عليها «وهابية».
راح التنويريون ينبذون السلفية ويتهمونها بكل نقيصة، ويصفونها بأنها المسؤولة عن غلو تنظيم الدولة الاسلامية وتطرفه، وراحوا يقولون أن هذا الغلو هو امتداد لهذه الدعوة السلفية الوسطية المعتدلة القائمة على العلم والفقه والاتباع.
الحقيقة أن هدف هؤلاء التنويريين ليس نقد داعش أو الهجوم عليها -فداعش تهدم نفسها بنفسها-، لكن الهدف هو نقد عقيدة السلف ومنهجهم، وتمرير هذا النقد الظالم من خلال داعش.
هذه التهم الظالمة التي اتهم بها التنويريون الدعوة السلفية لا تمتلك برهنة علمية، بل غاية ما تعتمد عليه تعتمد على نقل بعض جمل من كلام للشيخ محمد بن عبد الوهاب في الحكم على بعض الأعراب الذين كانوا في نجد في زمانه ممن سادهم الجهل وانتشرت فيهم الخرافات والأباطيل.
الحقيقة أن المنكرين على الشيخ ابن عبد الوهاب حكمه على هؤلاء الأعراب لم يقدموا أي دليل علمي يكشف عن واقع هؤلاء يبين خطأ كلام الشيخ، فهم لا يعرفون هذه القرى النجدية، ولا عقائد أهلها زمن كلام الشيخ، ولا يعرفون الظروف الاجتماعية والحالة الواقعية والصفات الموضوعية لهم، كل ما في الأمر أنهم يبغضون الدعوة السلفية وأنهم ينبشون في التاريخ والمقولات وغيرها ليشغبوا على الدعوة بأساليب تفتقد المنهج العلمي الصحيح.
وقد بدأت حملات إعلامية واسعة تهاجم الدعوة السلفية المباركة باعتبارها أصل الفكر المتطرف، وقد وقفنا على كثير من الكتابات تصب في هذا الصدد.
ومن ذلك مقال يشبه الدعوة السلفية الإصلاحية بكفار قريش وهو مقال ينضح عنصرية وبغضاء لا تمت للعلم وأهله وسمته بنصيب ولا أثر وهي محاولة بائسة خائبة، ستصطدم بقوة ورسوخ واعتدال وعلمية الدعوة السلفية.
وإذا أراد الباحث الصادق في طلب الحق أن يعرف دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب فعليه بالاطلاع على كتبه وخاصة كتاب التوحيد وشروح أحفاده وعلماء الدعوة، وليبتعد عن «حرب النصوص» وهي بعض انتقاء نصوص مشكلة لأحد علماء الدعوة واعتبارها أصلا أصيلا ومعتبرا حقيقيا عن منهج دعوة الإمام المجدد.
وهذه النصوص المشكلة إما أن تكون أخطاء وقعت من أشخاص ليسوا علماء معتبرين، أو أنها تم إخراجها عن سياقها وظروفها الاجتماعية، أو عبارات مشكلة تفسرها نصوص أخرى، أو أخطاء وقعت من بعضهم وهي ليست من المنهج.
ولو أننا تتبعنا العلماء السابقين وخاصة من يثور حولهم الجدل لوجدنا للخصوم نصوصا ينقلونها، ولو أراد صاحب الهوى أن ينفذ من خلالها لاستطاع وهذا ما حصل مع الامام محمد بن عبدالوهاب ودعوته.
(مركز التأصيل للدراسات والبحوث).