د. عبد العلي الودغيري يتساءل: هل نحن في مُستعمَرة فرنسية؟
هوية بريس – د. عبد العلي الودغيري
ما يزال المواطنون المغاربة، بعد أكثر من ستين عاماً من الاستقلال، يتوصَّلون من بعض المصالح الإدارية الرسمية في الدولة، بمراسلات ووثائق مكتوبة كلّياً باللغة الأجنبية، في خَرْق سافر للدستور. وآخرُ الأمثلة الشاهدِة على ذلك، هذه الرسالة المصوَّرة التي توصَّل بها منذ أيام قليلة أحدُ المواطنين من مصلحة البريد في الرباط، وهذه الصورة الملتَقَطة يوم أمس للوحة علَّقتها شركة أشغال مكلَّفة بإصلاح شوارع الرباط على أحد أوراشها، وهي موجَّهة للمواطنين المغاربة تنصَحهم باتخاذ الاحتياطات اللازمة أثناء الأشغال، وكأنها تخاطب مواطنين في شارع من شوارع باريس لا في شارع بعاصمة المغرب.
ومع ذلك تصرُّ جهاتٌ إعلامية تموِّلها الدولة أو تُسهِم في تمويلها على السخرية من المغاربة واستِحمارهم، ومغالطتهم بطرح ذلك السؤال الإنكاري الماكِر في برنامج حواري بُثَّ قبل أيام قلائل، يقول: (هل اللغة العربية مُهدَّدة في المغرب حتى تحتاج إلى اقتراح قانون لحمايتها؟).
فما قولُ هذه الجهات في هذين النموذجين البسيطين الأخيرين من الإهانات التي لا حصر لها ولا عدَّ التي توجَّه صباح مساء وعبر مختلف الوسائل، إلى لغتهم الوطنية الرسمية؟ ما ذا يمكن أن يُهدِّدها أو يسيء إليها أكثرَ من هذا؟
ألا يرفع هؤلاء الناس بَصَرهم، وهم يزورون المجمّعات التجارية الراقية بمختلف المدن المغربية مثل (مورو كو مول) و(ميغا مول) و(كارفور)… أن الحرف الحرفي والأسماء العربية قد اختفت نهائيا -أو كادت- من واجهات متاجرها ومطاعمها ومحلاتها؟ وليس هذا في المجمّعات والأسواق البورجوازية فحسب، بل عليك أن تطوف بكل شوارع المدن والأزقة في أنحاء المغرب طولاً وعرضاً لترى ما نصيبُ العربية في واجهات المتاجر والمقاهي والمطاعم والشركات ولوحات الإشهار والإعلانات ، من الإهانة والازدراء والمسخ والتشويه؟
وهل نَسِيَت هذه القناة الفضائية التي تُنكِر -عبر سؤالها الماكِر الساخِر- عدم وجود تهديد للعربية، أو تناسَت أنها الاسم الأجنبي الذي تحمله (ميدي تيفي)، هو نفسُه اعتداءٌ على اللغة الرسمية للبلاد وإهانة لها، على غرار اسماء أخرى تحملها محطات إذاعية وقنوات فضائية مغربية مثل: (ميدي 1) و(دوزيم).. والقائمة طويلة. فما الداعي لكي تلجأ شبكات إعلامية موجَّهة لمواطنين لهم لغتُهم الرسمية (العربية والأمازيغية)، أن تسمي نفسَها بأسماء أجنبية؟
معاناةُ لغتنا في بلدها وعلى أرضها وبين أهلها وأبنائها، كثيرة متنوِّعة، ولن تكفي تدوينةٌ قصيرة، أو حتى عشرات المقالات التحليلية، لوصف حالتها المُزرية في مغرب يعتقد سكّانُه أنهم حصلوا على استقلالهم الكامل، وهم في واقع الحال ما زالوا رازِحين تحت أبشع أنواع الاحتلال، ألا وهو الاحتلالُ اللغوي والاستلاب الفكري والثقافي.
https://www.facebook.com/abdelali.oudrhiri/posts/1563800853702134
إلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله. للاسف الشديد كل شيء يؤكد أننا حقيقة مستعمرة فرنسبة، لا ولن نكون أحرارا مادمنا لا نصنع حوائجنا الأساسية بأيدينا