الشيخ ناصر الدين الألباني وعلمه وخدمته للحديث النبوي.. بقلم الشيخ عبد الله التليدي -رحمه الله-
هوية بريس – جمعه الطالب عبد الله الزكري
كثر الحديث عن الشيخ الألباني رحمه الله في الآونة الأخيرة بعد انتشار تسجيل مرئي للدكتور أحمد الريسوني، يقول فيه: “وقولنا صححه الألباني يفيد أنه ضعيف لأن كم من أمثال الألباني من المحدثين بالألوف وصححه الألباني أي على الأقل و أبعد تقدير صار حديثا مختلفا فيه“.
الدكتور أحمد الريسوني جاء كلامه في سياق الحديث عن حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية ومناقشة حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: “لإن يُطعن في رأس رجل بمخيط من حديد، خير من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له“، وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله، استغل هذا الحدث بعض المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي للانتقاص من قدر الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ومجهوداته في خدمة الحديث النبوي الشريف.
أحببت أن أقتبس للباحثين رأي الشيخ عبد الله التليدي من كتابه الأخير “نصب الموائد لذكر الفتاوى والنوادر والفوائد”1 في الشيخ الألباني رحمهما الله، لأن أغلب من يطعن في مجهودات الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله ينتمي لمدرسة الغماريين (الشيخ أحمد وعبد الله وعبد العزيز ومحمد رحمهم الله) في المغرب، وهذا الشيخ عبد الله التليدي رحمه الله امتداد لمدرسة الغماريين في طنجة وأحد روادها، تجده يعترف بمجهودات الشيخ الألباني رحمه الله في خدمة الحديث النبوي الشريف.
ومما أورده الشيخ التليدي في كتابه السالف الذكر فائدة بعنوان: “الشيخ ناصر الدين الألباني وعمله وخدمته للحديث النبوي“، قال بعد أن ذكر علماء أجلاء لهم مجهودات في خدمة الحديث “غير أن الذي امتاز عنهم جميعا بخدمة الحديث الشريف ودرس أسانيده وبيان صحيحه عن ضعيفه مع اطلاعه الواسع على كتب السنة بجميع أنواعها الشيخ ناصر الدين الألباني فهو بحق -وبيان الحق فضيلة – تفوق على الجميع بكثرة كتبه الحديثية التي اهتم فيها بالصناعة الحديثية والتصحيح والتضعيف مما يدل على اطلاعه الواسع ومعرفته بهذا العلم الشريف المعرفة التامة بلا محاباة، ومن أهم كتبه في ذلك وأنفعها للمختصين في هذا العلم السلسلة الصحيحة والضعيفة، إرواء الغليل بتخريج أحاديث منار السبيل، فإن فيها فوائد عزيزة وعلوم زاخرة تتعلق بهذا العلم الشريف”2، إن هذه الشهادة كافية شافية لكل عليل غير منصف لمجهودات الشيخ الألباني في خدمة الحديث الشريف، ثم ذكر الشيخ التليدي رحمه الله أن الشيخ الألباني له أخطاء في التصحيح والتضعيف والجرح والتعديل، ومع ذلك قال: نقول إن تلك الأوهام لا تضر لما قدم للمسلمين وأهل العلم من فوائد وكثرة ما كتب فإنه إذا كان قد حقق أكثر من عشرة آلاف حديث وأخطأ في العشر منها كان قليلا بالنسبة لباقيها ومن هذا الذي سلم أو يسلم من الخطأ والغلط وقد قالوا: كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه، فرحم الله الشيخ ناصر الألباني وكل من أسدى إلى الأمة خيرا…”3.
إن الشيخ التليدي رغم اختلافه مع الشيخ الألباني رحمهما الله في كثير من مسائل العقيدة كما ذكر الشيخ في فائدة عنون لها بـ”ساعتان مع الشيخ المحدث ناصر الدين لألباني رحمه الله”4، إلا أنه أثنى على الشيخ الألباني رحمه الله، ورفع قدره وسماه بالمحدث، وبين ما تميز به عن غيره، ودعا إلى رد كلام العلماء أقران الشيخ الألباني فيه، قال رحمه الله: “ثم جاء عصرنا عصر العجائب فحصلت فتن كثيرة بين علمائنا كالذي وقع بين… السيد المحدث عبد الله وبين هذا والشيخ المحدث ناصر الدين الألباني…”، ثم قال: “فكل ما حصل من هؤلاء هو من قبيل ما ذكرنا إما اجتهاد وتأويل وإما وقع حالة الغضب وعدم حبس النفس أو عن حسد وحقد ومرض نفسي وكل ذلك لا يقبل منهم على الإطلاق إلا بشهادة عادلة صادقة وخاصة فيما كان بين الأقران المتنافسين قال الذهبي في سير الأعلام في ترجمة الحافظ أبي جعفر مُطَيّي… وقد تكلم فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة وتكلم هو في أبي عثمان فلا يعتمد غالبا بكلام الأقران لا سيما إذا كان بينهما منافسة…”5.
إن قصدي من هذا المقال نشر رأي الشيخ عبد الله التليدي في الشيخ الألباني رحمهما الله كما أورده الشيخ في أخر كتاب نشر عنه قبل وفاته بسنتين أو أقل، فعلى من انبرى للطعن في أعمال الشيخ الألباني رحمه الله ومجهوداته في خدمة الحديث الشريف استحضار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ“6، فالشيخ الألباني رحمه الله وهب نفسه لخدمة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحق أن يقال فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين“7.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نشروه المجلس العلمي المحلي لطنجة سنة 2015م
2- الصفحة 196.
3- نفسه 197.
4- نفسه 76.
5- نفسه 118.
6- صحيح البخاري رقم الحديث:6502 .
7- رواه البيهقي وصححه الألباني في مشكاة المصابيح كتاب العلم الفصل الأول ج1 ص:53.
بارك الله في صاحب المقال وأجزل له المثوبة