في تدوينته التي نشرها أمس تحت عنوان “عصيد وكلاب گولميمة” تمنى د. أحمد ويحمان “ألا يركب عصيد أومن هم على شاكلته مجددا على ظاهر العنوان قبل إتمام قراءة المقال تماما مثلما تم الركوب على تهيؤات عصيد من كلامنا في ندوة حامي الدين”.
وعلق ويحمان على ما أعقب تدخله في الندوة الصحفية التي نظمها عبد العالي حامي الدين مؤخرا، بقوله “كانت المواقع الإعلامية المعلومة، تنشر الأخبار مقلوبة، كعادتها الجهرية بمنتهي الفجور وقلب الحقائق والتضليل.. وفي سياق هذه الجلبة، استرعى انتباهي المستوى الذي بلغه أحدهم، ممن يدعون الموضوعية فيما يكتبه ويصر على ادعاء الأمانة والمصداقية والتحري والدقة… وهلُم جرا من أعراف أكاديمية ومنهجية وأخلاق وضوابط البحث العلمي”.
وكشف ويحمان أنه لم يفاجأ بما كتبه عنه أحمد عصيد “من الأكاذيب، لأنها ليست المرة الأولى التي يكتب فيها بهذا الأسلوب وبمثل تلك الادعاءات والإشاعات عنا وعن غيرنا”، لكنه لم يخطر بباله أبدا أن “ذكاءه سيكون بالمحدودية المثيرة التي ظهر بها هذه المرة عندما ادعى ما ادعاه عنا حول قولنا في الندوة بشأن محاولته تدبير اغتيالنا (كذا !!!)”.
وأضاف على حائطه بالفيسبوك:
“كان السيد عصيد في غالب الأحوال ينطلق، عادة من مقدمات يصنعها صنعا، حتى وإن لم يكن لها أساس من الواقع ليصل به التحليل، في نهاية المطاف، إلى النتائج المحددة سلفا، حتى قبل بداية التفكير في الأسئلة الإشكالية التي يريد أن يقارب بها موضوعا من المواضع. لكن أن يبلغ الأمر به هذه المرة، في استغبائه للناس، القفز في الفراغ، مراهنا على وهمِه بأنه يمكن أن يخدعهم طول الوقت، ودون اعتبار الحضور الكمي، ولاسيما النوعي وعلى الأخص الحضور من أصدقائه الحداثيين والحقوقيين الذين ينطلي عليهم بالتدليس بشكل غريب وكأنه ساحر خبير من سحرة الخُدع النفسية!!”.
لقد ادعى السيد عصيد أنني قلت في الندوة، بحضور وزيرين في الحكومة وجمع كبير من الإعلاميين والاستعلاميين والحقوقيين، بأنني “اتهمته بالتحضير ومحاولة اغتيالي”.. (!!) وبعد هذه المقدمة، وعلى هذا الأساس بنى صرحا كاملا ل” أطروحة ” من التحليل النفسي لشخصي و شخصيتي لو قرأه المرحومان “جان بياجي” و”رشدي فكار” لبحثا عن عنوان آخر لمؤلفهما المشترك “الأشياء الصغيرة” (Les petites choses).
فتهيؤات مرضى “جان بياجي” و”رشدي فكار” التي كانت تسقطهم في “هيستيريا” حادة، قبل نقلهما على جناح السرعة، إلى مستعجلات العيادة السويسرية، هي نفسها تهيؤات وهلوسات السيد أحمد عصيد النابعة من حالة البارانويا عنده التي ما انفكت تكبر لديه منذ البدايات الأولى التي ظهرت عنده أعراضها عقب انزلاق بعض المناضلين المحترمين في مبادرة سخيفة غير محسوبة عندما جرهم من جرهم قبل سنوات قليلة إلى تشكيل ما سمي “لجنة شكري بلعيد لدعم عصيد” ضد تهيؤات بمحاولة اغتياله.. يا سلام (!!)
و ما الخطب؟ وما الخطر؟
لقد قال عصيد في إحدى ندواته بأن رسالة رسول المسلمين محمد (ص) أسلم تسلم هي رسالة إرهابية (!!).. وكان أن ناقشه إثنان من الفقهاء من ذوي التخصص بأسلوب محترم وبلباقة الباحثين الذين يحترمون أنفسهم. غير أنه بدل مواصلة النقاش حلت به البوادر الأولى للبارانويا فجاءته تهيؤات وسيطرت عليه وساوس إمكانية اغتياله، وهكذا أصبح يلتفت يمنة ويسرة وهو يمشي في الطريق، ظانا أنه متبوع بمن سيغتاله.. ثم صرخ صرخته المعلومة؛ وا شكري! وا بلعيداه!!
ثم ما لبث أن قام باستدعاء دم الشهيد التونسي المغدور شكري بلعيد وتقديمه قربانا للسيد عصيد.. حتى أن الأمر انطلى على المناضلين المفروض حذرهم..!!
والآن ليرجع بنا مرجعنا إلى عنوان هذه المقالة..
فما علاقة كِلاب گولميمة بعصيد، ثم ما علاقة هذا بطيف الرفيق الشهيد الأنوالي؟
يعود أصل القصة إلى الليلة الفاصلة بين يوم عرفة وعيد الأضحى لسنة 1981م الذي ألغيت فيه مراسيم الأضحية بأمر من الملك الراحل.
لقد استيقظ سكان كولميمة صباح يوم العيد الممنوع على مفاجئة قلبت أيام الفرح مأساة بالمنطقة.. حيث قام “مجهولون” بذبح وتعليق كلبين على البوابة الكبيرة لقصبة/قصر گولميمة وكُتِب تحتهما، بالصباغة الحمراء، عبارة موجهة للملك ودعوته لعدم التضحية، بما معناه -حسب ما تم تداوله وقتها- ضحي بكبشين أقرنين أملحين والشعب يضحي بكلبين أقرعين أعورين..(!!)
واستجابة لفضول السي عصيد حول معزى ربطنا بين اسمه و”كلاب گولميمة” في العنوان.. فإننا نُسهب في سرد واحدة من وقائع الزمن الأسود للتاريخ القريب لهذه البلاد..
فقد كان كاتب السطور قد نزل ضيفا على رفيقه علي شرويط المرغادي المشهور بلقب “القانون”.. سهرا الإثنان سهرة حتى ساعة منتصف الليل في الليلة المشؤومة المذكورة أعلاه، خرج إثرها من باب قصر كولميمة وقد هدأت الحركة في الخارج. كان القمر منيرا وكانت نيته التوجه إلى بلدته (إزيلف) بـ”الأطوسطوب” أو حتى راجلا كما كان يفضل أحايين كثيرة في هذا الجو الحالم والرومانسي . كان هو وبعض رفاقه تحت المراقبة ومتهمون مفترضون كلما حدث شيء ما تشتم فيه السياسة ما لم يظهر الفاعل الحقيقي.
لقد تتابعت الأحداث بسرعة منذ تم الوقوف على الكلبين المذبوحين والتعليق عليهما. تم اعتقال الرفاق موحى أوخجا (من قدماء 23 مارس) وعلي شرويط (حزب التقدم والاشتراكية) وموحى باودرة (متعاطف مع حزب التقدم والاشتراكية) فضلا عن خمسة وسبعين شابا على هامش عرس تم اعتقال كل من جاء لرقصة أحيدوس بحي أوعتمان. جاء رجال الدرك الملكي رفقة السلطة المحلية وشيخ تنجداد لاعتقالي بمنزل أختي فتمكنت من الإفلات بعد أن “خطفني” عمي الحسن وهرب بي عند المرحوم عمي الحسين بمدينة ميدلت.
عدت بعد يومين ودخلت متخفيا ليلا، من غابة النخيل، ومن الباب الخلفي (باب الملاح ف لعلو ن شكون) لأستقصي أحوال زوجة وأولاد الرفيق “القانون” وأووصل بعض المؤونة لهم من دقيق وزيت وسكر…الخ .
هناك علمت بمأساة الأنوالي وأمه وأخته التي جيء بها على أنها فارقت الحياة من جراء ما مورس عليها من تعذيب وشرع في تسخين الماء لتغسيلها في انتظار وصول الكفن وإحضار “الحنوط”.. غير أن امرأة، قبل البدء بتغسيلها انتبهت أن جهاز التنفس عاد للاشتغال من جديد وإن بشكل ضعيف جدا (…).
اخبرتني الأخت فاضمة هرو، حرم الرفيق “القانون”.. بأن المعتقلين يتعرضون لتعذيب شديد ولاسيما زوجها علي ورفيقنا موحى.. ثم أضافت بأن الرفيقين (لدى حديث مقتضب اختلسته معهما، بفضل تعاطف أحد رجال الدرك معها وتسهيل تواصلها الخاطف مع الرفيقين وهي تسلمهما الأكل) طلبا منها إبلاغي بضرورة مغادرتي للبلاد لأن مصيري سيكون، في حال التمكن من اعتقالي، أسوأ من وضعهما…
المهم أن المأساة طالت بالمناضلين وعائلاتهم نجم عنها رحيل أستاذ الفلسفة الرفيق موحى أوخجا، الذي تم اختطافه من قبل الدرك الملكي داخل القسم (حيث كان شقيقي عبد السلام تلكيذا عنده بمدينة بومالن دادس) جراء ما تعرض له من تعذيب وحشي بحسب ما جاء في المقرر التحكيمي لهيأة الإنصاف والمصالحة.
هذه هي بعض تفاصيل الحكاية. أما لُبّ القصة فهو أنه بعد وفاة الرفيق الأنوالي بسنوات، ستنكشف الحقيقة؛ حقيقة من ذبح الكلبين وكتب العبارتين..!!!
إنهم مخبرون ينتمون لحزب الحركة الشعبية وعلى رأسهم صديق حميم لباشا كولميمة الذي تم التحقيق معه بعد أن افتضح الأمر ولم يعد ممكنا التستر عليه.
انكشف الفاعل الحقيقي في ملف تلاعب فيه أشخاص مرتبطون ببعض الأجهزة المخزنية سنوات الرصاص للإيقاع بمناضلين شرفاء وطحنِهم تحت ماكينة سنوات الرصاص.. انكشف اللعب الخبيث، لكن بعد فوات الأوان ووفاة الرفيق الأنوالي رحمه الله..!!
هذا هو واحد من الدروس التي استفدناها بحكم تجربتنا المتواضعة.. وهو ما نخشاه أن يتكرر بعد دخول أجهزة أجنبية خاصة الصهيونية منها على خط الدسائس في بلدنا تحضيرا لتفجيره..
هذا ما خشيت عليك منه يا سيد عصيد فبرّأتُك حتى قبل أن يقع ما يمكن، لا قدر الله، أن يقع، بعد الحديث عن ملفات وفيات مُلغّزة يلفها الغموض.. غدا قد يصيب أحدنا مكروه مُدبر فيتم إلصاقه بالثاني.. و هكذا تندلع الفتن كما اندلعت في الجوار المُحترق..!!
لكن السي عصيد يأبى إلا أن يقلب الحقائق دون أن يرف له جفن من الخجل.
و على كل حال فحبل الكذب قصير والزمن كشاف والتاريخ لا يرحم أحدا..”اهـ.
يشار إلى أن الناشط العلماني أحمد عصيد لم لم يركز جيدا فيما قاله ويحمان خلال ندوة حامي الدين، وانساق وراء الأخبار المغرضة، هذا إن أحسنا به الظن، فهاجم رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، عبر تصريحات لمنابر إعلامية وتدوينة له على الفيسبوك، وركب الموجة واتهم ويحمان بالاضطراب النفسي والانحطاط والبؤس الفكري والتحالف مع “التيار الإخواني الفاشل” إلى غير ذلك من التهم الجاهزة التي بات يكررها في عدد من المحطات.
في 2012 مثل عصيد أمام القاضي التافوغالتي الرضواني بحضور النيابة العامة متمثلة في لغزيوي،وقد حاصراه بأسئلة دقيقة وكان عصيد لبقا في إجاباته معتدلا في كل إجاباته فلم يظهر عليه تطرف وعداء بل كان يبدوا رجلا عاديا متعايشا متسامحا كريما ضد الإنسداد والإستبداد والظلم،بعدها صار يلقي بخطابات غريبة مناقضة لما صرح به آنذاك،لابد محكمة قفص الإتهام تستدعيه مرة أخرى لطرح الأسئلة من جديد،نسأل لنا وله الهداية،والحمد لله أن ويحمان أفهمه حتى لايتفهمه غلط،وشكرا لواسطة الإعلام للتواصل والتفاهم.
في 2012 مثل عصيد أمام القاضي التافوغالتي الرضواني بحضور النيابة العامة متمثلة في لغزيوي،وقد حاصراه بأسئلة دقيقة وكان عصيد لبقا في إجاباته معتدلا في كل إجاباته فلم يظهر عليه تطرف وعداء بل كان يبدوا رجلا عاديا متعايشا متسامحا كريما ضد الإنسداد والإستبداد والظلم،بعدها صار يلقي بخطابات غريبة مناقضة لما صرح به آنذاك،لابد محكمة قفص الإتهام تستدعيه مرة أخرى لطرح الأسئلة من جديد،نسأل لنا وله الهداية،والحمد لله أن ويحمان أفهمه حتى لايتفهمه غلط،وشكرا لواسطة الإعلام للتواصل والتفاهم.