دة. صفية الودغيري: كن مع الكبار والأبرار
هوية بريس – دة. صفية الودغيري
إذا أوحت إليك نفسك الأمَّارة بالسُّوء بخواطر السُّوء، فلا تُصْغِ لعُجمة لغتها ولا تغتر بأساليب خداعها ومكرها، وإلا ستورثك الهزيمة والنَّدامة، وتصدُّك عن الصَّاحِب الأليف والسَّنَد المعين، وتصرفك عمن يشدُّ ساعدك، ويبعث همَّتك ونشاطك، وتطفئ في حنايا روحك فتيل الطُّموح، وتفصل شريانك عن شريان الحياة السًّعيدة.
وكُنْ مع الكبار والأبرار؛ كي تطمحَ إلى أن تكونَ كبيرًا وعظيمًا ونبيلاً، تتمثَّل أجمل قيمة يحمِلونها، ولا تكُنْ مع الصِّغار ولا شِرار الناس؛ فتظل خامِلًا لا شيء يغريكَ بالصُّعود إلى القمَّة..
وإذا حَلَّ ميقاتُ رحيلك، فاعْلَم أنَّ رحلة سفرك قد ابْتَدأت، فلا تُطِل المكوث عند محطَّات انتظارك الطَّويل، تُمنِّي نفسك بأحلام لن تتحقَّق.
واعلَمْ أنَّ حياتك لا تتوقَّف عند خطِّ الفراق والوداع، ولا الآمال والأحلام والرغبات والمطامح تتوقَّف عند محطَّات مَن يرحلون أو ينكثون العهود، بل حياتك تستمر ما شاء الله لها أن تستمر..
فلا تقف طويلا لتُلَوِّح بمناديل الوداع إلى أولئك الدُّعاة الكذبة، المداهنين في إظهار محبتهم، والمخادعين في إخلاصهم وصدق مودتهم، والعابرين على رُفاتِ الذَّاكرة؛ فهم لا يستحقُّون أن تُخلِّد وجودهم ولا تاريخهم المَنْسِي، أو تحنَّ إلى وداعهم وقد فصلوا شريانك عن شريانهم، واجتثُّوا جذورك من أرضهم منذ أمد بعيد..
وتَعلَّم أنْ تُواصِلَ طريقك وإن كنت فردًا بلا صاحِب ولا رَفيق؛ فطريق حياتك لا يَنْتهي عند محطَّاتِ أولئك الذين يَظهَرون عند الشُّروق، ثم يُودِّعونك عند الغُروب..
وكما قال مالك بن دينار: إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار، خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار.
وأنشد:
وصاحِبْ خيارَ الناس تنجُ مسلّماً***وصاحِبْ شرَارَ الناس يوماً فتندما