القحطاني “قائد الذباب”.. المنفذ الأمين لتوجيهات “سيده” (بروفايل)
هوية بريس – الأناضول
– سعود القحطاني، شهد صعودا سريعا في البلاط الملكي، وصار مقربا من ولي العهد محمد بن سلمان.
– أكاديمي بارز يراه مواليا بشدة، وخاشقجي اعتبره “بلطجيا”.
– أعفاه العاهل السعودي من منصبه بالديوان الملكي، ويخضع للتحقيق والمنع من السفر.
– تصدر قائمة العقوبات الأمريكية للمتورطين في مقتل خاشقجي.
– أدار عملية قتل خاشقجي وقال لمنفذيها “أحضروا لي رأس هذا الكلب”.
– لم يعلق على كل الاتهامات المتكررة بحقه، ويلوذ بالصمت.
– صاحب ألقاب عديدة منها “الدليم”
“تعتقد أني أقدح من رأسي دون توجيه؟ أنا موظف ومنفذ أمين لأوامر سيدي ولي العهد (محمد بن سلمان)”، عبارات غرد بها قبل نحو عام، من يتصدر قائمة العقوبات الأمريكية للأشخاص المتورطين في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الشهر الماضي.
إنه الأربعيني سعود القحطاني، في سنوات قصيرة عرف ممر الصعود سريعا في البلاط الملكي، ما قربه من خليفة العرش السعودي بقوة، وصار الناطق باسم المملكة، وفي مدة قصيرة أيضا لم تتجاوز الشهرين، عرف السقوط المروع.
وصار القحطاني الذي تصفه تقارير إعلامية بأنه كان “يقود جيوشا من الذباب الإلكتروني في مواجهة خصوم المملكة” مُقالا من منصبه الرفيع، وتحت التحقيق والمنع من السفر، وانتقل من كاتم أسرار ولي العهد، لأحد أدلة إطلاعه على جريمة القتل، وتحول اسمه من مروجي سياسات المملكة والمدافع عنها في منصات التواصل بشراسة، إلى صامت لا ينطق في وجه الاتهامات المتكررة.
للقحطاني ألقاب ومسميات كثيرة.. الإعلام القطري الذي تواجه بلاده بمقاطعة لا سيما سعودية قبل نحو عام، وبهجوم لاذع من القحطاني عبر منصات التواصل، يصف الأخير بلفظ خليجي اسمه “دليم”، وفيه تقليل من الشأن للغاية، فيما يصفه “خاشقجي” ذاته في مقابلة أوردتها مجلة نيوزويك الأمريكية عقب مقتله، بأنه “أهم رجل إعلام بالمملكة، ومعارضته تودي بالسجن”، وينعته بـ “البلطجي”.
كل ما سبق في مقابل إعلام سعودي طالما احتفى بالقحطاني وتصريحاته ودوره الوطني، ويذكر اسمه شاعرا بلقب “الضاري”، ويسرد له قصائد لا سيما في مدح ولي العهد.
الأناضول ترصد أبرز ما في سيرة المستشار السابق المقرب من ولي العهد، وفق ما تناقلته تقارير صحفية سعودية وغربية وعربية، والتي لم يعلق عليها القحطاني رغم تداولها، وذلك على النحو الآتي:
** صعود سريع مثير لتساؤلات
ليس من الأسرة المالكة، ولكنه صعد سريعا وسقط أيضا بوتيرة أسرع، هذا إيجاز لقصة القحطاني الممنوع من السفر، والذي ولد في 7 يونيو عام 1978 بالرياض.
حصل القحطاني على الثانوية العامة من معهد العاصمة، وبكالوريوس قانون من جامعة الملك سعود، وماجستير من جامعة نايف العربية تخصص عدالة جنائية.
كما حصل على دورة تأهيل الضباط الجامعيين في القوات الجوية، وعمل محاضر قانون في كلية الملك فيصل الجوية، ووصل إلى رتبة نقيب بها، وكذلك عرف بكتابته في صحف سعودية، قبل أن يتحول إلى ديوان ولي العهد.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أنه شغل من قبل منصب مستشار قانوني في مكتب ولي العهد عبد الله بن عبد العزيز عام 2003، وشغل منصب مدير عام مركز الرصد والتحليل الإعلامي في الديوان الملكي عام 2008.
كما عمل مديرا لدائرة الإعلام في سكرتارية ولي العهد، ومستشارا في مكتب رئيس الديوان الملكي ونائبه.
وانضم القحطاني إلى الديوان الملكي عام 2012، وعين في 2015 مستشارا للديوان الملكي الذي يسمح له بالقرب الشديد من دوائر الحكم، لا سيما ابن سلمان.
وفي 2017، تولى القحطاني أيضا مهام جديدة، كرئيس لاتحاد الأمن الإلكتروني والبرمجيات، ثم الإشراف العام على اللجنة العليا للاتحادات الرياضية القتالية في 2018.
** موال “يحارب” المعارضين
وفق تقرير لشبكة بي بي سي عربي في 22 أكتوبر الماضي، قال برنارد هيكل أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة برينستون والذي يعرف القحطاني منذ عام 2006، إنه “موال بشدة، ولو طلب منه أحد الأمراء تنفيذ شيء فسيحرص على التنفيذ”.
وكان يعرف خاشقجي جيدا وفق ما يقول الأخير، إذ كان القحطاني “المسؤول الإعلامي في الديوان الملكي في وقت الملك عبد الله، وكان صلة الوصل بين الديوان الملكي والإعلام في الوقت الذي كنت مسؤولا فيه، ثم أصبح أهم شخص في ما يتعلق بالإعلام في عهد ابن سلمان، وهو من يقود ويتحكم في آلة العلاقات العامة والإعلام السعودية”.
ويضيف خاشقجي في مقال له سابق، أن القحطاني كان لديه “صحفيون” على القائمة السوداء في المملكة، وكان معروفا بتخويفهم، وفي مقابلة نشرتها مجلة نيوزويك عقب مقتله، وصف خاشقجي القحطاني ومسؤولا سعوديا كبيرا آخر “بالبلطجية”.
وفي فبراير 2017، وصف تركي الروقي الكاتب السعودي، القحطاني، عبر مقال بحسابه الموثق بـ “تويتر”، بأنه “وزير الإعلام المتخفي، وأحيانا يمارس أدوارا أخرى من قبيل “مدير الاستخبارات”، مضيفا: “أعلم بأني لست الوحيد الذي تضرر من تصرفاته، ولن أكون الأخير، وأعلم بأن المؤيدين كثر، منهم مسؤولون ورجال إعلام وأدب ودعوة ومفكرون ومغردون”.
وكذلك ارتبط اسمه بالأزمة الخليجية مع قطر، بأنه قائد جيش “الذباب الإلكتروني” لمهاجمة خصوم المملكة، وكان حسابه في “تويتر” الذي يمتلك 1.3 مليون متابع منصة لهجوم شديد ضد الدوحة ومعارضي السعودية، وفق ما ذكرته تقارير إعلامية، لا سيما قطرية.
حتى شهدت منصات تواصل إطلاق اسم “دليم” عليه، لا سيما من القطريين، وهو لقب يطلق في الخليج على الخادم الذي يقوم بالأعمال التي يأنف منها السيد، مثل شتم الآخرين، وتشويه سمعتهم.
وبخلاف المواجهة الإعلامية، وكونه منفذا مواليا بشدة، كان يقود فيما يبدو حملات لمخاطبة المعارضين السعوديين بالخارج، وفق ما كشفت عنه صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في 12 أكتوبر الماضي.
وقالت الصحيفة وفق ما نقلته وسائل إعلام، إن القحطاني تواصل مع خاشقجي ودعاه للعودة الآمنة إلى السعودية من منفاه الاختياري الذي ينتقد منه سياسات ولي العهد، وأخبر خاشقجي أصدقاءه أنه لا يثق بالعرض ولا بالمسؤول الذي عرضه عليه، أي القطحاني.
** سقوط مروع
بقدر الصعود السريع، كان السقوط أشد، ومنذ 20 أكتوبر الماضي وإعلان المملكة مقتل خاشقجي، والاتهامات لا تتوقف بحق القحطاني، وكذلك صمته.
فيومها، أعفى العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز مسؤولين بارزين من مناصبهم، بينهم القحطاني.
ولم يمض يومان إلا وتناقلت وسائل إعلام عربية مصادر رفيعة المستوى تحدثت لوكالة رويترز للأنباء، أن القحطاني “هو من أدار عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي من خلال اتصال عبر سكايب”.
وأوضحت المصادر ذاتها أن “القحطاني كان على اطلاع بما يجري مع خاشقجي من خلال اتصال عبر سكايب، وبدأ بتوجيه الإهانات له خلال الاتصال”.
ورد خاشقجي على “إهانات” القحطاني، فأمر الأخير بانفعال “المجموعة الأمنية السعودية بالتخلص منه، وقال لهم: “أحضروا لي رأس هذا الكلب”، وفق المصادر ذاتها.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من حديث المصادر، فحديث الأخيرة صار أقرب إلى الحقيقة مع إعلان النيابة العامة السعودية تفاصيل نتائج التحقيقات، الخميس، وذكرت أن القحطاني المقرب من ولي العهد صار ممنوعا من السفر، ويحقق معه، دون تفاصيل توضح ما رشح عن تورطه الأكيد في جريمة القتل.
وبحسب بيان النيابة، فإنه “في سبتمبر الماضي، صدر أمر باستعادة خاشقجي بالإقناع وإن لم يقتنع يعاد بالقوة، وأن الآمر بذلك هو نائب رئيس الاستخبارات العامة السابق (أحمد عسيري) الذي أصدر أمره إلى قائد المهمة (لم يذكره)”.
وقام نائب العسيري بالتواصل مع المستشار السابق (القحطاني) لطلب من سيكلف بترؤس مجموعة التفاوض، فوافق المستشار على ذلك، وطلب الاجتماع مع قائد المهمة.
ووفق البيان، التقى المستشار المذكور قائد المهمة وفريق التفاوض ليطلعهم على بعض المعلومات المفيدة للمهمة بحكم تخصصه الإعلامي، واعتقاده أن المجني عليه تلقفته منظمات ودول ومعادية للمملكة، وأن وجوده في الخارج يشكل خطرا على أمن الوطن، وحث الفريق على إقناعه بالرجوع، وأن ذلك يمثل نجاحا كبيرا للمهمة. ولم يتطرق البيان إلى قول القحطاني الذي وثقته التسجيلات: “أحضروا لي رأس هذا الكلب”، وهو بمثابة أمر صريح بقتل خاشقجي.
ورغم إقرار النيابة بمنع القحطاني المقرب من ولي العهد من السفر، والتحقيق معه، إلا أنها قالت إن ابن سلمان “لم يكن له أي علم عن المهمة”، وهو قول يثير كثيرا من الشكوك حول مصداقيته، بالنظر إلى تأكيد القحطاني دوما أنه “المنفذ الأمين” لتوجيهات “سيده ولي العهد”.
وحديث المصادر القريب من الإعلان الرسمي الأول، غير واضح مستقبله بعد، يتزامن مع ما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الجمعة، عن مطلعين أشاروا إلى أن CIA استمعت لتسجيلات بشأن واقعة القتل تسلمتها من نظيرتها التركية، وتظهر حديث الحضور بشأن كيفية التخليص من جثة خاشقجي ومحو أي دليل، وتبليغ المستشار السابق بالديوان الملكي سعود القحطاني باكتمال العملية.
وتقول CIA إنها توصلت إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمر باغتيال الصحفي جمال خاشقجي في مدينة إسطنبول التركية الشهر الماضي.
كما أدرجته الإدارة الأمريكية الخميس على رأس قائمة شخصيات سعودية ستخضع لعقوبات، ما يؤكد دوره الأساسي في جريمة قتل خاشقجي البشعة.
ومع كل هذه التطورات يبقى السؤال: هل سينال القحطاني جزاءه على فعلته؟ لا شك أنه بعيدا عن التحقيقات والأدلة ومحاولة بعض الجهات إخفاء الحقائق، فإن الدعوات التي تنهال على القحطاني وشركائه في هذه الفعلة الشنعاء ستفتح لها يوما أبواب السماء لتقتص من الظالمين. ويبدو أن قائمة الظالمين لن تقتصر على القحطاني ومن في مستواه، بل ربما ستشمل “سيده” أيضا.
إن الله لا يحب الظالمين .