ردا على عصيد د. محمد بورباب يكتب: “ملخص عن الإعجاز في القرآن والسنة”
هوية بريس – عبد الله المصمودي
ردا على العلماني المتطرف أحمد عصيد الذي وصف في رده على الدكتور عمر عبد الكافي “الإعجاز العلمي في القرآن الكريم” بـ”الخرافة والدجل”، نشر د. محمد بورباب على جدار حسابه في فيسبوك هذا المقال، الذي عنونه بـ”ملخص عن الإعجاز في القرآن والسنة”.
وهذا نصه المقال كاملا:
محاور علوم القرآن والسنة متعددة، وعلى عكس ما حدث مع الكنيسة حين تقدمت الاكتشافات العلمية من افتراق بين العلم والدين، فقد سبق القرآن الكريم العلوم الحديثة في الحديث عن العديد من المحاور العلمية الدقيقة, بل لقد تبين أن القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة قاما على امتداد التاريخ بإزالة الفكر الخرافي من تصور الناس وزودا البشرية بمعلومات ضرورية عن الكون والحياة, وكمثال لا للحصر نسوق بعض المواضيع العلمية التي تناولها القرآن والسنة والتي تناولناها في هذا الكتاب وهي دالة على أن هذا القرآن ما كان إلا وحيا أنزله الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
• السبق القرآني في علم الأجنة:
حتى أواخر القرن 19 كان علماء الغرب يتصورون أن الجنين يخلق مكتملا إما في الحيوان المنوي للرجل فقط أو في الخلية البيضية للمرأة فقط.. وقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث في كون الجنين يخلق أطوارا وليس قطعة واحدة كما تصور علماء الغرب حتى أواخر القرن 19 ، في كون مصدر الجنين من ذكر وأنثى، وفي تحديد مراحل خلق الجنين بوصف أدق مما هو عليه في الكتب العلمية المختصة(نطفة، علقة، عظام، لحم، خلقة أخيرة، وفي كونه يصبح مهيأ للحياة خارج الرحم بعد تمام الشهر 6..وغيرها من المواضيع.
…المراحل في قالبها التسلسلي الزمني الغير قابل للإختزال، قال تعالى: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).. علما بأن الآية استعملت حرف الثاء للتراخي الزمني وحرف الفاء للمرور الفوري
• في علوم الفضاء:
يعلمنا القرآن الكريم منهج الواقعية، فقد تكلم بالتفاصيل عما يحيط بالأرض ويرتبط بحياتهم اليومية، وتكلم عن الكون في شموليته، فأخبرنا بأن للكون بداية، وبأن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس..وبأن الكون كان في أصله كتلة واحدة ثم انفتق ولا يزال يتوسع ويتمدد، وأن أصل الحديد المتواجد في الأرض من الفضاء الخارجي..وبأن النجوم تولد من الدخان الكوني، وهي كلها تسبح في مدارات سقف محفوظ، وبأنها ذات الرجع (ترجع إلى الفضاء الخارجي كل ما هو ضار بالإنسان والأحياء من أشعة وحجارة وغيرها).. وبأن للكون نهاية، وبأن انفجار النجوم يعطي الشكل الوردي في الفضاء..وبوجود النجم الثاقب أو النجوم النترونية ومكانس السماء أو الثقوب السوداء.. وبأن طواف الكعبة يقابله طواف في الكون كله والطواف ظاهرة مشتركة بين كل العناصر الكونية، وبكون البنية الخلوية الموحدة في الكون ..والخضوع بالطواف المشترك بين جميع مكونات الكون- دليل الخالق الواحد.. وهذا ما أسميه الواقعية في الطرح العلمي وعدم الابتعاد الى أكوان إفتراضية لا دليل لدينا عليها…ومواضيع أخرى.وأفلاك، وبأن الشمس تجري لمستقر لها، وبأن الأرض تجري وليست ثابتة، وبأن الشمس والقمر بحسبان (يخضعان لحساب دقيق)، وبأن السماء وأنت جالس أو في أعمالك الخاصة في كوكب الأرض، تدور الشمس حول مركز درب التبانة بسرعة 850،000 كم / ساعة مصداقا لقوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) س ياسين، والشمس تجري وهي تجر معها الأرض وكل كواكب المجموعة الشمسية..
أضف إلى ذلك سرعة دوران الأرض حول نفسها 1670 كيلو متر في الساعة، وأضف إلى ذلك سرعة دوران الأرض حول الشمس 108,000 كيلو متر في الساعة، مصداقا لقوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، وسرعة دوران مجرة درب التبانة في الفضاء التي تصل 2 مليون كم / ساعة… أفلا تذكر الله؟
قال الله تعالى: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾ (الرحمن:5).
لو ابتعدت الشمس عن الأرض لتجمد كلّ شيء عليها، ولو اقتربت منها لتبخّرت البحار، واستحال عيش الأحياء عليها ولكن الله جعلها تجري في نظام عجيب كفل به عدم حصول أي تغيير يؤدي إلى خلل في مهمتها.
ولو اقترب القمر أكثر ممّا هو عليه الآن; لاندفعت مياه البحار (المَدُّ) متأثرة بجاذبية القمر، بقوة هائلة تزيح الجبال، وتغرق الأرض. لذا يوضح القرآن أن حركة الشمس والقمر؛ وقربهما وبعدهما من الأرض، إنّما يجريان وفق حساب علمي دقيق، وبعلم الخالق العظيم، لا تستطيع الصدف ولا الطبيعة الصماء ولا مجادلات الملحدين تقديرها بهذا الشكل..
الصبغة الخضراء المعروفة بالكلوروفيل، التنبيه لأهمية آثار تعاقب ظلام الليل والنهار على الكائنات الحية، النباتات والحيوانات مخلوقات ذكية تسبح بحمد ربها.. ومواضيع أخرى.
• في علوم البيئة: كل ما في الأرض يخدم الإنسان، اهتزاز التربة وربوها وإنباتها بعد سقوط المطر، تشكل السحب الركامية، الرياح لواقح للمطر، وبكون فساد البيئة ناتج عن الإفساد البشري للبر والبحر.. ومواضيع أخرى.
• في علم ظهور الحياة: قرر القران الكريم أن دراسة بداية الحياة يتطلب السير في الأرض، وأن الأنواع الرئيسية ظهرت بشكل فجائي بدون أي تطور ودون أية حلقات وسطية، وأن الله مهد الأرض لتستقبل الإنسان، ونبه لدورات الحياة ، التأكيد القرآني على بدء الخلق ثم إعادته، وأن الإنسان لم يظهر في الأرض إلا حديثا.. ومواضيع أخرى.
• في علوم الجيولوجيا: أصل ماء الأرض من باطنها، أصل حديد الأرض من الفضاء الخارجي، وأن الأرض قد تشكلت بمكونات فضائية، الصفائح التكتونية، امتداد الأرض، تناقص أطراف الأرض، الشكل والوظيفة الوتدية للجبال، مواد الصهارة مواد أثقل من مواد القشرة الأرضية، كل الجبال تتشكل بفعل الإلقاء، الأرض ذات الصدع.. الروابط القرآنية بين مد الأرض وخروج المادة الثقيلة، الجبال المتحركة ومواضيع أخرى.
• في علوم البحار: نبه القرآن الكريم لوجود ظلمات البحار أو الظلمات المتعددة في أعماق البحار السحيقة والأمواج التي تغشاها، أمواج البحار اللجية، الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، الحواجز المائية في البحار والمحيطات وبينها وبين الوديان..
• علوم الغلاف الجوي: السماء ذات الرجع، السماء سقف محفوظ، لا يوجد إلا الظلام خارج الغلاف الجوي.. ومواضيع أخرى.
ويحتوي القرآن الكريم على أوجه كثيرة أخرى للإعجاز نذكر منها:
• الإعجاز الاقتصادي: عودة البشرية إلى تطبيقات اقتصادية إسلامية (البنوك الاسلامية نموذجا) وانتشار دراسة الاقتصاد الاسلامي في أكبر الجامعات الدولية وفي القارات الخمس، بعد انهيار كل من الشيوعية وظهور معالم لانهيار الرأسمالية المتوحشة.. ومواضيع أخرى.
• الإعجاز التشريعي: أثبتت الدراسات الحديثة بأن التشريعات الإسلامية في ميدان الأسرة كنموذج مرتبطة بظواهر فيزيولوجية وظيفية عند الرجل والمرأة لم يتم اكتشافها إلا حديثا (مثل تحديد عدة المطلقة في 3 قروء).. ومواضيع أخرى.
• الاعجاز التاريخي: إخبار القرآن بحياة أقوام وحضارات وأسماء لم تخبر بها الكتب السماوية السابقة، وكشف عنها علماء الحفريات حديثا (نموذج إسلام الدكتور الفرنسي موريس بوكاي).
• الإعجاز الغيبي: إخبار القرآن والسنة بأحداث غيبية حدثت في زمن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخرى لم تحصل إلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
في حين تبقى مواضيع أخرى يعجز عقلنا الآن عن إدراكها وستفهمها الأجيال القادمة، علما بأن البشرية اليوم ورغم كل التقدم العلمي لم تتوصل لمعرفة إلا أقل من 1 في المائة من مكونات الكون، ولم تتعرف إلا على أقل من واحد في المائة من الجراثيم التي تعيش في الأرض.
ومن الطريف أنه رغم هذا الكم الكبير من البراهين فإنك تجد دائما من يشكك في الموضوع، وأنا أقول بأن المسألة لا تحتمل إلا أمران: الخطأ أو الصواب، فعندما أتكلم عن الوصف المجهري لمراحل خلق الجنين أو توسع الكون أو جريان الشمس أو غيرها من المواضيع فإما أن القرآن ذكرها وسجل سبقه التاريخي فيها قبل العلوم الحديثة واضحة وبدون تأويل للنص أو أنه لم يذكرها.. فالشمس تجري أو لا تجري والسماء تتوسع أو لا تتوسع وهكذا..
فمما لا شك فيه أن العرب قبل الإسلام وفي صدر الإسلام لم تكن لهم معرفة علمية جازمة بالعلوم الكونية، فقد كانوا أمة أميين، ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُم) [س الجمعة: من الآية2]، لا يكتبون ولا يحسبون ومن شدا منهم شيئًا من ذلك فإنما كان يعرف مبادئا أو قشورا، عرفها بالملاحظة والتتبع، أو بالسماع والخبر، ولم تبن معارفهم على ملاحظات مجهرية ولا على قواعد رياضية، ولا على براهين قطعية.