مركز يقين ينظم أمسية احتفاء باللغة العربية
هوية بريس – مركز يقين
شارك مركز يقين في إحياء اليوم العالمي للغة العربية في طاولة مستديرة وفضاء شبابي مفتوح بمشاركة ثلة من الأساتذة و الدكاترة والباحثين من مختلف المجالات والميادين، وقد عرف اللقاء طرحا مختلفا لواقع اللغة العربية بمشاكلها، وأزماتها، وتحدياته، فأثيرت بعض الحلول المعالجة لبعض الإشكاليات عند المتدخلين، وكان أول المتدخلين في هذا اللقاء الذي سيره الباحث محمد أمين خلال الدكتور المهندس البشير عصام المراكشي والذي تحدث عن إشكالية التضاعف الهائل للمصطلحات التي تنتجها الحضارة الغربية في مقابل أزمة تعريب هذه المصطلحات في المجامع اللغوية، حيث لا يجدون المقابل اللغوي لهذه الكلمات فيستعملون مصطلحات أوروبية من قبيل: إبستيمولوجيا عوض نظرية المعرفة، وبيولوجيا مقابل علم الأحياء، وهلم جرا..على عكس هذا في التاريخ الإسلامي كانوا يأتون بهذه المصطلحات الأجنبية فيخضعونها لقواعد اللغة العربية.
ثم بعده تناول الكلمة الأستاذ حماد القباج الذي تطرق لخصائص اللغة العربية وأوضح أن أبرز خصائصها اختيار الله لها لتكون لغة لكلامه وهذا يحيلنا إلى أن الحمولة الاصلاحية لهذا الكتاب باللغة العربية من كونه يهدي للتي هي أحسن، للتي هي أقوم، ويجيب على التساءلات الكبرى باللغة العربية، وثاني سبب أنها لغة آخر الانبياء وهذا يحيلنا إلى أن ارتباطنا بهذه اللغة ليس أمرا هامشيا، أما الثالث: كون اللغة العربية أسهمت بشكل عميق وكبير في تطوير المعرفة الإنسانية وتنميتها. ولها الفضل الكبير على المدنية الغربية و مخرجات التقدم التقني الكبير الذي نعيشه اليوم، فقد أسهم العرب في بناء الحضارة الإنسانية سواء من ناحية العلوم الإنسانية أو العلوم التجريبية. وابن رشد أحد النماذج في التاريخ الإسلامي وهو العالم الذي استندت إليه النهضة الأوروبية، فهو الذي ألهمهم في مسألة إصلاح العلاقة بين الكنيسة والعلم بعدما اتخذت الكنيسة العلم عدوا لها. ثم ختم بالقول أنه لا ينبغي أن تضيع هويتنا وتضيع شخصيتنا ونذوب ونفقد خصوصياتنا.
وبعده الأستاذ بلال التليدي الذي ألمح إلى الجانب السياسي في مسألة اللغة ونشرها، وأنها مسألة سياسية، اقتصادية من الدرجة الأولى، متحدثا عن المراكز الفرنسية والألمانية التي تربط هذا بما يوصل الزبون بمنتجات الغرب الاقتصادية، الثقافية، والفكيرية، فهناك دول تنشر لغتها بأموال طائلة كفرنسا التي أنشأت مؤسسة الفرنكوفونية الممولة سياسيا، لكن مع ذلك الفرنسية تراجعات ومستقبلها مطل على المجهول، كما أن اللغة الإنجليزية الآن تشكوا من تمدد لغتين : الإسبانية والعربية. إلا أنه لا يخفى على الجميع أن هنالك سياسة عزل وحصار للغة العربية حتى لاتتحول إلى لغة الإدارة والإعلام. و أشار ختاما أن مستقبل اللغة العربية يمكن أن يختزل في ثلاثة مؤشرات: في كون الطلب على اللغة العربية سيزداد، وتحرك الغرب وتدخله في هذه العملية وهذا بدأ من الآن فالكثير من القنوات الغربية لها قنوات أخرى ناطقة بالعربية، وأخيرا من يزور أوروبا سيرى أنهم يدرسون اللغة العربية على نحو يفصلونها عن القرآن الكريم في محاولة لعلمنتها، مع أن علاقة العربية بالقرآن هي علاقة وجودية قيمتها في كون القرآن نزل بها.
ثم تسلم اللاقط بعده الدكتور أيمن بوبوح وهو طبيب أخصائي في الجراحة فبدأ حديثه حول أصوله الأمازيغية انا امازيغي ومع ذلك يدافع عن العربية لغة القرآن وهي التي يكتب بها ويدون بها على مواقع التواصل الاجتماعي مع أن تنشئته منذ الطفولة كانت في مدارس فرنسية كانت تمرر فيها رسائل من طرفي خفي من قبيل أن اللغة العربية لغة تخلف والانجليزية لغة تقدم، وهذا تشربه المجتمع من حيث لايدري حيث يربط دائما في قفشاته ومزحاته بين العربية وبين لغة قريش المغرقة في القدم والغير المواكبة للتطور.
ثم تسلمت اللاقط طبيبة الأسنان الدكتورة حسناء الكتاني: وهي تلتقي مع الدكتور عصام البشير في نفس ما تفضل به في مداخلته في مسألة إخضاع المصطلحات الأجنبية للقواعد العربية وليس العكس، وتحدثت أيضا عن تجربتها مع اللغة العربية، فتحدثت عن دراستها للغة الإنجليزية وأنها تعلمتها في سن مبكرة نظرا لكونها درست في أمريكا وأيضا كونها لغة يتحدثون بها حتى في البيت، ومع كون التحدث باللغة الانجليزية أمر بدهي لديها إلا أن أثناء فترة طلب العلم بكلية الطب أدركت أن للغة معنى حسي مادي ييسر لمن كانت تلك اللغة لغته الأم أن يدرك ويفهم الأمور على النحو الذي ينبغي أن تفهم عليه، فالكم الهائل للمعلومات بالفرنسية في الطب يحفظها الطلبة بدون فهم معناها وهذا بسبب الحاجز الغوي، وهذا عائق كبير وجب التبه إليه،
ثم بعد كلمة الدكتورة تسلم اللاقط الأستاذ ابراهيم الطالب : فتحدث عن ضرورة استكمال المطالب التي يستدعيها النهوض اللغوي، ومن تم النهوض الحضاري المرتقب لهذه الأمة، وتحدث أيضا عن المخاطر الثقافية التي غرسها الاستعمار في الأمة الإسلامية والذي نجح في جعل البعض يذوب في هذه الثقافة ويتخلى عن الشخصية العربية وكذا ضياع الهوية.
وفي مداخلة الدكتور اسماعيل بنزكريا تحدث عن الدافع وراء تعلم اللغات فقال: ما يجذبنا إلى تعلم لغة ما هو تقدمها الحضاري ولذلك أيضا كما نجد مصطلحات تم تعريبها إلى العربية نجد أيضا كثيرا من المصطلحات الغربية أصلها من اللغة العربية مثل كلمة القمرة التي تستعمل الآن اسما لآلة التصوير، علماء المسلمين لما فهمو القران والسنة مروا للفلسفة والعلوم الإنسانية فأنتجوا حضارة عظيمة.
ثم تحدث عن أنه لا يمكن الفصل بين اللغة العربية و الرسالة التي حملنا تبليغها، فمثلا اللغات الأجنبية لم تعد تستطيع حمل المعاني الروحانية بعد أن علمنت، وهذه ميزة عند العربية لذلك تجد أن الكتب الأكثر مبيعا في الغرب كتب جلال الدين الرومي وغيرها من الكتب الروحانية. لذلك لابد من أن تحمل اللغة قيما أخلاقية لتنتشر وخصوصا بين يدي الاطفال وعلى سبيل المثال: عبد الله المسيري الذي حاول الإجابة عن أسئلة الإنسان الوجودية عن طريق قصص اطفال.
وفي نهاية اللقاء تسلم اللاقط الباحث سامي فسيح فتحدث عن عالمية الإسلام التي صدح بها القرآن الكريم منذ البدايات الوحي أي في الجانب المكي منه، ومع عالميته إلا أنه أنزل بلسان عربي مبين، ثم تحدث عن كون اللغة العربية الوعاء الذي اختير لحمل المعاني الإلهية العظيمة ليس عبثيا، ذلك أنها تتمتع بمؤهلات منها الثراء الهائل في المصطلحات مما يجعلها من أفضل اللغات تعبيرا عن المعاني الإلهية، والمسائل الذهنية، والأحاسيس، والعلوم أيضا، سواء منها الإنسانية أو التجريبية، فالكثير من العلوم تطورت ونشأت عند المسلمين، يتحدث بن خلدون في مقدمة كتابه : ”ديوان المبتدئ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر” عن تطور علم الرياضيات، وأنه علم تطور عند العرب مع الخوارزمي لما كان مشتغل بايات المواريث في صورة النساء فأدى ذلك الى تعمقه في علم الرياضيات.
فالتاريخ يشهد أن اللغة العربية لم تكن عائقا للحضارة الاسلامية في العصور الذهبية أبدا ولكن الأمم من تتخلف وليس للغة دخل بتخلفها، وإنما تكون علو منزلة اللغة بعلو منزلة الناطقين بها.
هذا وقد ختتمت الجلسة بكلمة للأستاذ جلال أعويطا ”مدير مركز يقين للدراسات والأبحاث” الذي أعرب فيها عن سعادته بهذا اللقاء المبارك الذي جمع هذه الثلة المباركة من الأساتذة والباحثين، وشكر الحضور الكريم على حسن تتبعهم ومداخلاتهم التي أثرت المجلس، وأوضح أن عقد مثل هذه الجلسات الفكرية هو امتداد لولوج ساحة التطبيق لمعالجة هذه الإشكالات والخروج بحلول لها، لعل الله سبحانه وتعالى يتقبلنا في الذين استعملهم في خدمة دينه.