دولتان عميقتان تتصارعان بعد رحيل بوتفليقة
في الجزائر دولتان عميقتان في مواجهة، وهذا أمر غير مسبوق في التاريخ السياسي للبلاد، رغم وجود خلافات دائمة وإن لم تبد علنا بالطريقة التي ظهرت بها في الأيام الأخيرة.
بهذه الجملة لخص إبراهيم تازغارت لموقع “كل شيء عن الجزائر” الوضع بعد إعلان استقالة الرئيس بوتفليقة، وقال إنه من المحتمل أن “دولة دائرة الاستعلام والأمن (المخابرات)” الطامحة للاستيلاء على قلعة المرادية (مقر الرئاسة) قامت -في تحالف مع مقربي الرئيس- بتسريع الأحداث، وبالتالي رحيل بوتفليقة.
وقال الكاتب إن معركة شرسة دارت في رأس الدولة، تجلت في بيان قيادة الأركان الذي ندد بالتعاملات المشبوهة، وبيان لقائد المخابرات السابق محمد مدين المدعو توفيق، وبيان آخر للرئيس السابق اليمين زروال.
وقد حدث ضغط رهيب وشد في اللعبة السياسية الساعات الأخيرة -يقول الكاتب- بسبب استخدام مزعزع قد تكون السلطة الرئاسية مارسته ضد المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى تعيين حكومة مؤلفة من أشخاص لا تربطهم صلات بالمجتمع مما يعد سببا موضوعيا لتفاقم الأزمة.
ومع ذلك -يقول الموقع- يجب ألا ننسى أن رحيل رئيس الدولة قبل انتهاء ولايته كان شرطا لا غنى عنه للانتقال السلس والمنظم للسلطة.
والآن تحقق مطلب الشعب برؤية بوتفليقة يغادر السلطة، وذلك -يقول الكاتب- انتصار للحركة من أجل التغيير، ولكنه من المهم أيضا تذكر أن الرئيس لم يعاند طويلا حتى يطرده الجيش أو يكنسه الشعب، بل خرج بسلام، لتبقى صورة الجزائر كما هي نقية على المستوى الدولي.
يحمل المخاطر
غير أن النصر الذي يمكن أن يحمل معه المخاطر -حسب الكاتب- هو فشل تلك المطالب والدعوات لحدوث تغيير جذري للنظام، لأن الحفاظ على عبد القادر بن صالح على رأس مجلس الأمة ومحمد بدوي وفريقه بالحكومة لا يزيل المخاوف ولا يبعث على الاطمئنان لأن تنظيم العودة إلى الشرعية الشعبية من قبل نفس شخصيات النظام أمر غير مقبول، والشعب لم يحتشد لإعادة مفاتيح الجمهورية إلى نفس النظام.
ومن ناحية أخرى، يرى الكاتب أن الجيش الوطني الجزائري -وفقا للدستور- هو الضامن للشرعية الشعبية والدستورية، ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يسمع وقع الأحذية في شوارع الجزائر وفي أماكن أخرى وكأننا أمام فاتحين.
ويجب أن يظل الشبان -الذين يقفون وراء رئيس أركان الجيش قايد صالح ممن تدربوا في أفضل مدارس العالم- يستمعون إلى الشعب ويساندون الحركة الشعبية في التغيير من أجل العودة الفعالة في أفضل الظروف إلى المادة السابعة من الدستور.
ولتحقيق هذه الغاية، يرى الكاتب أن فترة انتقال ديناميكية ستكون ضرورية، كما أن إشراك جميع القوى السياسية والاجتماعية أمر لا مفر منه.
وختم الموقع بأن العودة لصناديق الاقتراع يجب أن تتم في أفضل ظروف من الحرية والشفافية ووضوح الهدف المراد تحقيقه، وهو “بناء نظام سياسي ديمقراطي يجعل المواطن أول حام للأمن والاستقرار في بلده، ليبقى مواطنا حرا وسعيدا في جزائره”.