طريق الثورة السودانية المسدود بين تعنت الثوار وإجرام العسكر
هوية بريس – مصطفى الحسناوي
يبدو أن تعليمات وإملاءات ودروس، السيسي وآل سعود وآل زايد، وجدت طريقها للتنزيل على أرض السودان، سيتم حرق المعتصمين أحياء اتباعا لسنة السيسي، سيحاول العسكر إظهار أنهم تلاميذ نجباء، لكي يفوزوا بالجائزة، دعما خليجيا سخيا، بعد أن طردوا وسائل الإعلام، لكي يستفرد بالمدنيين العزل.
الصراحة أني كنت ضد استمرار الاعتصام، وكنت مع أي حل كيفما كان، خاصة حين عرض المجلس العسكري الانتقالي، السماح للمحتجين بتشكيل حكومة لإدارة البلاد مع الاحتفاظ بالسلطة خلال فترة انتقالية.
صرح العديد من رموز الحراك، أنهم وصلوا لاتفاق مع العسكر، وأنه بقيت بعض النقط القليلة عالقة، بعضهم قال اتفقنا في تسعين بالمائة.
طيب اتفقتم في تسعين بالمائة ماذا تريدون إذن؟ كان واضحا أن العسكر يحاول أن يتصيد الأخطاء ويكسب الوقت، لذلك تمنينا أن لو قطع الحراك الطريق بقبول الاتفاق، حتى لو كان ناقصا، لتجنيب البلاد حمام دم، أو ثورة مضادة، تجهز على كل المكتسبات.
القبول بالحد الأدنى للمكاسب والمطالب، مع الاستمرار في النضال من داخل المؤسسات، وإصدار عفو شامل على رؤوس النظام، وإظهار حسن النوايا، هو الخيار الذي لايلتفت له المحتجون والثوار في فورة حماسهم وهيجانهم، الكل يريد أن يمحي النظام السابق ويقتلعه من جذوره، ويتعنت في مطالبه، ويرفع سقفها لحد تعجيزي، ويتوعد المسؤولين والسياسيين بالانتقام والذبح والسلخ والسحل، لا أحد يكتفي بالتقدم خطوة صغيرة على أرض الواقع، عوض وهم التقدم كيلومترات في الخيال، لا أحد مستعد للتنازل عن سلطته ومصالحه درجة واحدة، عوض الدخول ببلاده في نفق مظلم.
كان من الممكن تجنيب السودان ما رأيناه اليوم، لو أن قوى التغيير قبلت ماطرحه المجلس العسكري، وكان على العسكر لو كانوا وطنيين أحرارا، أن يقدموا مصلحة شعبهم، عوض التبعية لسيسي مصر وآل دعشان الخليجيين، الذين يريدون تدمير السودان، وتحويله لساحة حرب، كما فعلوا ويفعلون في مناطق عديدة.
الغريب أني قرأت مقالا لأحد السودانيين، يرد فيه على مقال للمصري جمال سلطان، الذي دعا فيه السودانيين، للاستفادة من دروس الثورة المصرية، وتجنب أخطائها. فما كان من الكاتب السوداني إلا أن بدأ بإعطاء دروس التميز والخصوصية السودانية، وأن أهل مكة أدرى بشعابها، وأن العسكر السوداني، متخلق ووطني، وشباب العسكر محافظ ومتخلق، ولايمكن أن يقابل شعبه بالعنف، وأن على من يريد أن يتحدث عن السودان، أن يميز هذه الفروقات ويعلم هذه التفاصيل.
هذه العقليات الثورية المتحجرة والمتحمسة والحالمة، مع وجود جيوش داعشية، وقوى أمنية داعشية، وأجهزة مخابرات داعشية، لا تؤمن سوى بالقتل والقمع، هي سبب فشل كل حركات التغيير في عالمنا العربي.
متى كانت حسن النوايا تنفع …الثورة كالدراجة إذا توقفت تسقط …العسكر الذي يستعمل السلاح ضد المدنيين يؤكد أن نيته كانت التحايل ….وليس التفاوض…