د. إياد قنيبي يكتب عن ابنته المتوفاة: سارة وسلسلتها التي لم تكتمل
هوية بريس – د. إياد قنيبي
كثيرون يسألونني ويسألون أم سارة: (ماذا حصل؟! سارة طلعت في حلقتها عن الهدف من الحياة وما كان فيها شيء! كيف توفيت هكذا بهذه السرعة؟!)
سأحدثكم عن هذه البنت التي استطاعت أن تقنعكم أنها (ما فيها شيء)!
سجلت سارة حلقتين من سلسلتها (الهدف من الحياة) قبل أسبوع من نشر الحلقة الأولى، وبَدَأَتْ تعمل لهما مونتاج بنفسها.
يوم سجلت الحلقتين، كانت هذه البنت التي ظهرت بابتسامتها وكأنها (ما فيها شيء) قد خرج جسدها المنهك من عشرين جلسة علاج بالأدوية الكيماوية، وخمسة عشر جلسة علاج بالأشعة، وثلاث عمليات جراحية..
ومع هذا كان السرطان قد تغلب على هذا كله واستشرى في رجلها وعظامها وغددها الليمفاوية ورئتيها…وكان سرطانها يهجم عليها يوما بعد يوم بهبَّات من الحمى والآلام العامة..وبدأ نفَسها يضيق وتستخدم له البخاخات وجهاز الأكسجين.
كانت سارة تعلَمُ عن تقدُّم السرطان في جسدها ورئتيها، ومع ذلك كانت تسابق المرض مسابقة، تريد أن تتم سلسلتها (التي قدَّرْنا أنا وهي أنها تحتاج سبع حلقات تقريباً)، وتحلم في أن تَشْرع في غيرها!
يوم نَشْر الحلقة، كان نفَسها قد ضاق جداً، فأدخلناها المستشفى..
قلت لها: (سارة، ما رأيك أن نكتب في التقديم للحلقة: سارة لم يمنعها مرضها من أن تقدم رسائل إلى أبناء جيلها) حتى توصلي رسالة بهِمَّتك هذه؟…فقالت في رفض حاسم: (لا! إيش علاقة مرضي بالموضوع؟!) ..كانت قوية الشخصية لا تحب أبداً أن ينظر إليها أحد بشفقة.
استمر تفاقم المرض في المستشفى، ولم يعد بالإمكان أن تستغني عن كمامة الأكسجين..ومع ذلك كانت تدعو إلى ما قبل وفاتها بأيام: (يا رب نجحني في حلقاتي) !
هذه هي البنت المبتسمة التي ظن كثيرون أنها (ما فيها شيء).
على ضوء ما تقدم…شاهدوا حلقتها من جديد…وستجدون في ابتسامة سارة دروسا أبلغ من كلماتها !
رحمك الله يا حبيبتي.
انا لله و انا اليه راجعون…فعلا هذا الشبل من ذاك الأسد