ماذا بعد 8 مارس؟
مسرور المراكشي
هوية بريس – الثلاثاء 10 مارس 2015
في البداية نقول لكل نساء العالم وبكل اللغات: “امبارك عواشيركم يالعيالات” إنها مناسبة للوقوف على ما تحقق من مكتسبات للمرأة وما لم يتحقق، و الحقيقة أن المغرب يعد من بين الدول الإفريقية والعربية التي حققت فيها النساء مكتسبات هامة فيما يتعلق بحقوقهن، فهي ولجت كل ميادين الشغل مناصفة مع الرجل، وبقيت بعض الأمور التي تحتاج للمزيد من النقاش كـ”المساواة المطلقة وإشكالية الإرث”، وهذا المشكل مطروح على رجال القانون، وكذلك الجهاز التشريعي الذي يمثل الشعب؛
لكن الذي أحببت أن أشاركه مع القراء هو الجانب المعنوي في قضية المرأة، فالأمور المادية يمكن تداركها بسن قوانين، لكن قيمة المرأة وصيانة كرامتها من الامتهان، هنا يثور النقاش وقد يتحول إلى جدال حاد بين فريقين الأول يعتبر الأنثى مجرد وعاء لتفريخ الذرية، والثاني يعتبرها مجرد آلة لا روح فيها مهمتها إنتاج الثروة فقط، والواقع أن كلا الفريقين خاطئ في تقيمه للمرأة، فالله الذي خلق الذكر والأنثى من نفس واحدة، حمل كل واحد منهما ما يطيق من التكاليف، ولم يفرق بينهما في الأجر والثواب حسب عمل كل من هما دون تميز.
لقد أصبحت المرأة اليوم وبحكم تغلب الطرح الغربي المادي، الذي يملك وسائل التأثير على أذواق الناس مجرد كائن “جميل”، يمكن استغلاله في كل شيء يذر دخلا ماديا على الأفراد والشركات، ولتذهب كل الاعتبارات الأخلاقية إلى الجحيم حسب منطقه ، لهذا فهو يستخدم ترسانته الإعلامية للهجوم على ثقافة الشعوب المخالفة لنظرته الفلسفية نحو المرأة، إذن فكل من خالفهم يعد رجعيا ظلاميا ماضويا ولا ينتمي لثقافة هذا العصر، فهذه النظرة المتعجرفة والمتعالية للغرب جعلت العالم الثالث مجرد شاهد زور في كل المؤتمرات التي تناقش أوضاع المرأة القانونية عبر العالم، فمؤتمر بكين المثير للجدل وضع خطة طريق يجب على العالم الامتثال لها دون تعديل، إنها أقرب إلى الإملاءات الاستعمارية على الدول المنهزمة، من كونها نقاش حربين جميع الدول المشاركة في هذه المؤتمرات دون تميز، وخاصة دول العالم الثالث والتي تعد مجرد سوق تروج فبها بضائع الغرب الفاسدة” مادية ومعنوية”، لهذا فاحتفال 8 من مارس يعد مناسبة لهذه الدول “العظمى” لتوبيخ الدول “الصغرى” على تقصيرها في تطبيق ما تبقى من توصيات مؤتمرات “المنتصرين”. لقد أصبحت هذه التوصيات نصوص من كتاب “مقدس” لا يأتيها الباطل، لهذا فلا أنتظر من الدول الغنية الاستماع لما يقوله العالم الثالث المغلوب على أمره، وخاصة فيما يتعلق بشرح ثقافاتهم المختلفة عن الغرب، فهناك منطق الغالب والمغلوب طبق دون “تحفظ” حتى لو تعلق الأمر بالدين، لقد تركلنا رب العزة حرية الاختيار بين الإيمان والكفر، لكن ـ”البيكينيون”ـ نسبة لمؤتمر “بيكين” حرمونا من نعمة الاختيار.
لقد استطاع الغرب فرض ثقافة “ملكة الجمال” على العالم، وقد أصبحت عندنا الآن ملكة “الثلج” والحمد لله، ومن يدري فهناك مناطق في بلادي لا يسقط فيها لا ثلج ولا مطر إلا ناذرا، فقد تكون هناك ملكة جمال “الجفاف والقحط”، لهذا فالغرب يعتبر القوى وحده يحق له العيش والاستفادة، وبما أن ملكة جمال العالم أو الدولة تفوقت على سواها من المتباريات، فهي وحدها تكون محط أنظار العالم، فتقدم لها العروض تلوى العروض من أجل الاستفادة من “جمالها” قبل أن يذبل ويذهب ، والمرأة المتوسطة الجمال أو القليلة الجمال نسبيا فهي تهمش ولا يلتفت لها أحد، وحظوظها في إيجاد فرصة شغل تصون كرامتها جد ضعيفة إن لم نقل منعدمة، لهذا فنصائح إحدى المغنيات “الشعبيات” التي تقول: “..اعطيني صاكي باغا انماكي..” جذيرة بالإتباع لمن أرادت “الشغل”، إذن فأين هي المساواة حتى بين النساء ناهيك عن الرجال؟ إن الذي يتباكى عن حقوق المرأة أهمس في أدنه وأقول له : أنظر إلى الإعلام بشقيه المكتوب والمرئي، فـ70% من النساء تشكل مادته الإشهارية، ولاحظ صفحات المجلات تجد نساء شبه عاريا هذه تدعوك لتذوق “الأيسكريم وأخرى تعرض عليك سجارة فاخرة.. وكذا في ترويج المنتجات عبر شاشات التلفاز حدث ولا حرج، فاستغلال الأنوثة وشكل المرأة “الجميلة” يعد طريقة مقبولة لترويج البضائع، كما أن الدول الأوروبية توجد بها الكثير من دور الدعارة المقننة، التي تؤدي ضرائب لهذه الدول مقابل “الخدمة” التي تقدمها للجمهور، إنني أعتبر هذا لون من ألوان “الرقيق الأبيض” فهم لازالوا يستعبدون المرأة، إن الاستعمار الفرنسي هو الذي شجع دور الدعارة في فترت احتلاله ورعاها بعد خروجه، واعتبر الدول التي تتساهل مع محترفي هذا الميدان من الدول “المتسامحة. والديمقراطية!!!”.
أبالمعطي أش كتعرف على 8 مارس؟ هذ اليوم أولدي جاء بعد 7 مارس أو قبل من 9 مارس.