هكذا تناولت الجزيرة الانتقادات التي وجهها بنكيران لحزب العدالة والتنمية
هوية بريس-متابعة
“عندما علمت بالقرار فكرت كثيرا في مغادرة الحزب، حيث إنني لم أعد أشعر بأنه يشرفني الانتماء لحزب تتخذ أمانته العامة هذا القرار”، بهذه الكلمات خاطب عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية السابق الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية رفاقه في الحزب بأوصاف غير مسبوقة على خلفية قضية “فرنسة التعليم”.
الخطاب الغاضب -الذي استخدم فيه بنكيران كلمات وصفت بالقوية- جاء على إثر تصويت نواب العدالة والتنمية بالامتناع خلال موافقة لجنة برلمانية في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) مؤخرا بالأغلبية على مشروع قانون لإصلاح التعليم يسمح أحد بنوده بتدريس بعض المواد باللغة الفرنسية.
وبالمخالفة لقرار الأمانة العامة للحزب صوت عضوان اثنان فقط برفض مشروع القانون، هما المقرئ الإدريسي أبو زيد ومحمد العثماني، ويتوقع أن تتخذ في حقهما إجراءات تأديبية.
ولام بنكيران أعضاء الحزب على عدم التصويت بالرفض، حيث فضلوا الاكتفاء بالامتناع عن التصويت، مما سمح للجنة بتمرير مشروع القانون، موضحا أنه عاش “ليلة من أسوأ الليالي” عندما سمع بما جرى، وأنه يعتبر هذه الخطوة أول خطأ جسيم يرتكبه الحزب منذ دخوله دوامة التدبير الحكومي عام 2011.
وصوت لصالح المادة الثانية نواب الأغلبية الحكومية باستثناء الكتلة النيابية للعدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي)، وصوت بنعم أيضا على هذه المادة نواب الأصالة والمعاصرة (معارض)، وامتنع عن التصويت نواب حزبي العدالة والتنمية، والاستقلال (معارضة).
وتنص المادة الثانية من قانون إصلاح التعليم على “اعتماد التناوب اللغوي، وذلك بتدريس بعض المواد -خصوصا العلمية والتقنية منها- أو أجزاء بعض المواد بلغة أو بلغات أجنبية”.
أضحوكة الزمان
ووصف بنكيران ما جرى بأنه “أضحوكة الزمان” وبـ”الفضيحة”، إذ كيف “لحزب بمرجعية إسلامية أن يتخلى عن العربية في التعليم ويحل محلها لغة الاستعمار؟ هذه فضيحة” على حد تعبيره.
وتعليقا على حديث بعض قيادات الحزب عن وجود ضغوط قوية مورست على الحزب للقبول بتمرير مشروع القانون بعدم التصويت برفضه، وهو ما كان من شأنه إسقاطه، أعلن بنكيران أن العمل السياسي مليء بالضغوط المختلفة بغرض إجبار طرف ما على تقديم تنازلات، لكنه أكد أن التنازل ضمن التقديرات السياسية أمر ممكن بشرط ألا يمس المبادئ.
وضرب على ذلك مثلا بالضغوط التي مورست على التنظيم بعد تفجيرات 16 ماي 2003 الإرهابية التي ضربت الدار البيضاء المغربية، حيث طلبت الدولة من الحزب التخلي عن المرجعية الإسلامية، فرفض وإن كان قبل بتنازلات سياسية كعدم الترشح في كل الدوائر الانتخابية مثلا في الانتخابات البلدية لاحقا.
وقال بنكيران “نحن لسنا من الناس الذين يظهرون ولاءهم للملكية بشدة الانحناء”، موضحا أن الحزب وقف مع البلد وقت الشدة كما حدث عقب اندلاع الربيع العربي عندما رفض هو وجل قيادات الحزب أن يشارك الحزب في احتجاجات 20 فبراير 2011 حفاظا على الملكية وعلى أمن البلاد واستقرارها، حيث أقدم الملك محمد السادس في مارس من العام نفسه على اتخاذ خطوات إصلاحية بارزة، أهمها تعديل الدستور ومنح رئيس الحكومة صلاحيات مهمة، إلى جانب مكاسب حقوقية وسياسية أخرى.
لا شرعية
وخاطب بنكيران رفاقه في الحزب بقوله إنهم عندما يمررون مشروع القانون في جلسة البرلمان العامة لن يبقى لهم أي مبرر للبقاء في الحكومة، لأن الشرعية التي حصلوا عليها بفضل أصوات الناخبين انتهت بالتخلي عن المبدأ.
وبعد المصادقة عليه داخل لجنة مجلس النواب، ينتظر أن يعرض مشروع القانون للمناقشة والتصويت عليه في جلسة عامة للبرلمان تعقد لاحقا.
واتهم بنكيران رفاقه بتجاوز المؤسسات بعدم رفض مشروع القانون، حيث كان عليهم الرجوع إلى المؤتمر الوطني للحزب، لأنه هو من وضع مبادئ الحزب وبينها اللغة العربية، وبالتالي فهو من له صلاحية تغيير تلك المبادئ وليس الأمانة العامة للتنظيم.
واعتبر بنكيران مشروع القرار “كارثة على التعليم العمومي في المغرب”، مؤكدا أن تدريس اللغات الحية مطلوب وضروري لكن ليس على حساب العربية.
وقال إن نضالات علماء وزعماء سياسيين بارزين لتقوية عناصر الهوية الوطنية وإفشال مخططات الاستعمار الفرنسي باتت في مهب الريح، بسبب استبدال الفرنسية باللغة العربية في تدريس المواد العلمية، وقد تليها مواد أخرى.
وقد أثارت تصريحات بنكيران ردة فعل قوية داخل العدالة والتنمية ووسط خصومه السياسيين، وما لبث الأمين العام الحالي للحزب ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني أن أدلى بتصريح اعتبر ردا على ما قاله بنكيران ذكر فيه أن الحزب هو حزب مؤسسات وليس أفرادا.
كما أكد العثماني أن العدالة والتنمية “حزب مبني على مبادئ ومرجعية واضحة، وسيبقى دائما وفيا لمبادئه وتوجهاته المسطرة في قوانينه الوطنية بمفهومها الشامل والملكية”.
وأشار إلى تشبثهم بتلك المبادئ والعض “عليها بالنواجذ، وسندافع عنها بطريقة مستميتة”.