“هولوكوست مراكش”.. متى ينتهي ابتزاز الصهيونية للدولة المغربية؟
هوية بريس – إبراهيم الطالب
اعتبرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية هدم سلطات الدولة المغربية للنصب الخاص بالهولوكوست “جريمةً معادية للسامية”، وطبيعي أن تدافع هذه الصحيفة الصهيونية الكبرى في الكيان الصهيوني عن المنظمة الألمانية، الصهيونية العقيدة، الماسونية التوجه، “بيكسل هيلبر” (Pixel HELPER) التي يبدو أنها قلدت دولة الكيان الصهيوني في منهجية احتلالها لفلسطين، فاحتلت بدورها هكتارات في ضواحي مراكش، لتُلحقها بما استولت عليه من أوقاف المغاربة في القدس وفلسطين.
ومعلوم لدى العالم بأسره أن تهمة “معاداة السامية” هي التهمة الجاهزة التي استطاعت الصهيونية تثبيتها، بالضغط والابتزاز والاختراق، في النظم القانونية لكافة الدول الأوربية وأمريكا، تكمم بها أفواه السياسيين والباحثين، وكل المعارضين للسياسة الإجرامية لدولة الصهاينة في فلسطين المحتلة.
هي تهمة بمثابة السكين الذي يذبح كل معارض لجرائم الكيان الصهيوني، مناهض للإبادات التي يقترفها المستوطنون والجيشُ الإرهابي ضد النساء والأطفال والعجائز من إخواننا الفلسطينيين.
تهمة “معاداة السامية” ليست تهمة توجه لمن اقترف مخالفات قانونية نتج عنها الإضرار بمصالح الدولة أو بمصالح المواطنين في الغرب، بل هي محاكمة للبحث العلمي، هي مصادرة لحرية التعبير ومنع لأي انتقاد لسلوك إجرامي لطائفة معينة.
هي ترجمة صهيونية لفهم خاص لكلمة “شعب الله المختار”، فهْم موغل في العنصرية، فما دام اليهود هم شعب الله المختار فوجب على كل الآدميين القبول بكل ما يقترفونه في حقهم من اغتصاب للأرض، وقتل للأبرياء، وهدم لمنازل الناس، واعتقال للأطفال والنساء، وفرض لعقوبات جماعية.
مفهوم “شعب الله المختار” الذي تُرْجم قانونيا إلى نصوص جنائية تجرم أي فعل يفهم منه ولو بشكل تعسفي أنه “معاداة للسامية”، هو المتراس الذي تغتال من ورائه الصهيونية أعداءها؛ ففي سنة 1998م أدانت محكمة فرنسية روجيه جارودي (1913- 2012) بتهمة التشكيك في الهولوكست في كتابه “الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل”، حيث شكك في الأرقام المنفوخة التي روجها الإعلام الصهيوني، حول ما سمي إبادةً ليهود أوروبا في غرف للغاز على أيدي الألمان.
جارودي الفيلسوف الفرنسي والسياسي المشاكس والباحث والمفكر الذي لم يكن يَغيب شخصه ولا اسمه عن الشاشات التلفازية ومراكز البحث وأعمدة المجلات والصحف الفرنسية، يحاكم ويَصدر ضده حكم بالسجن لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ؛ وتُقاطعه كل وسائل الإعلام ودُور النشر التي كانت تتهافت على إنتاجاته، وذلك بأمر من المنظمات الماسونية المتحكمة في الإعلام والثقافة والفكر.
نفس الأمر يجري هذه الأيام مع البرلمانية المسلمة في الكونغريس الأمريكي “إلهان عمر” التي تجرأت وانتقدت الدعم المفرط الذي تقدمه أمريكا لدولة الصهاينة، وعندما سألها أحد مستخدمي “تويتر” مَن تعتقد أنه يدفع الأموال للسياسيين الأمريكيين ليؤيدوا “إسرائيل”، ردت اللاجئة الصومالية السابقة في كلمة واحدة على تويتر: “إيباك”، واسمها الكامل: لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية.
فمنذ ذلك الحين تعرضت لكل صنوف الاغتيال المعنوي عبر الجرائد والتلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي حتى تابت وأعلنت توبتها بنشر بيان تعترف فيه بأن معاداة السامية “أمر حقيقي”، وتعرب عن امتنانها لزملائها: “الذين يثقفونني حول التاريخ المؤلم للاستعارات اللغوية المتعلقة بمعاداة السامية” حسب كلامها.
إذن، باعتبار قصتَيْ روجيه جارودي وإلهان عمر -وأمثالُهما كثر- يمكننا أن نفهم كلام صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية واتهامها للدولة المغربية بأنها قامت بارتكاب جريمة “معاداة السامية”.
إلا أن ضغط الصهيونية بصحافتها وقنواتها السرية وتحرشها بالدولة المغربية، ليس وليد الساعة، وليس وليد رد الفعل على هدم السلطات لهولوكست مراكش، إذ يخبرنا مؤرخ المملكة الأسبق البحاثة المتفنن عبد الوهاب بنمنصور عند تقديمه للوثيقة(*) رقم 1037 من الجزء الثامن من “الوثائق” حيث قال رحمه الله:
“عندما استعرت الحملة الإعلامية المغرضة في الصحف الأجنبية ضد المغرب، لفائدة اليهود المغاربة بإيعاز من المنظمات اليهودية العالمية، تأثر الرأي العام الأوربي بذلك ومنه الكنيسة الكاثوليكية بروما وعلى رأسها البابا ليون الثالث عشر، الذي انساق مع الدعايات والتحريضات التي كانت رائجة آنذاك عن المعاملات السيئة التي قيل إن اليهود كانوا يتعرضون لها بدون مبرر، فاعتقد أن المسيحيين -رغم عدم وجود رعايا مغاربة نصارى- مضطهدون مثلهم.
وجهت السلطات البابوية كتابا إلى الإمبراطورة النمسوية -بوصفها أكبر دولة كاثوليكية إذذاك بأروبا- طالبة منها أن تسعى لكي يصدر المؤتمر المزمع عقده بمدريد(1880م) للنظر في مسألة الحماية القنصلية بالمغرب “اقتراحا يهدف إلى ترسيخ حرية الاعتقاد لجميع سكان المغرب شبيهة بالتي قبلها مؤتمر برلين لصالح رعايا الباب العالي”.اهـ.
هكذا إذن يتم الضغط الهائل في الصحافة الدولية، ويستغله اليهود والنصارى في المفاوضات الاستخباراتية والمساومات السياسية من أجل ضمان وجود قوي لهم في بلدنا.
لا يشك عاقل اليوم بأن اللوبيات الصهيونية والماسونية استطاعت خلال القرنين الماضيين أن تتغلغل في أنظمة الحكم في دول العالم الجديد؛ بعد سيطرتها على الرأسمال الدولي ومصادر الثروة.
هذه القوة الدولية للصهاينة تستعملها في ابتزاز الدول الإسلامية الضعيفة؛ وهي التي تفسر عدم استعداد الدولة المغربية لمواجهة هذا الاختراق للوطن والانتهاك الصارخ لسيادة الدولة، في قضية “هولوكوست مراكش”، وتفضيل الاكتفاء بتفعيل المساطر والإجراءات القانونية العادية دون إعطاء الموضوع بعده الهوياتي والأمني الحقيقي.
إن هذا الالتباس الذي يلف قضية “هولوكست مراكش” يثبت أن الدولة تعيش تحت ضغط خارجي تمارسه المنظمات الصهيونية ومؤسساتها الإعلامية، ويشهد لهذا الضغط أن أمرا بليغ الخطورة مثل هذا، يُتعامل معه بالهدم الجزئي كأنه يتعلق بغرفة بنيت فوق سطح بيت في درب من دروب حي سيدي يوسف بن علي؛ إذ لم يجرؤ مسؤول أو جهة رسمية أن تحقق في الأمر وتحمل المسؤولية لمن تواطأ وباع هوية المغرب وسيادة الدولة وشارك في هذه الجريمة النكراء.
هذا التعامل الملتبس يجعلنا نوقن بأن قصة مشروع نصب الهولوكوست لن تنتهي بالهدم “الجزئي” وسيكون لها ما بعدها.
ومما يزيد الملف التباسا وخطورة هو هذا التناقض المريب بين الجهات اليهودية الرسمية، ففي الوقت الذي صرح فيه رئيس الطائفة اليهودية بمراكش “جاكي كوديتش” أن المشرف على هذا المشروع لم يتواصل معنا نحن ممثلي اليهود في المغرب ولم يخبرنا بشيء”، معقبا بعد ذلك بقوله “نحن لا نعلم نية هذا الشخص ولا المنظمة التي قامت بهذا المشروع”.
نجد الصهيوني رئيس المنظمة التي قامت بهذا الإجرام يرد بكل صراحة ويتكلم بكل قوة، ويسفه كل إجراء أو انتقاد، بحيث يعطي الانطباع للمغاربة والمتتبعين أنه ندٌّ للدولة، وأنه قادر على إرغامها على الانقياد لما يمليه، مستغلا علاقة الصهيونية بمراكز القرار في أمريكا والدول الأوربية، وحاجة المغرب لها في تدبير ملفات قضايانا الوطنية الكبرى؛ لذا فهو يصر على أن يمارس حالة مكشوفة من الابتزاز الفظيع المذل؛ ويضرب في كل اتجاه.
إن القوة التي يتكلم بها الصهيوني “بينكوفسكي” في رده على التصريحات المذكورة التي أدلى بها ممثل الطائفة اليهودية بمراكش، تخفي وراءها الكثير حيث قال: “إذا كان سيرج بيرديغو، الأمين العام لمجلس الطائفة اليهودية في المغرب، لا ينقل المعلومات لجاكي كوديتش فهذا ليس خطأنا”، واستطرد قائلا: “لقد أحيط المستشار اليهودي للملك (في إشارة إلى المستشار الملكي أندري أزولاي) علما بمشروعنا، وتمت دعوته إليه”.
كلام الصهيوني هذا هو بمثابة قنبلة انشطارية ألقاها الخبيث في وجه الدولة المغربية، فهو يكتسي خطورة خاصة وتهديدا كبيرا، يجعلنا نتساءل: إذا كان فعلا “سيرج بيرديغو” كبير اليهود و”أندري أزولاي” اليهودي المستشار الملكي كلاهما يعلمان بالفعل الإجرامي للمنظمة الصهيونية وأستشيرا في الأمر، فهل كان عدم تحرك السلطات لمنع هذا الإجرام، بأمر منهما أو بتدخل منهما؟
فالصهيوني بهذا إما أنه اعتبر ذلك غطاء سلطويا يعطيه الضوء الأخضر لفعل ما يشاء في المغرب ودون رقيب، أو أنه استغل نفوذهما لدى السلطات المحلية والإدارات المعنية.
هذه الأسئلة تحتاج أجوبة حتى لا تفقد الدولة قوتها في نفوس شعبها، نحتاج إلى بيانِ توضيح.
نعلم أن الأمر معقد بالنسبة للدولة لكن، إن كانت الدولة لها حساباتها السياسية ولها ضروراتها التي تجعلها تتغاضى عن كثير من الأمور، فإن العلماء والمثقفين والمفكرين والسياسيين النزهاء يجب أن يلعبوا دورهم في حماية أمن البلاد وصيانة ثقافتنا والحفاظ على هويتنا من أن تعبث بها الأيادي القذرة الملوثة بدماء الأطفال والنساء.
فكيف يليق المزيد من السكوت وهذا الصهيوني يزيد في إذلال الدولة وإحراجها بتصريحاته المستفزة عندما قال: “لقد كنا نرسل معلومات عن المشروع إلى جميع السفارات المغربية حول العالم، وقبل انطلاقه أبلغت شخصيا السفارة المغربية في برلين عن جميع المشاريع المخطط لها”.
فهل بعد هذا يمكن أن نطمئن لعمل المنظمات الأجنبية في المغرب؟؟
إن على المغاربة جميعا وخصوصا جمعيات “المجتمع المدني”، أن تلعب دورها في حماية البلاد من هذا العدوان الخارجي، ولا بد للدولة من أن تفعّل دورها هذا وتعطيها مزيدا من فرص للتوعية بالأخطار المحدقة بالبلاد.
فهل ستترك المنظمات الصهيونية هذا الأمر وترضى بالهزيمة؟؟
وهل ستقوم الدولة بدورها في حماية البلاد وصيانة تاريخ المغاربة وثقافتهم وهويتهم؟؟
نحن لا نشك في ذلك، لكن هذا لن يكون إلا إذا وجدت الصهيونية المتغلغلة في المغرب ممانعة شعبية تقودها النخب السياسية والثقافية والدينية.
كل هذا يفرض على كل غيور أن يستيقظ ويستفز كل حواسه، ويستوجبُ من كل مسؤول أن يشارك في حماية خصوصيتنا الدينية والثقافية، ويدافع عن هويتنا وتاريخنا، ورحم الله الفيلسوف المصري الكبير عبد الوهاب المسيري عندما قال: “لابد أن نتصدى للجهود المبذولة لتفتيت الهوية، فلا بد أن نبين لجماهيرنا أن الهجوم على الهويات، هو إحدى السمات الأساسية للنظام العالمي الجديد، وأن الهجوم على الهويات العربية هو إحدى البنود الأساسية في المخطط الاستعماري بالنسبة لعالمنا العربي، وأن نبين لهم ضرورة التمسك بالهوية وأنها ليست مجرد زخرف جميل، وإنما مكون أساسي من شخصيتنا القومية، وأن التنمية بدون تفعيل الهوية أمر مستحيل”.
فهل يفهم من يهمهم أمر تنمية المغرب أن جريمة بناء نصب الهولوكوست، في عاصمة المرابطين، التي كان يسمى المغرب باسمها هو طمس للهوية المغربية وتمكين لهيمنة الهوية الصهيونية عليها؟؟
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) الوثيقة تتعلق برسالة من وزير الخارجية النمسوي إلى سفير النمسا بإيطاليا، التي تضمنت التأكيد على ممارسة الضغط على الحكومة المغربية حتى تقبل بمسألة حرية التدين بالمغرب وذلك أمام أنظار مؤتمر مدريد 1880م.
المغرب مخترق على جميع المستويات من طرف الصهاينة،وهذا بإعتراف من منظماتهم الاستخبارية، وهذا الأمر موغل في القدم وليس وليد اليوم أو الأمس.فمحافل الماسونية منتشرة في كبريات مدننا،والمغاربة للأسف المنتمون اليها في تكاثر مستمر يحملون شعاراتها ويعلنون اشاراتها في السهرات والمنتديات،ولا يمكن أن نعتمد في محاربة هذه الٱفة الهدامة الا بتوعية الشباب بخطورة الأمر وتحصينهم بكل الوسائل من تبعاتها الهدامة للدين والهوية.ولن يتأتى هذا الا بأقلام المثقفين والغيورين على هذا البلد الطيب،الذي يراد به السوء وبتواطيء من بعض أبناء جلدتنا الذين فرطوا وباعوا كل شيء مقابل عرض الدنيا الفانية،وحسبنا الله ونعم الوكيل
صدقت يا شاهين و شكرا على ذكر الحقيقة. ما كان لكل هذا ان يحصل لو لم تجد الصهيونية و الماسونية و كل مخربي الغرب في المغرب الرسمي (كل السلطات العمومية) رخاوة فظيعة قابلة لكل اختراق في كل القطاعات.
ننتظر رد السيد سيرج برديغو ورد المستشار أندري أزولاي
ورد وزارة الخارجية – بحكم أن السفارات المغربية أعلمت بمشروع النصب – ، فلأمر يتعلق بكرامة و طن هوية وطن و استقلالية وطن .
هذا الوطن الذي ضحى و استشهد في سبيله آلاف المغاربة لكي نعيش نحن في أمن وأمان فمن الواجب علينا عدم التفريط في مكتسباتنا