ردود علمية وفكرية على تصريحات الشيخي حول “العلمانية” و”العلاقات بين الجنسين” (فيديو)
هوية بريس – إبراهيم الوزاني
أثارت تصريحات للأستاذ عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، حول “العلاقات بين الجنسين” و”موقف العلمانية من الدين”، جدلا وصل إلى حد الرد عليه من داخل الحركة نفسها، وقد استغرب عدد من المعلقين والمتتبعين أن تصدر مثل هاته التصريحات عن رئيس حركة دعوية إسلامية.
ذ.عبد الرحيم الشيخي خلال مداخلة له، في ندوة علمية نظمتها الحركة بنادي المحامين أمس الجمعة 11 أكتوبر 2019، تحت عنوان: جدل الحريات الفردية في المجتمعات الإسلامية، انطلاقا من قراءة في كتاب “الحريات الفردية تأصيلا وتطبيقا” للدكتور الحسين الموس، قال: بأن “العلاقات بين الشباب اليوم موجودة (كان يرفضها المجتمع بالأمس)، ما هي العلاقات خارج إطار الزواج؟ تبدأ من السلام إلى المصافحة إلى إلى.. إلى القبل إلى المجرم شرعا والمجرم قانونا إلى العلاقة الجنسية، وهي الزنا، ما دون ذلك لا أعتبره جريمة، بالتالي يجب أن يكون فيه الوضوح”، مضيفا “الكل يربط علاقات، الإسلاميون وغير المتدينين يختلف مستوى درجتها من إلى”.
وأكد الشيخي في تعقيب له على أحد المتدخلين أن “جزء كبيرا من العلمانيين دافعوا عن العلمانية حفاظا عن الدين، لأن الدين كانت تتسلط عليه جهات تستغله لقهر الشعوب فأرادوا أن يخلصوه لا من سلطة الدولة ولا من سلطة المجتمع، واعتبروه بين الإنسان وربه”، مردفا “أن العلمانية الفرنسية نموذج العلمانية المتشددة والمتطرفة والمتغولة على الأفراد وعلى الدين، أما هناك نماذج من العلمانية التي تقترب من المفهوم الإسلامي في التمييز بين المجالات والفضاءات”.
أول متفاعل مع تصريحات الشيخي، كان العضو البارز في الحركة د. محمد بولوز حيث قال في مقالة له بعنون “ليس المحرم هو الجنس فقط خارج الزواج وإنما مقدماته وممهداته أيضا“: “ما يسمح به في إطار شريعتنا بين الرجل والمرأة الأجنبيين عن بعضهما هو الكلام بالمعروف عند الحاجة في المكان المفتوح أمام الناس، في غير خلوة ولا ريبة ولا شهوة، ومن غير تماس ولا تقارب أنفاس ولا مصافحة ولا ما فوق ذلك، إلى بلوغ الجماع”.
وتحت عنوان هامشي “تحريم اتخاذ الأخدان“، أضاف د. بولوز “فتحرم الصداقة التي يقصد بها استمتاع بعضهم ببعض من غير عقد شرعي وما سماه كتاب الله اتخاذ الأخدان، قال الله تعالى: (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) (النساء25)”.
وتابع تحت عنوان “تحريم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبيين“: “ومن ذلك تحريم الخلوة أخرج الترمذي وأحمد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان“، وصححه ابن حبان والحاكم.
قال المناوي: (إلا كان الشيطان ثالثهما) بالوسوسة وتهييج الشهوة ورفع الحياء وتسويل المعصية حتى يجمع بينهما بالجماع أو فيما دونه من مقدماته التي توشك أن توقع فيه، والنهي للتحريم” اهـ، من “فيض القدير”.
أما “تحريم اللمس بغرض الشهوة ومقدمات الجماع”، فقال فيه: “وتحرم مقدمات الجماع من لمس واحتكاك وتلذذ بجسد الآخر، روى الطبراني والبيهقي ولفظه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له”.
مدير جريدتي “السبيل” و”هوية بريس”، ذ. إبراهيم الطالب، أكد على في مقال له بعنوان “الحركة الإسلامية.. الحاجة اليوم إلى تجديد المبادئ وليس التراجع عنها” على أن “الخطر الكامن وراء التقريب بين العلمانية والإسلام سينتج عنه حتما تآكل الحركات الإسلامية بكل تياراتها وسيكون خطره فظيعا على الأمة”.
وأضاف بأن الأحداث “تطورت وتطور معها كل شيء ووصلت الجماعات والأحزاب إلى سدة الحكم، في سياق تاريخي ملتبس، تعرضت خلاله إلى انقلابات مضادة أو تحرشات دولية وإقليمية جعلتها تتراجع سياسيا، لكن يبدو أن التراجعات لم تقف عند التكتيكات السياسية، بل استتبعت تراجعات فكرية، بدأنا نرى بوادرها في خرجات الأستاذ العثماني ثم ماء العينين ثم الأستاذ الشيخي بالأمس”.
بدوره وجه الشيخ حماد القباج، “نصيحة أخوية للحركات الإسلامية”، وكتب في صفحته على فيسبوك، تفاعلا مع الموضوع، وتحت عنوان “نقطة نظام في نقاش الحريات الفردية”:
“أرى أن المطلوب من قيادات وأبناء الحركات والتيارات الإسلامية: التحلي بقدر أكبر من الفطنة والنباهة وأن لا يدخلوا هذا النقاش بخلفية ملتبسة تفرض مراجعات أو تراجعات في غير محلها”.
وأضاف رئيس منتدى إحياء للتنمية الأخلاقية والفكرية “لسنا مضطرين للانجرار إلى ساحة الخصم، ولسنا مضطرين للتعبير عن مراجعات في سياق ملتبس بل مفخخ.. علينا أن نتحلى بالاستبصار والتؤدة، ونهيئ الأجواء لنقاش وتناصح وتشاور تتلاقح فيه الآراء لتنضج دون أن تحترق بنار يؤججها عدو المرجعية الإسلامية”.
وختم القباج تدوينة له على الفيسبوك بقوله “يا أبناء الحركة الإسلامية: لقد تعرضتم في المدافعة التي فرضها ما سمي بالربيع العربي؛ إلى ضربات قاسية.. ومخططات فاشية.. تنقص من أهليتكم لإنتاج خطاب يجلي سمو المرجعية الإسلامية.. ويرسخ اليقين في ربانية مصدرها وكمال صلاحيتها..
داووا جراحكم وواسوا ضحاياكم واستجمعوا أنفسكم.. ورصوا صفوفكم في جبهات التدافع المفروضة عليكم.. ولا تفتحوا جبهات أخرى تعمق جراحكم وتزيد نزيفكم واستنزافكم”اهـ.
كما كتب منير المرود، خريج دار الحديث الحسنية، في جدار حسابه على فيسبوك: “انتهى الكلام، ولم يعد للذين يحسنون الظن بهذه الحركات المخترقة أي مجال للترقيع والتماس الأعذار إلا إذا تم فصله عن الحركة.. رئيس حركة التوحيد والإصلاح: ما دون العلاقة الجنسية ليس فسادا!!”.
تجدر الإشارة إلى أن عضوين من المجلس العلمي العلى سبق وعبرا عن رأيهما الشخصي بخصوص النقاش الدائر حول الحريات الفردية، ودعوة بعض الأفراد والجمعيات إلى حرية الزنا واللواط ورفع التجريم عن الخيانة الزوجية.
حيث قال رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة، الدكتور مصطفى بنحمزة، بأن علماء المسلمين كانوا لا يتهربون من موضوع الحرية وبحثه، وأن الشريعة الإسلامية لها أحكام كثيرة تتعلق بالجسد، وخالق الجسد هو الذي يقنن ويبيِّن، ولا يحق للمسلم أن يتصرف في جسده كما يشاء.
الدكتور الحسين أيت سعيد، عضو المجلس العلمي الأعلى أعرب بدوره أنه لم يدور بخلد أحد منذ عشر سنوات فقط خلت أن يتحدث علنا في المغرب عن إباحة الشذوذ الجنسي -اللواط- وعن عدم تجريم زنا الزوج أو الزوجة الذي يصطلح عليه بالخيانة الزوجية تخفيفا لوطأته على القلوب وتمهيدا لاستساغته ظاهرة مقبولة معلنا بها لا تشكل أي حرج.
ليعقب بعد ذلك بأن البلد مستهدف ومن شأن العقلاء أن يتداركوا الأمر قبل استفحاله وفواته كما قال تعالى حاكيا عن نبي الله لوط: {أليس منكم رجل رشيد}.