رسائل نافعة في إطار جدل “الحريات الفردية”
هوية بريس – عبد الرحمن الزواكي
الرسالة 1
يجب أن نفهم هذا الجدل في موضوع ما يسمى بالحريات في إطاره الأوسع: يعني أن نربطه بالعقيدة و الإيمان، وذلك لأن الأمر وصل في أوطان مسلمة وبين منتسبين إلى الإسلام.. إلى فتح النقاش في القطعيات والبدهيات التي أجمعت عليها الآمة عبر تاريخها.. والسؤال هنا لكل سائر في هذا التيار وصارخ في هذه الجوقة، أخبرنا من فضلك: هل تؤمن معنا بأنك عبد مكلف له سيد يأمره وينهاه وهو الخالق، أم أنت تقول بقول ملاحدة الغرب والشرق بأن الإنسان هو إلاه نفسه وسيد مصيره والمقنن والمشرع لذاته؟! وهذا هو الفيصل في القضية…
الرسالة 2
من يجادل بأن الإنسان خلق حرا (متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)، وفضل بالتكريم: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، وفطر على الاعتزاز بنفسه والاعتداد بذاته، ولكن كل ذلك مرهون ومقيد في ديننا واعتقادنا بأنه خلق وركب على أساس أنه لا راحة لباله ولا طمئنينة لقلبه ولا استقامة لعيشه إلا بأن يكون عبدا لله خاضعا لمولاه سائرا على شريعته وإلا… إذا تحرر من ذلك فهو جحيم في الدنيا قبل الآخرة.. كماقال إمام بن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله: (في قلب كل إنسان اضطراب وتفرق وشعث لا يلمه ولا يجمعه إلا الإقبال على الله والخضوع لهو العبودية له).
الرسالة 3
ومن الفوضى والالتباس الذي تمرر من خلاله عظائم الأمور وقواصم الظهور..المصطلحات البراقة التي تلقى كالشبكة لصيد المخدوعين، وكسب المؤيدين.. وزاد الأمر ووصل إلى ما أسميه المصطلحات المناقضة!؟ مثلا عندنا في ديننا وعقيدتنا الإسلامية مصطلح محوري أساسي؛ نجده في أول نداء وأول أمر في المصحف الشريف {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}.
وفي تقرير الحكمة من الخلق {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وفي حصول الأمن الذي يفتقده العالم.. {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْـًٔا ۚ}.
وبقدر تحقق هذه العبودية تتحقق للإنسان الحرية الحقيقية.. وغير ذلك كذب وضلال وضياع..لكن جاءنا من الغرب المظلم مصطلح الحرية محملا بكل موبقاتهم، ولا معنى له عندهم إلا التحرر والتفلت من عبودية الله والثورة على شريعته.. فلما فعلوا ذلك وقعوا -كما تقول نظرية الفراغ التي لا ترحم-.. في عبودية كل ما دون الله من نفس وهوى وشيطان.. فعاشوا الشقاء والتحلل الانتحار.
ورحم الله من قال:
فروا من الرق=العبودية= الذي خلقوا له
فبلوا=عوقبوا=برق النفس والشيطان.
والحمد لله على نعمة الإسلام…
الرسالة 4
وهذا مصطلح آخر مناقض فقالوا: التصالح مع الذات.. ولا شك أن الذات هي النفس، ومعنى التصالح معها هو التناغم مع شهواتها والاستجابة لأهوائها والخضوع لنزواتها.. كأن الاستقامة والطهارة ونقاء الفطرة مخاصمة للنفس..
فجاء هؤلاء الذين انفلتوا من مدارهم العقدي وانجذبوا لفلك الغرب التائه.. جاؤونا بالسلام مع أنفسنا؛ فقط علينا أن نقول لها: أيتها النفس المقدسة مري وانهي فأنت الرب المطاع ولو كان في طاعتها خراب الدنيا وبوار الآخرة.
في ديننا وعقيدتنا أن النفوس ثلاثة.. نفس أمارة بالسوء فهذه عند هؤلاء هي مركز الكون.. ونفس لوامة تلوم صاحبها على فعل الشر وترك الخير فهذه عندهم تسكت وتقمع.. أما المطمئنة فهيهات.. فهل نتبعهم أم نحذو حذو نبينا الطاهر المطهر صلى الله عليه و سلم، الذي كان يكرر في خطبه ومجالسه: [ونعوذ بالله من شرور أنفسنا]، وكان يقول في ورد صباحه ومسائه المباركين: [أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه]، وكان بعض الصالحين يخاطب نفسه إذا قصرت: “يا مأوى كل سوء والله ما رضيتك لله طرفة عين”.
ولكن {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ}.