الشيخ عمر القزابري: السَّمَاءُ لاَ تُمْطِرُ ذَهَبًا وَلَا فِضَّة..!
هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام:
كلمةٌ تركها سيدنا الفاروق رضي الله عنه، وهي تصلُح لأن تكون عنوانا يؤثث حياة الناس، فهذا التصوُّر مِن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه،، هو تصورٌ حضارِي،، تصورٌ راقي،، يبيِّن أنَّ الدنيا لا تُؤخذ إلاَّ غِلابا،، وأنَّ ركبَ السَّادة،، لا يُدرك بِملازمةِ الوِسادة.. وأنَّ قوافلَ الأبطال ،،لا تدركُ الا بِمواجهةِ الأهوال،، وصفوفَ الكبار،، لا ينخرِط فيها إلا مَن جابهَ الأخطار،، فقُم مِن رقدتِك،، وتخلَّص من جِبال الكسل التي تُثقِل كتِفيك ،وقُم وواجهِ الدنيا،، وكنْ رجلا على الشَّدائد صلبا،،
لا تكن عاجزا مُتثاقلا مُتماوتا،، يميل الى الشَّكوى ،ويعشقُ إظهار البلوى، ، ويتظلَّم أمام الناس ليستجديَ عطفهم،،ويُميل إليه عِطفَهُم.. ولكنْ كُن مِقداما واقِفا، صاحبَ عزةٍ ونخوةٍ وكرامة،، فما أُعطي العبدُ بعد الإيمان، ،عطاء أعظمَ مِن عزة تمنعُه مِن أن يَسكُب ماءَ وجهِه عندَ أبوابِ النَّاس… فأطيبُ مِن العطر عَرقُك، المُتصبِّب نَتيجة سعيِك وكدِّك واجتهادك وعملك، فما أكل العبد طعاما،، أطيبَ مِن الذي يكون مِن كسبِ يده، ،لا ترم عجزك على الأقدار، ،كما قال الشاعر :
وعاجز الرأي مِضياعٌ لفرصته// حتى إذا فاته أمر عاتب القدرَا..
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذُ بالله من العجز والكسَل،، لأن العجز والكسل هما عنوانا الفشل،، والنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يبني في أفراد أمته قوة الإرادة، ،وشدة البأس،، وأن يكون في أمته رجالٌ يتحملون الأمانة،، بغايةِ الصيانة ، ويحملون الهمَّ بقوة الإرادة، ،ولا يعرفون الخنوع ولا الذلة،، ولا المسكنة،، لا يتذللون الا لله ،، فلذلك نجده صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث، ،يجتث من عقل المنتسبين كل ما من شأنه أن يفضي بهم الى الخَوَر وإلى الفشل، فنجده صلى الله عليه وسلم يقول( المؤمن القوي خير و أحب الى الله من المؤمن الضعيف) ونجده يقول صلى الله عليه وسلم (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خِماصا، وتروح بِطانا،، تغدو!! يعني هناك حركة، هناك سعي، هناك بحث عن الرزق،، ويقول صلى الله عليه وسلم (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده )ويقول صلى الله عليه وسلم (ما بعث الله نبيا الا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت؟ فقال: نعم كنت أرعاها على قراريط لاهل مكة، واشتغل صلى الله عليه وسلم في التجارة، فالذي لا يعمل بيديه ويعتمد في رزقه على سؤال الناس،، وعلى استجداء الناس يأتي يوم القيامة ولم تبقى في وجهه قطعة لحم،، فقد قال صلى الله عليه وسلم( ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم،، فالسعي السعي،، والوعي الوعي،، فإن الاستكانة.. مطية المهانة،، وإن التذلل سبب التحلل.. وإن الإخفاق، ،وليد عدم الانطلاق،، والله تعالى ما وهبك هذه الجوارح و ما أعطاك الفهم، وما مكنك إلا لتسعى في أرضه ،وتأكل من رزقه،، بشرفك،وعرقك، بعزتك، بكرامتك ، فإن الذي يعول على الناس شأنه شأن الذي يطلب الماء من الخَيْتَعور،، أفلم تسمع إلى ربك وهو يقول( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) ويقول تعالى( ربكم الذي ، يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله. إنه كان بكم رحيما،، فالتمسوا الرزق وابذلوا الأسباب واطرقوا الباب،، ولا تكونوا من الفشلة،، فإن مَن سعى ووعى،، وتعلق بالله باذلا الاسباب،، فتح الله له الباب،، ليلج الرحاب.. وينخرط في جملة الأحباب، الذين اعتمدوا على الله وتوكلوا عليه،، الله فهيأ لهم الله السبل،، وذللها لهم ،، وأغناهم وأعطاهم ،اما الذين يتخذون القعودَ مذهبا ، والفشل مركبا،، ويتذرعون بعدم وجود الفرص فهؤلاء يجب عليهم ان يجددوا توكلهم على الله،، وأن يسعوا ويجدُّوا..فإنهم إذا جدوا وجدوا ،، وإذا زرعوا حصدوا..والرزق لا يمنعه ظالم محتال..ولا جبار مختال. ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري..